إسماعيل هنية: تصاعد المخاوف من اتساع رقعة الصراع، وخامنئي وجه “برد مباشر” على إسرائيل
تتزايد مؤشرات اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، وذلك تزامناً مع دخول اليوم 300 لحرب غزة، وبعد عمليتي اغتيال استهدفت رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إسماعيل هنية، وآخرى استهدفت القائد العسكري الكبير في حزب الله، فؤاد شُكر، وتبنت إسرائيل اغتيال شُكر بشكل رسمي، بينما “امتنعت عن التعليق” على اغتيال هنية، كما لم تتبناه أي جهة في العالم إلى الآن.
ولا تثير هذه الاغتيالات مخاوف اندلاع حرب إقليمية بسبب وزن ومكانة الشخصيات التي اُغتيلت فقط، بل للدلائل الجغرافية التي حملتها عمليتي الاغتيال أيضاً، إذ قتل هنية في العاصمة الإيرانية طهران، وهو ما اعتبرته الأخيرة “انتهاك خطير لسيادتها”.
واُغتيل شُكر في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، والتي طالما هدد الأمين العام لحزب الله بأن “استهداف بيروت سيقابل باستهداف تل أبيب”.
وهي دلالات تُعقد المشهد أكثر وأكثر وتجعل كرة النار تتدحرج بشكل أسرع وبحجم أكبر في المنطقة، وهو منوط بشكل رئيسي بشكل وحجم ونطاق ردي إيران وحزب الله المتوقعين على إسرائيل.
كما تعهدت واشنطن في وقت سابق “بحماية إسرائيل من أي هجوم تشنه إيران أو حلفائها”، ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن البحرية الأمريكية “حشدت أكثر من 10 سفن حربية في المنطقة”.
وكانت إيران قد نفذت هجوماً جوياً كبيراً على إسرائيل في أبريل/ نيسان الماضي، في عملية قال عنها المرشد الإيراني، علي خامنئي، آنذاك، “إنها تنبيه لإسرائيل” إثر إغتيال سبعة من أفراد الحرس الثوري الإيراني، بينهما قائدين كبيرين، في القنصلية الإيرانية، بالعاصمة السورية دمشق، في هجوم نسبه مسؤولون سوريون وإيرانيون إلى إسرائيل.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز، عن ما قالت إنهم ثلاثة مسؤولين إيرانيين مطلعين، “أن خامنئي أمر بضرب إسرائيل مباشرة رداً على اغتيال هنية في طهران. وأصدر خامنئي أوامره في “اجتماع طارئ” للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
ويدرس القادة الإيرانيون “شن هجوم بمسيّرات وصواريخ على أهداف عسكرية بمحيط تل أبيب وحيفا، وأن من بين الخيارات هجوم منسق من إيران واليمن وسوريا والعراق لتحقيق أقصى تأثير”، وفق الصحيفة.
وقال المسؤولون الإيرانيون “إن خامنئي أمر الحرس الثوري والجيش بإعداد خطط للهجوم والدفاع إذا توسعت الحرب”، مشيرين إلى أن إيران “ستحرص على تجنب ضرب الأهداف المدنية” في أي هجوم على إسرائيل، بحسب ما أفادت الصحيفة.
وأعلن حزب الله اللبناني، أن أمينه العام حسن نصر الله، سيعلن الموقف السياسي للحزب الخميس، خلال تشييع القائد العسكري فؤاد شُكر.
ووقع اغتيال هنية بعد أقل من 24 ساعة من إعلان إسرائيل، أنها قتلت أكبر قائد عسكري لحزب الله في العاصمة اللبنانية بيروت رداً على هجوم صاروخي أسفر عن سقوط قتلى في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، وقالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إن مستشاراً عسكرياً إيرانياً كان من بين القتلى في هجوم بيروت.
لا أحد يريد حرب إقليمية والجميع يستعد لها
وتشي تصريحات أطراف التصعيد، بأنهم “لا يريدون حرب إقليمية”، ولكنهم ينقلون رسائل عبر مختلف المستويات “بأنهم جاهزون للحرب إذا اندلعت”.
وتعهد زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في وقت سابق “بأن الحزب سيقاتل بلا ضوابط في أي حرب مقبلة مع إسرائيل”، ولكن العديد من قيادات حزب الله السياسيين يؤكدون “عدم رغبة الحزب في حرب شاملة”.
وتؤكد إيران إعلى رغبتها في “خفض التصعيد” في المنطقة “وعدم الانخراط في حرب إقليمية”، إلا أن تهديدات طهران حول الرد على مقتل هنية تزداد حدة وتصاعداً.
كذلك هو الحال في إسرائيل فقد أعلنت إسرائيل على لسان مسؤوليها في أكثر من مناسبة “عدم رغبتها في الدخول بحرب إقليمية”، لكن القناة 12 الإسرائيلية، نقلت الأربعاء، “أن إسرائيل أبلغت لبنان وإيران عبر قنوات دبلوماسية أنها مستعدة لحرب شاملة”.
وأفادت صحيفة فايننشال تايمز بأن حراكاً دبلوماسياً بقيادة مسؤولين من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يُسابق الزمن لمنع نشوب “صراع إقليمي أوسع نطاقاً”.
وبينت الصحيفة أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي أجروا نقاشات “حاسمة” في طهران، الأربعاء، ومسؤولين أمريكيين عقدوا نقاشات في المملكة العربية السعودية لخفض التصعيد.
ونقلت عن دبلوماسي غربي قال “إن الجميع يضغطون على طهران حتى لا ترد على اغتيال هنية”. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين “أن المحادثات ركزت على إقناع طهران إما بعدم الرد أو القيام بعمل رمزي”.
واشنطن تنصح رعاياها بعدم السفر إلى لبنان
وعبر البيت الأبيض عن قلقه إزاء تنامي خطر اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، بعد اغتيال هنية، والذي أثار تهديدات بالانتقام من إسرائيل.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، ليل الأربعاء، لصحفيين “عندما تكون لديك أحداث درامية.. أحداث عنيفة تسبب فيها أي طرف.. فإن هذا بالتأكيد يصعّب مهمة تحقيق هذه النتيجة”.
ونقل موقع بوليتيكو عن رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي، أن هنية “يصعب المهمة في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة”، محذراً من “انتكاسة” في المفاوضات.
ونصحت الولايات المتحدة المواطنين بعدم السفر إلى لبنان، كما أوقفت شركتا طيران أمريكيتان، وهما يونايتد ودلتا، رحلاتهما إلى إسرائيل.
جلسة طارئة لمجلس الأمن
عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة، بناء على طلب إيران بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران، حظي بتأييد روسيا والجزائر والصين، وفق إعلان الرئاسة الروسية للمجلس.
وقالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، خلال الجلسة، إن الهجمات الأخيرة تشكل “تصعيداً خطيراً” في الشرق الأوسط، مشددة على ضرورة “ضبط النفس”.
ودعت إيران المجلس إلى أن “يدين بوضوح وبحزم الأعمال العدوانية والهجمات الإرهابية للنظام الإسرائيلي ضد سيادة إيران وسلامتها الإقليمية، وكذلك الأعمال العدوانية الأخيرة ضد سيادة لبنان وسوريا وسلامتهما الإقليمية”.
وأشارت إلى أنه “لا يمكن تجاهل دور الولايات المتحدة الأميركية الحليف الإستراتيجي والداعم للنظام الإسرائيلي، في هذا الحادث الفظيع”.
وقالت السفيرة الفلسطينية، نائبة المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، إن القيادة الفلسطينية “تدين بأشد العبارات اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية”.
ودعت مجلس الأمن والجمعية العامة وكل الدول الملتزمة بالقانون والمحبة للسلام إلى التحرك فوراً “لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المروعة والإجرامية ضد الشعب الفلسطيني ومنطقتنا”.
وقال مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، إن إيران تقدم المال والسلاح والتكنولوجيا العسكرية لحزب الله اللبناني.
وأضاف أن “القيادي في حزب الله فؤاد شكر مسؤول عن مقتل عشرات الجنود الإسرائيليين وتهجير آلاف السكان من الشمال”.
مشيراً إلى أن “50 بالمئة من السلاح الذي صادرته إسرائيل في غزة من صنع إيران”.
وقال مندوب الجزائر بمجلس الأمن، إن “إسرائيل تبنت سياسة إراقة الدماء وعقيدة الأرض المحروقة”، ونعى في كلمته زعيم حماس الراحل.
و قالت المندوبة البريطانية لدى المجلس أن بلادها ترفض ما وصفته “محاولات إيران استغلال معاناة أهل غزة كمبرر لمزيد من العنف”.
وحث نائب المندوبة الأمريكية، مجلس الأمن على دعم ما سماه “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات” من قبل جماعات مثل “حزب الله”، كما دعا المجلس إلى “محاسبة” إيران على دعمها لمثل هذه الجماعات.
وأضاف: “الولايات المتحدة لم تكن على علم أو متورطة في موت إسماعيل هنية.