مبادرة تتيح للأطفال المتضررين من “زلزال الحوز” الاستجمام في مدينة طنجة
في خطوة يرجح أن تمكنهم من نسيان ما عاشوه خلال الأشهر العشرة الأخيرة، ولو نسبيا، يستفيد حوالي 300 طفل من أبناء بعض المناطق القروية التي مسها الزلزال خلال شهر شتنبر الماضي من فترة تخييم جماعية بمدينة طنجة خلال هذه الأيام.
وتمتد فترة التخييم لعشرة أيام تقف وراء تنظيمها جمعية “يلاه نتعاونو” النشيطة في الفعل الجمعوي، حيث جرى جلبُ الأطفال من أقاليم تارودانت وشيشاوة والحوز بما يبدو كـ”استجابة لدعوات سبق أن رُفعت من أجل الالتفاتة لهذه الفئة خلال فترة الصيف الحالية”.
وحسب ما أوضحته الجهة المنظمة للجريدة، فإن “المخيم ذاته تشارك فيه حوالي 119 فتاة والباقي كلهم الذكور؛ في حين أن غالبيتهم يتابعون دراستهم بالسلك الابتدائي بعدد من الدواوير التي لحقتها خسائر مادية وبشرية بفعل الزلزال الأخير، بينما يسهر على تأمين احتياجاتهم وتنقلاتهم ما يفوق 70 مؤطرا”.
وقالت نوال الفيلالي، رئيسة جمعية “يلاه نتعاونو”، إن “المبادرة جاءت بالصدفة بعدما تلقينا اتصالات من بعض الدواوير بإقليم تارودانت حول ما إذا كانت هناك إمكانية لتوفير فترة استجمامية للأطفال، قبل أن تليها اتصالات أخرى من بعض المناطق الأخرى كإيغيل ودوار تيكيخت؛ مما جعلنا نخطو هذه الخطوة بدون تردد بعد التنسيق حول المتطلبات وسبل توفيرها”.
وأوضحت الفيلالي، في حديث لهسبريس، أن “تكاليف إيواء المشاركين ضمن فندق بمدينة طنجة والمطعمة ونقلهم من دواويرهم إلى المدينة تكلفت بها الجمعية التي اعتمدت على أعضائها ومتبرعين وبعض الفاعلين الخواص الذين يواظبون دائما على المساهمة في مثل هذه الأعمال الخيرية”.
وتابعت: “ما اكتشفناه فعليا هو أن جميع الأطفال الذين استفادوا من هذه العملية لم يسبق لهم أن غادروا قُراهم وحضن أسرهم، ولم يُكتب لهم قط أن يتمتعوا بالبحر على سبيل المثال؛ فمن الصعب جدا تصورُ كيف أن الأطفال ظلوا طيلة الوقت سعداء بالاستمتاع بسواحل مدينة طنجة”.
وجوابا عن سؤال عما إذا كان آباء الأطفال المشاركين في هذه العملية قد اقتنعوا منذ البداية، أوضحت الجمعوية ذاتها أنه “بالعكس لم نجد أنفسنا قط محتاجين إلى جهدٍ إضافي من أجل إقناعهم بضرورة ترك أبنائهم يستفيدون من هذه الفترة التخييمية كي ينسوا نسبيا كارثة الزلزال ويتجاوزوا تداعياتها النفسية بالأساس”.
من هذا المنطلق، بينت رئيسة جمعية “يلاه نتعاونو” أن “برنامج الفترة التخييمية يضم أنشطة ثقافية وليال ذات صبغة دينية بالأساس، إلى جانب مسابقات للمواهب الناشئة، فضلا عن زيارات متواصلة إلى مختلف المعالم الأثرية لمدينة طنجة والجهة الشمالية ككل”.
كما سجلت نوال الفيلالي وجود “تعاونٍ متواصل من قبل السلطات المحلية بمدينة طنجة التي سهلت أمامنا المأمورية، خصوصا فيما يتعلق بالرخص وتأمين تنقلات الأطفال، في الوقت الذي أعرب فيه التجار والحرفيون والنشيطون بأسواق الجملة بالمدينة بدورهم عن رغبتهم في المساهمة بكل ما يمكنه أن يؤمن فترة تخييمية سليمة للمشاركين الثلاثمائة”.
وأكدت الفاعلة الجمعوية في الأخير أن “هذه العملية في صلبها تمثل التفاتة من المحسنين والمتبرعين صوب الأطفال الذين عاشوا لحظات عصيبة مرتبطة بكارثة الزلزال ولم يتمكنوا بعدُ من نسيانها؛ فمن بينهم يتامى، سواء من فقدوا أحد الأبوين أو من فقدوا الاثنين. من المهم جدا أن نلتفت إلى هؤلاء الأطفال ونمنحهم بعضا من الاهتمام، خصوصا في فترة صيفية كهذه. ولا نستبعد القيام بهذه العملية مجددا، إن كانت الظروف تسمح بذلك”.