أخبار العالم

“مدى” ينظم قراءة في “ربيع تونس”



نظم مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية “مدى”، السبت الماضي، قراءة في كتاب “ربيع تونس.. رحلة الأدب والإنسان” لمؤلفه القاص والروائي المغربي مصطفى لغتيري، بمشاركة محمد النظام ومصطفى الزعير، الباحثين في التاريخ المعاصر، والشاعرة ليلى التجري، وأشرف بولمقوس، باحث في العلوم السياسية وكاتب في أدب الرحلة، وحضور جمهور من الطلبة والباحثين والفاعلين في المجتمع المدني.

وتناولت مداخلات المشاركين الأبعاد الأدبية والسياسية في الرحلة موضوع القراءة، حيث تم التركيز على أن الرحالة المغاربة تاريخيا كتبوا عن تونس، لكن تلك الكتابات ظلت نادرة، حيث ترد في الكتابات الرحلية للحجاز كمحطة عبور، ولم يتم الوقوف عندها كثيرا، عكس السنوات الأخيرة التي توالت فيها بعض الكتابات، خصوصا من مثقفين ومبدعين كانوا يشاركون في مؤتمرات وأحداث ثقافية، فينقلون عبر هذا الحضور مشاهد ومحكيات عن طريق أدب الرحلة.

كما اعتبرت المداخلات أن مصطفى لغتيري كان سباقا بهذا المؤلف، مشيرة إلى أن كتابه هو أول عمل رحلي عن تونس بعد ثورة 2011، حيث جاء بعد عام وشهرين من اندلاع الأحداث، وتطرق إلى العوامل التي أدت إلى اندلاع الثورة، وقدم توصيفات للرئيس التونسي الأسبق مثل “زين الهاربين” و “ديكتاتور تونس”.

وتمت الإشارة إلى أسلوب الكتاب الشيق والأخاذ واللغة البسيطة، وأن تركيزه على الأحداث السياسية الراهنة يجعله مصدرا من مصادر كتابة التاريخ، باعتبار أن المؤرخ يستند إلى الرحلة باعتبارها من المصادر التي يمكن الاستناد إليها، بعد إخضاعها للنقد التاريخي، ذلك أن الرحلة يمكن أن تستند إلى الخيال والأحكام المسبقة وحضور ذاتية المؤلف.

وعرجت المداخلات على خصائص الكتاب موضوع القراءة، ابتداء من العنوان المختار بدقة وعناية تعكس احترافية المؤلف، ثم المقارنة التي تحضر في جميع فصول الكتاب بين تونس والمغرب، وتقديم معطيات وصفية دقيقة عن العمارة وتناول الذهنيات، بالإضافة إلى الإشارة للجوانب الثقافية في تونس والاحتفاء بتقدير المبدعين والفنانين بهذا البلد، سواء من حيث تكريمهم أحياء وتقديرهم أمواتا، كالإشارة إلى ضريح الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي.

كما تطرقت المداخلات إلى تنويع الكاتب في منهجيات الكتابة، حيث نهج الاستبطان والمقارنة والتغذية الراجعة المحايدة، لتخلص إلى أن “هذا الكتاب هو رصد توثيقي، منطلقا من ثقافة واسعة للمؤلف، للراهن التونسي في مختلف أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.

وحسب المتدخلين، فإن الكتاب يستمد أهميته من السياق الذي كتب فيه، ومن صاحبه الذي يتميز بغزارة الإنتاج في المجالات الأدبية المختلفة، وبثقافة واسعة وحس نقدي والتزام سياسي واضح من خلال مجموعة من المواقف المعبر عنها، وكذلك من كونه جاء في مرحلة جعلته يترصد أثر الثورة في تونس ويستشرف مستقبلها، مما يجعل قراءته بعد أكثر من عقد على إصداره بمثابة تأكيد على راهنيته في تقييم منطلقات الثورة وما آلت إليه.

وفي كلمة له بالمناسبة، ثمن لغتيري جل المداخلات التي أضاءت جوانب مختلفة مما تطرق إليه في كتابه أحيانا بالإيجاز وأخرى بالإشارة، معتبرا أن “المواقف المعبر عنها، التي ذهبت بعض المداخلات إلى اعتبارها تعبيرا عن فعل سياسي، هي دلالة على وعي سياسي لديه، وليس فاعلا سياسيا يواجه فاعلين آخرين”.

و لم يخف الكاتب المغربي ميله إلى طروحات سياسية معينة تمثل في مجملها قيم الحرية والمساواة والديمقراطية، وهو ما أشار إليه في الكتاب حين الحديث عن ضرورة الانتصار لقيم الديمقراطية التي جاءت بفاعلين سياسيين يحظون بثقة الشعوب، مشيرا إلى أن “ما تقدم به كان استشرافا لتجربتهم التي انتقلت من المجال الاحتجاجي إلى مجال الحكم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى