أخبار العالم

الأوراق البنكية المغربية تطور عناصر الأمان لتشديد الخناق على المزورين



بعد ورقتيْن بنكيتيْن دخلَتَا غمار التعاملات النقدية بالمغرب خلال الأشهر الأخيرة من فئات مائتيْ (200) ومائة (100) درهم، مرّ البنك المركزي المغربي إلى طرح ورقة بنكية جديدة من فئة 50 درهما، للتداول، متميّزة بخصائص دقيقة جدا وعالية الأمان.

وبغيْرِ قليل من الاهتمام تَتبَّع مغاربة وتداولوا نبأ وصور “المولود المالي الجديد” ضمن السلسلة الجديدة من الأوراق البنكية المغربية التي أشار البنك المركزي، في بلاغ بالمناسبة خلال ظرفية تزامنت مع احتفاء المغاربة وتخليدهم الذكرى الخامسة والعشرين لتربع الملك محمد السادس على العرش، إلى أن عملية “إنجاز جميع مراحل تصميمها وإنتاجها تم بشكل حصري من طرف الكفاءات المغربية التي تزخر بها دار السّكة”.

علاوة على ذلك، بدا لافتا بين المتتبعين للشأن المالي الاقتصادي الاستمرار في نهج سابق لبنك المغرب نحو مزيد من الجهود لتحديث وتطوير عناصر الأمان التي تضمنتْها الورقة البنكية الجديدة 50 درهما، إذ “استخدُمت في هذه الورقة البنكية الجديدة أحدث التقنيات في مجال عناصر الأمان”، إذ تتكون من “خيط الأمان متغير اللون ذي الحركة الديناميكية، وشريط على الظهر مطبوع بحبر خاص يتجلّى بوضوح عند تغيير زاوية المعاينة، والرسم التطابقي والعلامات البارزة الخاصة بضعاف البصر، وكذا الأرقام التسلسلية التصاعدية”.

وفي تصريح أدلى به، الأربعاء، حسن ركراكة، مدير دار السكة بالرباط، أكد أن “الورقة البنكية الجديدة من فئة 50 درهما تستفيد من أحدث التقنيات من حيث عناصر الأمان”، منوها إلى أنها تأتي “على غرار الورقتين النقديتين الأوليين من السلسلة الجديدة” التي يطرحها بنك المغرب.

تأخذ هذه المعطيات بعدا إضافيا يُعززه معطى “تواصل منحى تزوير العملة المغربية في التراجع”، وفق ما أفاد التقرير السنوي لبنك المغرب حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية، برسم سنة 2023.

وذكر التقرير المرفوع للملك بداية هذا الأسبوع أن “عدد الأوراق البنكية المزورة التي تم رصدها خلال السنة الماضية بلغ 6290 ورقة، بما يعادل 837 ألف درهم”، موضحا أن “نسبة تزوير العملة واصلت المنحنى التنازلي، لتعود إلى 2,3 أوراق بنكية مزورة لكل مليون ورقة متداولة، بعد 2,9 أوراق سنة 2022 و5,2 ورقة سنة 2019”.

في سياق متصل، لفت البنك المركزي المغربي إلى “استمرار هيمنة الأوراق البنكية من فئة 200 درهم على الأوراق المزورة، بحصّة 54 في المائة”.

الأمان النقدي

وضَع نجيب الصومعي، خبير اقتصادي محلل مالي، إصدار السلسلة الجديدة للأوراق البنكية في سياق تحقيق أهداف متعددة؛ بيد أن أبرزها، بحسبه، متمثل بوضوح في “تعزيز منظومة الأمان الوطنية المتعلقة بالأداء النقدي ووسائله”.

وفي تصريح لجريدة هسبريس، أشار الصومعي إلى أهمية تعزيز “السيادة النقدية الوطنية وتعزيز الثقة في التبادلات والتعاملات المالية بالأوراق النقدية والبنكية بين مختلف الأفراد”، منوها إلى الأثر الإيجابي المرتقب نحو تحقيق مزيد من تفادي أية حالة تزوير، لأن له آثارا وخيمة على العملة الوطنية وقيمتها وسمعتها”.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن منحى التراجع الذي واصلته العملة المغربية، التي تعد رمزا سياديا وطنيا، المشار إليه في تقرير سنة 2023 للبنك المركزي المغربي “مؤشر دالّ على نجاح جهود السلطات المالية المختصة وطنيا من أجل تقوية منظومة الثقة في الأداء بما يعود إيجابا على سمعة العملة الوطنية وكذا في علاقتها مع السي لتفادي انهيار قيمة العملة وضمان الأمان في التداول”.

واستحضر المحلل المالي المختص أن “المغرب يتوفر على أكثر التجارب تقدُّما في تدبير الإصدار النقدي الوطني سواء من حيث الأمان وتعزيز الكتلة النقدية، نتيجة عقود ضاربة في تاريخ حافل بتطورات الصناعة النقدية التي وصلت إلى تحديث عناصر الأمان وملاءمتها الشكل الجمالي مع الأولويات الوطنية والتقدم الاقتصادي والصناعي للمملكة في ربع قرن من حكم الملك محمد السادس.

كما ختم مشددا على أهمية ذلك في “محاربة الاكتناز بالعملة الوطنية”، وكذا تقليل التزوير المحتمل لتفادي تأثير تضخمي على المستوى المتوسط مع كون الأمان النقدي آلية لمحاربة تمويلات الإرهاب وغسيل الأموال”.

تمتين الثقة

ثمّن عبد الرزاق الهيري، أستاذ علوم الاقتصاد بجامعة فاس، تعزيز عناصر أمان الأوراق البنكية المغربية؛ لأنها “خطوة مهمة تُصعّب مهمة شبكات ومحترفي التزوير” بشكل يزيد تعزيز الأمان وتمتين ثقة المواطنين كما يرفع منسوب الثقة بين المتعاملين.

وعدّ الهيري، ضمن تصريح لهسبريس، أن “بنك المغرب، بالإضافة إلى سمعته القارية والعالمية المشهود له بها، استطاع ربح رهان التحكم في معايير نوعية للجودة والأمان التي تحُول دون عمليات التزوير التي تكون كل العملات عبر العالم معرّضة لها”، لافتا إلى أن السلسلة الجديدة من الأوراق البنكية هي “عملية استباقية في زمن التقدم التكنولوجي والرقمي الذي قد يسهّل العمليات التدليسية”.

“تعزيز عناصر الأمان يدعم تمتين ركائز السيادة النقدية للمملكة التي تتوفر على جهاز مختص ‘دار السكة’ مجهّزة بأحدث الأجهزة والتقنيات التي تُقلّص من عمليات محتملة لحدوث تزوير العملة”، أكد الخبير الاقتصادي ذاته، الذي أبرز أن ذلك “يتماشى مع أهداف السياسة النقدية الوطنية التي مازالت من بين السياسات المتقدمة في القارة وعلى الصعيد العالمي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى