أولمبياد باريس: ماذا تعني مشاركة الرياضيين الروس باعتبارهم “محايدين”؟
- Author, سونيا أوكسلي
- Role, بي بي سي سبورت
لن يكتمل جدول الميداليات في أولمبياد باريس هذا العام، في ظل غياب عدد من اللاعبين الروسيين والبيلاروسيين والذين لن يسمح لهم بالمشاركة إلا باعتبارهم رياضيين محايدين، وبشرط عدم رفع أعلامهم أو عزف نشيدهم الوطني.
وقد مُنعت روسيا وبيلاروسيا من إرسال فرق إلى الألعاب بعد غزوها لأوكرانيا، والذي دعمته بيلاروسيا.
لكن الدول مدعوة لإرسال رياضيين فرديين يستوفون المعايير الصارمة التي وضعتها اللجنة الأولمبية الدولية فيما يتعلق بما إذا كان الرياضيون يدعمون الحرب أو لديهم ارتباطات عسكرية.
عادةً ما تكون البعثة الروسية إلى الألعاب الأولمبية، من أكبر البعثات الرياضية مقارنة بباقي الدول – حتى تلك البعثة الأخيرة والتي شاركت في الألعاب بالرغم من العقوبات المفروضة عليها بسبب فضيحة المنشطات.
وكذلك تعدُّ البعثة الروسية واحدة من البعثات ذات الوزن والتي تحوز على عدد وفير من الميداليات، ولكن يبدو أن هذه المرة ستكون مختلفةً تماماً.
لقد وجهت اللجنة الأولمبية الدولية الدعوة إلى 36 رياضياً روسياً و24 رياضياً بيلاروسياً فقط، ردّ بقبول تلك الدعوات 15 رياضياً روسياً و17 رياضياً بيلاروسياً فقط، وفي طوكيو 2020، أرسلت اللجنة الأولمبية الروسية 335 رياضياً فيما أرسلت بيلاروسيا 101 رياضياً.
ورغم أن روسيا قالت إنها لا تخطط لمقاطعة الألعاب، فإن اتحاد رفع الأثقال الروسي استشهد بـ”مبدأ الاختيار غير الرياضي” في تعليل قراره برفض الدعوات الموجهة لعشرة رياضيين، ووفقاً للجنة الأولمبية الدولية، فقد قبل تسعة من هؤلاء الرياضيين الدعوة في البداية.
وأشار اتحاد الجودو في روسيا إلى مخاوف مماثلة، قائلاً إنه لن يقبل “الشروط المهينة” ورفض دعوة رياضييه الأربعة، الذين أدرجت اللجنة الأولمبية الدولية أحدهم على أنه قبل الدعوة في البداية.
إذن، كيف وصلنا إلى هذه النقطة وكيف ستبدو الألعاب الأولمبية للرياضيين الذين قبلوا؟
ماذا يعني أن تكون رياضياً محايداً؟
سيشارك الرياضيون الذين يحملون جوازات سفر روسية أو بيلاروسية والذين كانوا مؤهلين للتنافس في باريس 2024 كرياضيين محايدين فرديين.
وهذه هي الألعاب الأولمبية الرابعة على التوالي التي يخضع فيها الروس لتقييدات في مشاركتهم.
قبل غزوها لأوكرانيا، كانت روسيا بالفعل خاضعة لعقوبات على الساحة الرياضية الدولية بسبب فضيحة المنشطات التي ترعاها الدولة.
آخر مرة تمكنت فيها من المنافسة في الألعاب الأولمبية تحت علمها الخاص ونشيدها الوطني كانت في ألعاب ريو 2016.
في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022 وألعاب طوكيو الصيفية 2020، تنافس اللاعبون الروس الذين تمكنوا من إثبات نزاهتهم، تحت اسم اللجنة الأولمبية الروسية، وفي دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونج تشانج 2018، تنافسوا تحت اسم “الرياضيين الأولمبيين الروس”.
وبصفتهم اللجنة الأولمبية الروسية والرياضيين الأولمبيين الروس، كان نتائج اللاعبين الروس تظهر كمجموعة في جداول الميداليات، لكن لن يكون كذلك في حالة “الرياضيين الفرديين المحايدين”، لأنّ اللجنة الأولمبية الدولية لن تضم ميدالياتهم في جدول الدول، بل ستظهر نتائجهم كأفراد.
كيف يمكن للروس أن يتأهلوا للمنافسة؟
حظرت اللجنة الأولمبية الدولية في البداية مشاركة الرياضيين الروس والبيلاروسيين بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، وبيلاروسيا حليف وثيق لروسيا وتدعم حربها في أوكرانيا.
وقررت اللجنة الأولمبية الدولية في وقت لاحق أن الرياضيين من البلدين سيكونون قادرين على المشاركة كمحايدين إذا استوفوا شروط الأهلية الصارمة، قائلة إن السماح للأفراد بالمشاركة كان من أجل “احترام حقوق الإنسان”.
ومن بين الشروط الواجبة:
أن يدعم الرياضيون الحرب، وألا يكونوا مرتبطين بعقود مع الجيش الروسي أو البيلاروسي أو وكالات الأمن القومي (العديد من الأندية الرياضية الروسية لها روابط مباشرة مع الأجهزة العسكرية والأمنية).
كذلك ألا يُسمح لهم بالمشاركة في فرق، حيث كان على الرياضيين التأهل للألعاب ثم اجتياز فحص مزدوج – أولاً من قبل اتحادهم الرياضي الدولي ثم من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، والتي أنشأت لجنة مراجعة أهلية الرياضيين المحايدين الفرديين.
وفي حالة اجتيازهم الاختبارات، تتم دعوتهم بعد ذلك من قبل اللجنة الأولمبية الدولية للمشاركة في الألعاب.
ولن يشارك رياضيو ألعاب القوى التابعون للاتحاد الدولي لألعاب القوى في منافسات ألعاب القوى لأن الاتحاد الدولي لألعاب القوى حظر جميع الروس والبيلاروسيين.
كم عدد الروس الذين سيشاركون في باريس 2024؟
قالت اللجنة الأولمبية الدولية العام الماضي إنها تتوقع مشاركة 55 روسياً كحد أقصى و28 بيلاروسياً في باريس 2024، رغم أن التوقعات للسيناريو الأكثر احتمالاً هو انخفاض عدد الروس إلى 36 والبيلاروسيين إلى 22.
وقد قبل 15 روسياً و17 بيلاروسياً فقط الدعوات.
وهذه الأرقام بعيدة تماماً عما كانت عليها الألعاب الروسية في أولمبياد طوكيو 2020، حيث كانت اللجنة الأولمبية الروسية واحدة من أكبر الوفود بواقع 335 متنافساً في 30 رياضة.
واحتلوا المركز الخامس في جدول الميداليات في طوكيو برصيد 71 ميدالية (20 ذهبية، 28 فضية، 23 برونزية).
لقد سيطرت روسيا على بعض الأحداث لسنوات عديدة، وبالتالي فإن غياب العديد من منافسيها سوف يفتح الفرص أمام دول أخرى.
ويتضمن ذلك، على سبيل المثال، السباحة الفنية، حيث فاز الروس بالميدالية الذهبية في الفرق والثنائي في الألعاب الست الماضية، والجمباز الإيقاعي، حيث فازت روسيا بالميدالية الذهبية في الفرق والفردي في خمس من أصل الدورات الأولمبية الست الماضية.
من هم الروس الذين سيشاركون في باريس 2024؟
يعد لاعب التنس العالمي السابق دانييل ميدفيديف أبرز لاعب روسي يشارك في البطولة.
ومن بين الروس الخمسة عشر الذين قبلوا الدعوة أيضاً ستة لاعبين آخرين في التنس، ولاعب جمباز الترامبولين، وثلاثة لاعبين في رياضة الزوارق، وثلاثة لاعبين في رياضة الدراجات على الطرق، وسباح واحد.
وبحسب اللجنة الأولمبية الدولية، فإن تسعة من أصل عشرة مصارعين تمت دعوتهم قبلوا الدعوة في البداية ثم رفضوها فيما بعد، أما البقية فقد رفضوا الدعوة على الفور.
ومن بين اللاعبين الـ21 الذين رفضوا الدعوات لاعبو التنس أندري روبليف وكارين خاتشانوف وداريا كاساتكينا وراكب الدراجات على الطرق ألكسندر فلاسوف.
في هذه الأثناء، من بين البيلاروسيين الـ17 الذين قبلوا الدعوة، إيفان ليتفينوفيتش، الذي سيدافع عن لقبه في الترامبولين للرجال.
وانضم إليه لاعب جمباز ترامبولين آخر، وثلاثة سباحين، ولاعبان في رياضة الكانو، ولاعبان في رياضة الرماة، ولاعبان في رياضة التجديف، ولاعبان في رياضة المصارعة، ولاعبان في رياضة رفع الأثقال، ولاعب واحد في رياضة الدراجات على الطرق، ولاعب واحد في رياضة التايكوندو.
ومن بين لاعبي بيلاروسيا السبعة الذين رفضوا المشاركة بطلتي البطولات الأربع الكبرى في التنس أرينا سابالينكا وفيكتوريا أزارينكا.
تحت أي علم سيتنافس الروس؟
إذا كان هناك لاعبون فرديون على المنصة، فسيتم رفع العلم الأزرق والأخضر والأبيض الذي يحمل شعار AIN “الرياضيين الفرديين المحايدين” في حفل توزيع الميداليات.
يجوز للرياضيين استخدام هذا الشعار على معداتهم، والتي يجب أن تكون بيضاء أو أحادية اللون بخلاف ذلك.
ولا يجوز للرياضيين إظهار أي ألوان أو أعلام أو شعارات روسية أو بيلاروسية، كما يُحظر عليهم أيضاً حملها في الملاعب.
ما هو النشيد الذي سيغنيه الروس إذا فازوا بالميدالية الذهبية؟
لن تسمع النشيد الوطني الروسي أو البيلاروسي في مراسم توزيع الميداليات في باريس 2024.
إذا فاز اللاعبون الفرديون بالميدالية الذهبية، فسيتم تشغيل نشيد مكتوب خصيصاً بدون كلمات.
هل تمّت دعوة بوتن إلى الأولمبياد؟
لم تتم دعوة أي مسؤول حكومي أو حكومي روسي أو بيلاروسي إلى هذه الألعاب الأولمبية ولم يتم اعتماده للمشاركة فيها.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن العام الماضي إنه يؤيد مشاركة الروس في الألعاب، لكن هناك حاجة إلى مزيد من التقييم لما يعنيه الوضع المحايد بالنسبة لرياضيي بلاده.
وقال “إذا كانت الشروط التي وضعتها اللجنة الأولمبية الدولية تهدف إلى عزل أفضل الرياضيين الروس وتصوير الرياضة الروسية على أنها تموت في الألعاب الأولمبية، فإنكم بحاجة إلى اتخاذ قرار بشأن ما إذا كنتم تريدون الذهاب إلى هناك على الإطلاق”.
وكان ذلك مماثلاً لما عبّر عنه الاتحاد الروسي للجودو – وهي الرياضة التي حصل فيها بوتن نفسه على الحزام الأسود – عندما قال إنه يرفض أي طريقة اختيار “تهدف إلى… كسر روح الرياضيين الروس”.
وانتقدت روسيا اللجنة الأولمبية الدولية وقيودها على رياضييها، حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن الهيئة الرياضية “انزلقت نحو العنصرية والنازية الجديدة”.
كيف يمكن أن يحظى الروس بالاستقبال في باريس؟
عندما أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية عن قرارها بالسماح للرياضيين المشاركين في الألعاب، قالت إن أحد الاعتبارات التي أخذتها في الاعتبار هو أن “الأغلبية الساحقة من الرياضيين” لا يريدون “معاقبة زملائهم الرياضيين بسبب تصرفات حكومتهم”.
أصدرت اللجنة الأولمبية الوطنية الأوكرانية في مايو/أيار توصيات تحث فيها رياضييها على تجنب الاتصال مع الروس والبيلاروسيين في باريس 2024 حتى يمكن منع “الأعمال الاستفزازية” المحتملة.
واقترحت توصياتها أيضاً ألا يشارك الرياضيون الأوكرانيون في المؤتمرات الصحفية أو المقابلات مع الرياضيين من البلدين وتجنب التصوير معهم في احتفالات توزيع الميداليات.
بدأ العديد من الرياضيين الأوكرانيين بالفعل في تجنب المصافحة مع المنافسين الروس والبيلاروسيين منذ الغزو.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي العام الماضي إن السماح لروسيا بالمنافسة في الألعاب الأولمبية سيكون بمثابة إظهار أن “الإرهاب مقبول بطريقة ما”، مضيفاً أنه لا يوجد حياد في الرياضة بينما يموت رياضيو بلاده في ساحة المعركة.
قالت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو في شهر مارس/آذار الماضي إن الرياضيين الروس والبيلاروسيين “غير مرحب بهم” في الألعاب.
وأعربت الحكومة البريطانية، التي كانت قد دعمت في السابق حظر اللجنة الأولمبية الدولية على الروس والبيلاروسيين، عن دعمها في أبريل/نيسان لقرار اللجنة الأولمبية الدولية بالسماح لهم بالتنافس في باريس كمحايدين.