البرلمان يصل إلى نهاية “الدورة الربيعية” بتباين في آراء المعارضة والأغلبية

فيما يستعد مجلس النواب لاختتام الدورة الثانية من السنة التشريعية الثالثة من عمر الولاية التشريعية الحالية، في جلسة عمومية مبرمجة اليوم الخميس، تباينت آراء وتقييمات ممثلي الأمة بالغرفة الأولى للبرلمان بخصوص الأداء التشريعي خلال هذه الدورة.
وفيما أثنى نواب الأغلبية الذين تحدثوا لهسبريس على ما اعتبروه “أداء تشريعيا جيدا”، أبى منتمون للمعارضة إلا أن يصفوا الأداء بأنه “لم يكن في مستوى الانتظارات” بعدما رافقه “تباين” في التفاعل الحكومي مع التعديلات المقترحة، دون أن يخفوا إشادتهم “بتميّز التشريع” في ما يتعلق بالنقاش الذي رافق المصادقة على مشروع قانون 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية.
أداء جيد
بالنسبة لأحمد التويزي، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، كان “الأداء التشريعي جيّداً خلال الدورة التشريعية المنقضية؛ إذ صادقت الغرفة الأولى للبرلمان على مجموعة من النصوص التشريعية، من بينها، لأول مرة، ثمانية مقترحات قوانين”.
وقال النائب البرلماني ذاته، في تصريح لهسبريس، إن ما ميّز هذه الدورة هو “المصادقة على مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، وهو أمر بالغ الأهميّة بالنظر إلى أن هذا القانون المؤطر لجميع القوانين المتعلقة بالقضاء لم يطله أي تعديل بصفة جذرية منذ خمسين سنة”، لا فتا إلى أن هذا النص القانوني بمواده الـ644، “يهدف إلى ترسيخ الحق الدستوري للمواطن في الولوج إلى العدالة”.
وأضاف رئيس فريق “البام” بمجلس النواب أن “هناك بعض مشاريع القوانين التي مازالت قيد المناقشة داخل اللجان، ضمنها مشروع القانون رقم 22.24 بتغيير وتتميم القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار، المرتقب عرضه للدراسة والتصويت غدا بالجلسة العامة، وهو مشروع قانون على قدر كبير من الأهميّة؛ إذ يعوّل عليه في جذب الاستثمارات إلى المغرب”.
وزاد التويزي: “عقدنا كذلك ثلاث جلسات عمومية أساسية، كانت أولاها مشتركة بين الغرفتين خصصت لعرض حصيلة الحكومة في منتصف الولاية، فيما ناقشت الثانية تقرير المجموعة الموضوعاتية حول شروط وظروف تطبيق القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. أما الجلسة الثالثة فصادقت على تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، الذي تضمن مدونة السلوك والأخلاق التي أتت تفعيلا لتوجيهات الرسالة الملكية في الذكرى 60 لتأسيس البرلمان، وهي الخطوة التي من شأنها المساهمة في تخليق الحياة البرلمانية”.
تضامن الأغلبية
خلال هذه الدورة حافظت فرق الأغلبية الحكومية على “التضامن والتنسيق” اللذين طبعا العلاقة فيما بينها خلال نصف الولاية التشريعية الحالية، حسب التويزي، موردا أن “الفرق الثلاثة التأمت في يومين دراسيين، أولهما ناقش [استدامة المالية العمومية لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية]، والثاني تدارس موضوع [المساواة والنوع الاجتماعي وأي تدبير وإجراءات داعمة للمقاولات النسائية بالمغرب؟]”.
وأضاف المتحدث أنه جرى “الانفتاح على مختلف التعديلات التي تقدّمت بها فرق المعارضة بخصوص النصوص التشريعية التي تمت دراستها خلال هذه الدورة”، مشيرا إلى أن “التعديلات التي تُرفض إما تكون خارجة عن إطار البرنامج الحكومي، أو تتناقض مع بعض المبادئ المؤطرة لقوانين أخرى”.
وعن الجدل الذي خلقه عدم تجاوب الحكومة مع مطالب المعارضة بالتحدث في آخر جلسة للأسئلة الشفهية الأسبوعية بمجلس النواب في موضوع عام وطارئ، قال رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بالغرفة الأولى للبرلمان: “لقد تمت إثارة هذا الإشكال مع رئاسة الحكومة، فبدأ الوزراء بالتفاعل مع هذه المطالب”.
مستوى التطلع
قال إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أحد فرق المعارضة، إن “الأداء التشريعي خلال الدورة الربيعية المنقضية لم يكن في مستوى الانتظارات”؛ إذ إن عدد النصوص التشريعية التي صادق عليها المجلس “لا تصل المعدل المألوف في مثل هذه الدورة، وهو الأمر الذي لا يعود بالطبع إلى تقاعس اللجان عن برمجة ما أحيل عليها من مشاريع، بل إلى قلّة النصوص المحالة”.
واتفق النائب البرلماني ذاته مع ما ذهب إليه التويزي من كون مشروع قانون المسطرة المدنية الذي وافق عليه مجلس النواب يوم الثلاثاء 23 يوليوز الجاري، من “أهم ما ميّز التشريع خلال الدورة الربيعية؛ إذ تميّز بعدد مواده التي بلغت 644 مادة، وبعدد التعديلات التي تقدمت بها الفرق والمجموعة والتي تخطت الألف تعديل، وبالنقاش الهام الذي تخلل أطوار دراسته”.
وأضاف رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، في تصريح لهسبريس، أن “التشريع خلال هذه الدورة تميّز أيضا بمشروع قانون يتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار، الذي عرض للتصويت داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، وهو مشروع لا يخلو من أهمية، بالنظر إلى الاستحقاقات الرياضية التي ستقبل عليها بلادنا”، مذكرا بتقديم مشروع القانون التنظيمي للإضراب ومناقشته العامة أمام لجنة القطاعات الاجتماعية.
تفاعل متباين
إدريس السنتيسي سجّل وجود “بعض التجاوب خلال الدورة المنقضية مع مقترحات القوانين المقدّمة من النواب؛ إذ تمت المصادقة على سبعة منها”، مستدركا بالقول إن “تطلعنا كان هو قبول أكثر من هذا العدد، لا سيما بالنظر إلى العدد الكبير لمقترحات القوانين المودعة لدى مكتب مجلس النواب، ومنها 76 مقترحا للفريق الحركي، وبالنظر من جهة أخرى إلى الأهمية التي تكتسيها، باعتبارها إما نصوصا تأسيسية أو معدلة لقوانين جارية أصبحت متجاوزة وتتطلب التحيين”.
وأورد المتحدث أن “التفاعل الحكومي مع التعديلات التي كانت تتقدّم بها الحكومة حول القوانين المعروضة كان متباينا؛ إذ رفضت قطاعات تعديلاتنا كمعارضة بدون تعليل مقنع، أي الرفض من أجل الرفض، فيما هنالك قطاعات أخرى تتجاوب مع الحد الأدنى لهذه التعديلات. وفي هذا الإطار، نسجل قبول 33 تعديلا لفريقنا على مشروع قانون المسطرة المدنية، من ضمن 114 تعديلا تقدمنا به، ونتمنى أن يكون معيار التفاعل مع المعارضة مبنيا على ما تمثله تعديلاتها من أهمية وجودة، لا على أساس كون مصدرها هو المعارضة”.