المغرب والجزائر: بعد اعتراف فرنسا بخطة المغرب حول الصحراء الغربية، حكومة الجزائر تسحب سفيرها من باريس
أعلنت الحكومة الجزائرية سحب سفيرها لدى فرنسا “بأثر فوري”، بعد أن اعترفت الحكومة الفرنسية بمخطط المغرب للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل النزاع في الصحراء الغربية، حسبما أعلنت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية اليوم الثلاثاء.
وجاء في البيان الجزائري: “لقد أقدمت الحكومة الفرنسية على إعلان تأييدها القطعي والصريح للواقع الاستعماري المفروض في إقليم الصحراء الغربية”.
وأضاف البيان أن “هذه الخطوة التي لم تقدم عليها أي حكومة فرنسية سابقة، قد تمت من قبل الحكومة الحالية باستخفاف واستهتار كبيرين دون أي تقييم للعواقب التي تسفر عنها”.
وشددت الوزارة على أن باريس وباعترافها بالمخطط المغربي للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء الغربية “في إطار السيادة المغربية المزعومة”، فإنها “تنتهك الشرعية الدولية وتتنكر لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتناقض كل الجهود الحثيثة والدؤوبة التي تبذلها الأمم المتحدة بهدف استكمال مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية” بحسب البيان.
وأكدت الوزارة على أن الحكومة الفرنسية “تتنصل من المسؤوليات الخاصة التي تترتب عن عضويتها الدائمة في مجلس الأمن الأممي”.
وسيتولى مسؤولية التمثيل الدبلوماسي الجزائري في فرنسا من الآن فصاعداً قائم بالأعمال، وفق وزارة الخارجية الجزائرية.
وفي بيان آخر للديوان الملكي المغربي، الثلاثاء، قالت الرباط إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن في رسالة رسمية موجهة إلى الملك محمد السادس، أنه “يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية”.
وفي الرسالة ذاتها، والتي تتزامن مع الذكرى الـ25 لتولي الملك العرش، أكد رئيس الجمهورية الفرنسية “ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة”، وأن بلاده “تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي” بحسب الديوان الملكي المغربي.
وجاء في رسالة الرئيس ماكرون بحسب الديوان: “أُشجع جميع الأطراف على الاجتماع من أجل تسوية سياسية، والتي هي في المتناول”.
وأفادت وكالة المغرب العربي للأنباء، بأن إعلان الجمهورية الفرنسية، العضو الدائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، “يُشكل تطوراً هاماً وبالغ الدلالة في دعم السيادة المغربية على الصحراء”.
وأضافت الوكالة أنه “يندرج في إطار فائدة الوحدة الترابية للمغرب ولمخطط الحكم الذاتي كإطار حصري لتسوية هذا النزاع الإقليمي”.
من جانبها أعربت جبهة البوليساريو – الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب – والتي تطالب بإقامة “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” في المنطقة، عن استنكارها لما وصفته بدعم فرنسا “احتلال” الصحراء الغربية.
وفي بيان نشرته وكالة الأنباء التابعة للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، قال وزير الخارجية لجبهة البوليساريو محمد سيداتي إن “الحكومة الفرنسية لم تعد تخفي موقفها بإعلانها رسمياً دعم مخطط الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط بخصوص المنطقة التي تصنفها الأمم المتحدة ضمن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي” على حد وصفه.
وأكد المكتب الدائم للأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو في بيان آخر نشرته ذات الوكالة، على أن فرنسا “لم تعد مؤهلة إلى الانتماء لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء حول الصحراء الغربية بعد خروجها عن الشرعية الدولية بحكم موقفها المفضوح والمنحاز للطرح المغربي”.
وجاء في بيان البوليساريو أن الرسالة التي بعث بها الرئيس الفرنسي إلى ملك المغرب، تُعد مساندة لـ”مخطط الحكم الذاتي”، وهو ما “يهدف إلى حرمان الشعب الصحراوي من ممارسة حقه الثابت في تقرير المصير والاستقلال، الذي تكفله كل المواثيق والقوانين الدولية وتقر به كل الهيئات خاصة الأمم المتحدة”.
وأوضح البيان أن “فرنسا لم تتخل يوماً عن نهجها الاستعماري والتوسعي، كما ظلت تعرقل مجهودات المنتظم الدولي في إيجاد حل سلمي وعادل لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية”، مشيراً إلى أن ما أقدمت عليه باريس اليوم “يؤكد النية المبيتة لديها في حرمان الشعب الصحراوي وتقويض حقه الثابت في الحرية والاستقلال وتعريض المنطقة للتهديدات وعدم الاستقرار”.
يذكر أن جبهة البوليساريو انسحبت في عام 2020 من اتفاق وقف إطلاق نار بينها وبين المغرب، والذي توسطت فيه الأمم المتحدة.
وكانت إسبانيا، التي كانت تملك نفوذا واسعاً على الصحراء الغربية سابقاً، قد أعلنت في عام 2022 أنها تدعم خطة الحكم الذاتي المغربية، إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل ودول عربية وبلدان أفريقية – والتي أكدت دعمها لسيادة المغرب على المنطقة، إذ فتحت 28 دولة معظمها أفريقية وعربية قنصليات هناك، في ما اعتبرته الرباط دعماً ملموساً لسياساتها.