”الطفرة الاستهلاكية” في العطلة الصيفية تنذر بـ”تضخم مغربي غير معلن”
رجّح أكاديميون وباحثون في الشأن الاقتصادي أن تخلق “الحركية الاستهلاكية العالية” خلال هذه الفترة ملامح تحفّز التضخم، غير أنها لا ترقى إلى درجة التأثير في المنحى الإجمالي للتضخم الداخلي الذي يتوقّع بنك المغرب تراجُعه إلى معدلات متدنية، “نظراً لانخفاض الضغوط التضخمية خارجية المصدر”، و”تدني أسعار المواد الغذائية متقلبة الأثمان”، لاسيما أن التضخم سجل نسبة 6,6 في المائة في 2022 و6,1 في المائة في 2023.
“تضخم غير معلن”
رشيد ساري، باحث في الاقتصاد ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، قال إن “الطفرة التي تحدث على مستوى الاستهلاك من المؤكد أنها ستخلق تضخماً غير معلن”، معللاً ذلك بكون “استهلاك السّلع يزداد والأسعار ترتفع في هذه الفترة الصيفية، لكن العديد من تحركات هذه الظرفية تتم داخل أفق الاقتصاد غير المهيكل”، ومسجلاً أن “العديد من الأسر تشتكي من الغلاء في هذه الفترة، وهذا مؤشر على تضخم يصعب على الدولة ضبطه، ولا يكون مؤثراً في مؤشر التضخم العام”.
وأورد ساري، ضمن توضيحات قدمها لهسبريس، أن “التضخم موجود ولكنه غير محسوس”، وزاد: “حتى درجة الإنفاق تشهد تغيراً مثيرا للانتباه في هذه الفترة، بما يؤثر مباشرة على القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة في المغرب، التي تختار السفر وقضاء العطلة داخل الوطن”، مرجحاً أن “تشهد الفترة ذاتها إقبالاً ملحوظاً على القروض الاستهلاكية والقروض العائلية؛ لأن الإشكال هو أن العديد من الأسر ليست لديها القدرة على الادخار، وهذا يبدو واضحا في هذه الفترة”.
وشدد المتحدث عينه على أن “التضخم غير معلن عنه لكونه يضرب المواطنين بشكل خاص في هذه المرحلة”، مورداً أنه “في هذه الفترة يتوافد أيضاً مغاربة العالم، لكنهم يتم احتسابهم في خانة السياح وليس ضمن السياحة الداخلية، بالنظر إلى تباين القدرة الشرائية”، خالصاً إلى كون “مؤشر التضخم لا يمكن أن يتأثر بشكل كبير إلا حين تصبح المعاملات التي تتم في هذه الفترة هيكلية قابلة للرصد والتتبع من طرف الدولة”.
“تضخم موسمي”
عبد الخالق التهامي، باحث في الاقتصاد وأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، لفت الانتباه إلى “أهمية هذه الطفرة الاقتصادية الحاصلة في تحريك عجلة العديد من القطاعات المهنية”، مستبعداً “أثرها على مؤشر التضخم؛ إلا إذا صارت هذه الأسعار المرتفعة في الخدمات والمنتجات المرتبطة بهذه الفترة دائمة، ولم تعد موسمية متصلة بالعطلة”، وزاد: “في هذه الحالة سنتحدث عن التضخم؛ وليس عن تضخم موسمي أو غلاء موسمي مثلما نقول مثلاً خلال شهر رمضان”.
وأضاف التهامي، ضمن تصريحه لهسبريس، أن “العديد من المواد خلال هذه الفترة يرتفع ثمنها؛ وبعضها صار سعرها مرتفعا بشكل هيكلي ودائم وخارج جميع الفترات التي يمكن أن نعتبرها ذروة”، مبرزاً أنه “في هذه الحالة نكون أمام تضخم حقيقي، مثلما حدث مثلاً في بعض القطاعات السياحية، كالمقاهي والمطاعم التي ارتفعت أسعارها بالنظر إلى كونها تقول إن المواد الأولية ارتفعت كلفتها، وقس على ذلك قطاعات كثيرة عرفت ارتفاعاً ملحوظاً خلق جدلا حقيقيا على مستوى النقاش العمومي”.
وأبرز الجامعي سالف الذكر أن “المغرب لا يخرج عن السياق العام في هذا النقاش، خصوصاً أننا نتحدث عن العطلة التي يرتفع فيها الطلب على العديد من المنتجات والخدمات”، معتبراً أنه مع نهاية العطلة في شتنبر، “سيكون هناك صرر بالقدرة الشرائية طبعاً، ولكن لو حافظت هذه الأسعار على منحاها التصاعدي أو استقرت في الارتفاع فسنكون حينها وبلا أي مجال للشكّ إزاء تضخم حقيقي وبنيوي”.