برنامج “كوست ويف” يقي الساحل المغربي من فوضى “تسونامي”

ضجة كبيرة تلك التي أثارها تثبيت لافتات توجيهية بمدينة الجديدة، الأسبوع الماضي، تحمل توصيات عن كيفية التعامل مع أي حادث “تسونامي”، في أوساط مغاربة بسطوا قراءتهم للخطوة، معتبرين أنها “تلميح بموجة مرتقبة من التسونامي قد تعرفها سواحل المملكة”، ورابطين الموضوع بتراجع منسوب المياه ببعض شواطئ البلاد.
واتضح في ما بعد أن الأمر لا يتعلق بأي خطورة مرتقبة، وإنما هو جزءٌ من برنامج علمي يشتغل عليه المركز الوطني للبحث العلمي والتقني تحت إشراف منظمة اليونيسكو، وبشراكة مع جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، يطلق عليه “كوست ويف”، بهدف التخفيف من الأضرار التي يمكن أن تحدثها موجات التسونامي على ساكنة المدينة.
وفي هذا الصدد كانت لهسبريس دردشة خاصة مع خالد الخالدي، المنسق الوطني لمشروع “كوست ويف” أو “جاهزية تسونامي”، الذي قال إن “اللجنة الدولية للمحيطات التابعة لمنظمة اليونيسكو هي التي أشرفت على هذا المشروع الذي يهم بعضا من الدول المطلة أساسا على البحر الأبيض المتوسط، ويهدف مبدئيا إلى جعل المدن المفتوحة على السواحل قادرة على مجابهة أخطار التسونامي”.
وأضاف الخالدي لهسبريس أن “المغرب ومصر من بين الدول التي استفادت من هذا المشروع في الوقت الراهن، ممثلين بمدينتيْ الجديدة والإسكندرية، على أساس أن يكون الأمر في نهاية المطاف مساهما في تنمية قدرات المدينتين من أجل تسيير فترات الأخطار الطبيعية حال وقوعها”.
المتحدث ذاته أكد كذلك أن “مدينة الجديدة اخْتيرت لتكون الانطلاقة منها على المستوى الوطني لهذا المشروع، الكفيل بدعمها عبر إجراءات يمكن أن تؤهلها لتُصنفَ كمدينة أكثر قدرة على مواجهة مخاطر مرتقبة وغير معلومة الزمان أو المكان بخصوص التسونامي، الذي يبقى ظاهرة نادرة على المستوى العالمي”.
وتابع المنسق ذاته: “كانت هناك دورات تدريبية كذلك بمدينة الجديدة تتضمن تمارين محاكاة خاصة بالتعامل مع المخاطر المترتبة على ارتفاع أمواج البحر. قمنا بتجهيز المدينة عبر ميناء الجرف الأصفر بجهاز قياس مستوى سطح البحر، يبعث برسائل عبر القمر الاصطناعي إلى مركز دولي مهتم بالموضوع كل دقيقتين”، موردا أن “تمارين المحاكاة هذه تمت السنة الماضية على مستوى شاطئ الجديدة وميناء الجرف الأصفر، وهي تمارين أولى من نوعها على الصعيد العالمي كذلك”.
الخالدي أردف في دردشته مع هسبريس: “كفريق علمي اشتغلنا ومازلنا نشتغل على تحديد خرائط المنطقة التي تبين إمكانيات وجود تسونامي بمنطقة الجديدة، من أجل تحقيق نوع من الأمان العلمي. واهتدينا إلى وضع اللافتات بشاطئ المدينة والإشارات الكفيلة بإرشاد المواطنين في حالة وجود الخطر، على أن تكون هناك مجددا تمارين محاكاة بحضور ممثلي القطاعات الحكومية بطبيعة الحال”.
وبيّن الأستاذ الباحث بكلية العلوم التابعة لجامعة شعيب الدكالي أنه “من المرتقب أن تكون اللجنة الدولية للمحيطات حاضرة في الشهرين المقبلين بمدينة الجديدة من أجل تسليمها شهادة نظير تمارين المحاكاة الخاصة بأخطار التسونامي التي احتضنتها في الفترات السابقة”، مسجلا أنّ “تزامن تثبيت اللافتات بالجديدة مع تراجع منسوب المياه ببعض الشواطئ المغربية يبقى صدفة لا غير، فيما تخضع الأمور للعناية العلمية في الوقت الراهن وبكل دقة”.
وأكد المتحدث ذاته أن “مختبر علوم جيولوجيا البحار والتربة بجامعة شعيب الدكالي اشتغل خلال السنوات العشر الماضية على هذا الموضوع، والوصول إلى التطورات الأخيرة المميزة كان بشراكة مع المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، في وقت نتعاون أكاديميا كذلك مع جامعتيْ مونبيلييه الفرنسية ولشبونة البرتغالية”.
وأشار الخالدي إلى أن “مدينتي الجديدة والإسكندرية اليوم استفادتا من النسخة الحالية من برنامج ‘كوست ويف’ بالقارة الإفريقية، ومن المرتقب أن يتم تعميمها على مختلف المدن الساحلية الوطنية، على أن يشارك المغرب وقتها في التعاون مع دول أخرى انطلاقا من تجربته في هذا الصدد”، خالصا في الأخير إلى أن “الأمور طبيعية إلى حدود الساعة، لأن المناسبة تتعلق فقط بتنزيلٍ لفلسفة الوقاية من الكوارث الطبيعية”.