جبهة البوليساريو تغرق في “الأوهام الجزائرية” بالترويج لانتصارات كاذبة
تواصل جبهة البوليساريو الترويج للخطاب الدعائي العسكري والدبلوماسي ذاته الذي تدحضه الوقائع الميدانية على الأرض، وتؤكد زيفه التطورات المتلاحقة التي يشهدها ملف الصحراء، إذ قال زعيم الانفصاليين في تندوف، في كلمة له أمام المشاركين في ما تسمى “الجامعة الصيفية لإطارات البوليساريو”، التي احتضنتها ولاية بومرداس الجزائرية، إن “الضربات الموجعة والمتواصلة التي تتلقاها القوات المغربية على يد المقاتلين الصحراويين فرضت نفسها كمعطيات ميدانية، وكان لها وقعها المؤثر، مادياً ومعنوياً، على المغرب وجيشه واقتصاده”، بتعبيره.
ولم يقف زعيم الميليشيا الانفصالية عند هذا الحد، بل ذهب حد مطالبة الاتحاد الأوروبي بـ”الامتناع عن توقيع أي اتفاق مع المغرب يمس أراضي الصحراء أو أجواءها أو مياهها الإقليمية”، باعتبار ذلك حسب وصفه “انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الأوروبي، ومساهمة مباشرة في ما يتعرض له الشعب الصحراوي من تقتيل وتشريد وقمع وحصار ونهب لثرواته الطبيعية”، حسب قوله، معبرا في الوقت ذاته عن تطلعه إلى “موقف فرنسي أكثر حكمة وانسجاماً مع الشرعية الدولية ومع تاريخ فرنسا ومكانتها ودورها في منطقة المتوسط وشمال إفريقيا”.
وفي قراءته لكلمة زعيم الانفصاليين قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن “تكرار إبراهيم غالي الدعاية العسكرية الواهية التي مازالت تتمسك بها الجبهة الانفصالية يؤكد استمرار تشبث الأخيرة بسياسة الهروب إلى الأمام، التي لم تجد نفعا ولم تحقق أي نتيجة تذكر أمام تمكن المغرب من فرض سيادته على أقاليمه الجنوبية، وأمام التطورات الأخيرة التي شهدها النزاع المفتعل منذ تأمين معبر الكركرات في نونبر من العام 2020”.
وأوضح عبد الفتاح، في تصريح لـ هسبريس، أن “المملكة المغربية نجحت منذ ذلك الحين في تثبيت واقع عسكري وسياسي جديد في صحرائها، وأفشلت كل المناورات الدبلوماسية والعسكرية لجبهة البوليساريو”، مسجلا في هذا الصدد أن “التقارير الدولية والأممية نفسها أثبتت زيف هذه الادعاءات، إذ تؤكد أن الوضع الأمني مستقر في الأقاليم الجنوبية؛ كما أنه لا توجد أي جهة إعلامية مستقلة في العالم تتبنى هذه الادعاءات، بل على العكس من ذلك تسلط الضوء على الدينامية الاقتصادية والتنموية التي تشهدها الصحراء المغربية”.
وبين المتحدث أن “تركيز زعيم الانفصاليين في كلمته على مواقف الاتحاد الأوروبي ومواقف بعض دول هذا التكتل من قضية الصحراء يؤشر على قلق الجبهة وخصوم الوحدة الترابية وتوجسهم من المواقف المرتقبة لهذه الدول القريبة من أطراف النزاع، خاصة في ظل انعكاس مواقفها على مواقف المجتمع الدولي وعلى المقاربة الأممية ذات الصلة”.
من جهته أورد محمد عطيف، باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي: “زعيم الكيان الوهمي يعيش في وحل من الوهم، ويرفض الإقرار بفشل البوليساريو في تحقيق أي إنجاز عسكري أو دبلوماسي، والدليل المادي والملموس على ذلك أن الجبهة الانفصالية منذ عودتها إلى ما أسمته الكفاح المسلح لم تحقق أي تقدم ميداني، كما أنها لم تستطع إيقاف توسع رقعة الدول المعترفة بمغربية الصحراء؛ فعن أية انتصارات وإنجازات يتحدث؟”.
وسجل الباحث ذاته أن “آخر ضربة تلقتها البوليساريو من الاتحاد الإفريقي الذي تعتبر نفسها من مؤسسيه هي تمرير القرار الأخير الذي تقدم به المغرب لمنع مشاركة الدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة في اللقاءات والقمم الدولية المشتركة”، مضيفا أن “زعيم الانفصاليين يرفض الإقرار بكل هذه الحقائق التي تؤكد فشله وفشل داعميه في مجاراة التحركات الدبلوماسية المغربية التي حققت اختراقات على مجموعة من الجبهات”.
وأشار عطيف إلى أن “خطاب غالي ما هو إلا محاولة لدغدغة مشاعر سكان مخيمات تندوف الذين باتوا أنفسهم يقفون على حقيقة هذا النزاع، ويرفضون العيش على هامش التاريخ والجغرافيا خدمة لأجندات إقليمية معروفة في المنطقة”، معتبرا أن “استجداء زعيم البوليساريو الاتحاد الأوروبي وفرنسا رغم افتقاده الصفة في هذا الإطار يؤكد انحصار المشروع الانفصالي الذي يعاني من الخناق في فضاءات كانت حاضنة له حتى وقت قريب”.