الشغب في بريطانيا: رئيس الوزراء البريطاني يقول إن جيش من ضباط الشرطة مستعدون للانتشار إذا دعت الحاجة، بعد مظاهرات اليمين المتطرف
قال رئيس الوزراء البريطاني، سير كير ستارمر، إن “جيشاً” من ضباط الشرطة المتخصصين على أهبة الاستعداد، وجاهزون للانتشار حيثما دعت الحاجة.
وأضاف أن نظام العدالة الجنائية “يجري تعزيزه”، وسوف يعلنون أسماء المتهمين “في أقرب وقت ممكن”.
وقال سير كير عقب اجتماع مهم إن القانون الجنائي سينطبق على من يحرض على العنف عبر الإنترنت، هم مثل من شاركوا في الشغب شخصيا.
وأضاف: “مهما كان الدافع فإن ما حدث ليس احتجاجاً، بل عنفاً محضاً ولن نتسامح مع الهجمات”.
وعندما سُئل إن كان ينبغي استدعاء البرلمان في هذه المرحلة، قال: “لا، ينصب تركيزي الآن على التأكد من وقف هذه الفوضى، وسرعة تطبيق العقوبات الجنائية واتباعها، ولهذا السبب طلبت النظر في تحديد هوية وتسمية الضالعين في هذا الأمر في أقرب وقت ممكن، إذ قبض على العديد منهم، ووجهت اتهامات إلى بعضهم، وبعضهم في المحكمة الآن، ويحق لنا معرفة من هم، حتى يمكن تحديد هويتهم في أول فرصة”.
وقال إنه واثق من أن الإجراءات الجنائية يمكن أن تكون “سريعة” على الرغم من الضغوط على المحاكم وسعة السجون.
ورفض ستارمر الادعاء بوجود “نظام شرطة مزدوج”، يعد التعامل فيه مع الاحتجاجات اليمينية أكثر قسوة من الاحتجاجات اليسارية. وقال إن هناك فقط “نظام شرطة بدون خوف أو محاباة”.
“خوف شديد بين المسلمين”
ويقول نجبات رمضان من مسجد مدينة ميدلسبره إن بعض المسلمين يخشون الخروج من منازلهم في أعقاب الاحتجاجات العنيفة التي وقعت في نهاية الأسبوع.
فقد أُحرقت سيارات، وأُلقيت النيران على الشرطة، وحُطمت نوافذ المنازل والسيارات في المدينة بعد ظهر يوم الأحد. وتعرضت المساجد للهجوم، كما سُمعت عبارات معادية للإسلام في بعض الاحتجاجات.
وقال رمضان لبي بي سي نيوز إن كبار السن يخافون الآن من الذهاب إلى المسجد للصلاة، كما تخشى النساء اللاتي يرتدين الحجاب الخروج خشية استهدافهن.
ويضيف: “إن بعض البلطجية الأغبياء يتسببون في ذلك، ولكن نأمل ألا يستمر الأمر طويلا، وأن يعاملوا بالقانون على النحو اللائق”.
رعب بين موظفي الفندق”
يقول الأشخاص الذين كانوا داخل فندق هوليداي إن إكسبريس في روثرهام عندما هاجم الفندق مثيرو الشغب خلال عطلة نهاية الأسبوع إنهم اضطروا إلى دفع الثلاجات والأثاث الآخر وراء الباب لإنشاء حاجز مؤقت.
ويصف عامل فندق مرتجف، لم يرغب في الكشف عن هويته، التجربة بأنها “مرعبة تماما”.
ويقول رجل يعيش بالقرب من الفندق إن أي شخص يحاول تبرير العنف هو شخص “مثير للغضب جدا”.
وأضاف الرجل “إنهم شباب يثيرون الشغب ويحاولون إيجاد أي ذريعة لإثارة المشاكل. لا يوجد سبب لوجودهم هنا، إنهم يهدرون الحياة”.
ونقلت السلطات نحو 240 طالب لجوء كانوا يقيمون في الفندق بين عشية وضحاها، بعد اشتباكات بين الشرطة وحشد من مئات الأشخاص.
ماذا حدث؟
كانت الشرطة البريطانية قد اعتقلت أكثر من 90 شخصا، بعد أن تحولت مظاهرات نظمتها جماعات اليمين المتطرف إلى شغب، في مدن وبلدات في مختلف أنحاء بريطانيا السبت.
وكانت هناك اضطرابات في مدن هال، وليفربول، وبريستول، ومانشستر، وستوك أون ترينت، وبلاكبول، وبلفاست، حيث ألقيت عبوات حارقة ونهبت متاجر وهوجمت الشرطة في بعض الأماكن.
وخرجت مظاهرات أخرى أصغر في أماكن أخرى، لكنها لم تتحول إلى عنف.
وتعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بتقديم “الدعم الكامل” لقوات الشرطة، لاتخاذ إجراءات لمواجهة “المتطرفين” الذين يحاولون “زرع الكراهية”.
وتصاعدت التوترات بعد مقتل ثلاث فتيات صغيرات في حفل رقص في مدينة ساوثبورت، في مقاطعة ميرسيسايد، الاثنين الماضي.
ليفربول
وفي ليفربول، ألقي متظاهرون الطوب والزجاجات والألعاب النارية على الشرطة، وأصيب ضابط في رأسه عندما أُلقي عليه كرسي، ورٌكل آخر وأسقط عن دراجته النارية.
وواجه نحو ألف متظاهر مناهض للهجرة، بعضهم كان يهتف بعبارات معادية للإسلام، متظاهرين مضادين.
وتجمع بضع مئات من المتظاهرين المناهضين للفاشية بالقرب من محطة “لايم ستريت” في ليفربول وقت الظهيرة، مطالبين بالوحدة والتسامح، مرددين هتافات “اللاجئون مرحب بهم هنا” و”الحثالة النازيون، ابتعدوا عن شوارعنا”.
وكافحت الشرطة التي تجهزت بمعدات مكافحة الشغب والكلاب البوليسية لإبقاء الجانبين منفصلين عن بعضهما البعض، وتم استدعاء التعزيزات لمحاولة الحفاظ على النظام.
استمرت الاضطرابات حتى الساعات الأولى من صباح الأحد، مع إطلاق الألعاب النارية تجاه ضباط الشرطة الذين يرتدون ملابس مكافحة الشغب.
وأضرمت النيران في مكتبة في منطقة “والتون” بالمدينة، وحاول مثيرو الشغب منع رجال الإطفاء من إخمادها، حسبما ذكرت شرطة ميرسيسايد.
وأضافت أنه تم اقتحام المتاجر وإشعال النار في عدد من صناديق القمامة.
وأكدت القوة إصابة عدد من الضباط فيما وصفته بأنه “اضطراب خطير”، مضيفة أن اثنين نُقلا إلى المستشفى – أحدهما مصاب بكسر في الأنف والآخر مصاب بكسر في الفك.
وقالت الشرطة إن 23 شخصا اعتقلوا.
وقالت مساعدة قائد الشرطة، جيني سيمز: “لا مكان للفوضى والعنف والتدمير هنا في ميرسيسايد، وخصوصا بعد الأحداث المأساوية التي وقعت في ساوثبورت يوم الاثنين”.
وأضافت: “أولئك الذين انخرطوا في هذا السلوك لا يجلبون سوى العار لأنفسهم ولهذه المدينة”.
وفي اجتماع لوزراء الحكومة، في وقت سابق من يوم السبت، قال المتحدث باسم كير ستارمر إن رئيس الوزراء أبلغ الحاضرين أن “الحق في حرية التعبير، والاضطراب العنيف الذي شهدناه، هما شيئان مختلفان للغاية”.
وأضاف: “لا يوجد مبرر للعنف من أي نوع، وأكد أن الحكومة تدعم الشرطة لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحفاظ على سلامة شوارعنا”.
وحذرت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر، يوم السبت، من أن أي شخص يشارك في “اضطرابات غير مقبولة” سيواجه السجن وحظر السفر من بين عقوبات أخرى، مضيفة أنه تم توفير أماكن “كافية” في السجون.
وقالت كوبر: “العنف الإجرامي والاضطرابات ليس لها مكان في شوارع بريطانيا”. وأضافت أن الشرطة تحظى بدعم الحكومة الكامل، في اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين ينخرطون في “البلطجة”.
بريستول
وفي بريستول، انخرط المتظاهرون والمحتجون المناوئون لهم في مواجهة.
وسُمع صوت إحدى المجموعات وهي تغني “حكم بريطانيا”، وهي أغنية وطنية بريطانية، كما سمعت هتافات “إنجلترا حتى أموت” و”نريد استعادة بلدنا”.
وتم إلقاء عبوات البيرة على المجموعة المناهضة للعنصرية، وتعرض بعض المتظاهرين المتنافسين للضرب بالهراوات من قبل الضباط.
وقالت شرطة منطقة “أفون وسومرست” إن 14 شخصا في مدينة بريستول قد تم اعتقالهم، وتوقع كبير المفتشين، فيكس هايوارد ميلين، أنه ستكون هناك “اعتقالات أخرى خلال الأيام المقبلة”.
مانشستر وبلفاست ومدن أخرى
وفي مانشستر، وقعت هناك مناوشات مع الشرطة واعتقل شخصان على الأقل.
وفي بلفاست، اعتقل شخصان عندما ألقى المتظاهرون بعض المقذوفات على أفراد أطقم وسائل الإعلام خارج أحد المساجد، وحطموا في وقت سابق نوافذ في مقهى.
وفي مدينة “هال”، حطم المتظاهرون نافذة في فندق يستخدم لإيواء طالبي اللجوء، وألقوا زجاجات وبيضا على الشرطة.
وأغلقت الشرطة مبنى البلدية، حيث كانت تقام بطولة الشطرنج البريطانية في الداخل.
وقالت شرطة هامبرسايد إن ثلاثة من ضباط الشرطة أصيبوا، وألقي القبض على 20 شخصا بعد أعمال شغب في وسط المدينة، شهدت أيضا نهب المتاجر وإشعال النيران في بعض الأشياء.
وفي مدينة بلاكبول، واجه المتظاهرون مجموعة من الجمهور الذين حضروا مهرجان “ريبيليون” الموسيقي. وكان هناك تواجد ضئيل للشرطة حيث اندلعت مناوشات بين المجموعتين، وألقيت الزجاجات والكراسي.
وقالت شرطة لانكشاير إنها ألقت القبض على أكثر من 20 شخصا. وأضافت القوة أن تركيزها كان على مدينة بلاكبول، ولكن كان هناك أيضا “اضطرابات طفيفة” في بلاكبيرن وبريستون.
وفي مدينة “ستوك أون ترينت”، ألقى محتجون الطوب على الضباط.
وقالت شرطة “ستافوردشاير” إن رجلين زعما عبر الإنترنت بأنهما تعرضا للطعن، تعرضا بالفعل لضربة من جسم ألقي عليهما، ولم يصابا بجروح خطيرة.
وقالت القوة إن 10 أشخاص تم اعتقالهم، وأصيب ثلاثة ضباط بجروح طفيفة.
وفي أماكن أخرى، ألقت شرطة “ليسترشاير” القبض على شخصين في وسط مدينة ليستر. وقالت شرطة “ويست يوركشاير” إن احتجاجات على طريق “هيدرو” في مدينة ليدز “مرت دون وقوع حوادث تذكر”، على الرغم من اعتقال شخص واحد.
ولم تتحول كل المظاهرات التي أقيمت في أنحاء بريطانيا يوم السبت إلى العنف، وفي بعض الأماكن تفرق المتظاهرون بحلول المساء.
ليلة من العنف
وتأتي احتجاجات السبت في أعقاب ليلة من العنف في مدينة “ساندرلاند” يوم الجمعة، شهدت نقل أربعة من ضباط الشرطة إلى المستشفى.
وكان مئات الأشخاص قد أثاروا أعمال شغب، وألقيت علب البيرة والطوب على شرطة مكافحة الشغب خارج مسجد، وأُحرق مكتب لخدمة المواطنين، وألقي القبض على اثني عشر شخصا فيما يتعلق بالعنف.
حددت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ما لا يقل عن 30 مظاهرة، كان نشطاء اليمين المتطرف يخططون لها في جميع أنحاء بريطانيا خلال عطلة نهاية الأسبوع، بما في ذلك احتجاج جديد في مدينة ساوثبورت.
كما يوجد 70 مدعيا عاما إضافيا على أهبة الاستعداد، خلال عطلة نهاية الأسبوع، لتوجيه الاتهامات إلى الأشخاص الذين تم القبض عليهم فيما يتعلق بالاضطرابات العنيفة.
ودعا وزير الداخلية في حكومة الظل، جيمس كليفرلي، السير كير ووزيرة الداخلية إلى “بذل المزيد” لاستعادة النظام العام و”إرسال رسالة واضحة إلى الخارجين على القانون”.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن رئيس الوزراء عن برنامج وطني جديد لمكافحة الاضطرابات العنيفة، يهدف للمساعدة في قمع الجماعات العنيفة من خلال السماح لقوات الشرطة بمشاركة المعلومات الاستخباراتية.