محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق ترامب.. هل تطل أمريكا على الهاوية؟
تفاعلا مع حادث محاول اغتيال الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، رجح جوناثان س. توبين، رئيس تحرير موقع “Jewish News Syndicate”، ضمن مقال ترجمه إلى العربية الكاتب رمضان مصباح، أن يكون هذا الحادث مرتبطا بارتفاع منسوب الخطاب السياسي الشديد المساهم في خلق جو يسهل فيه اللجوء إلى العنف ضد غير الحاملين للمعتقدات السياسية نفسها.
على النحو ذاته انتقد توبين “تحميل المسؤولية في مثل هذه الأحداث لمرتكبيها فقط، عوضا عن أن يشمل الأمر كذلك من يشاركونهم مواقفهم السياسية، موازاة مع ارتفاع حدة تضخيم المشاعر المتطرفة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي؛ الأمر الذي يبدو خلال العقد الثالث من القرن الحالي أكثر من أي وقت مضى”.
ورصد كاتب المقال تكتلا للمحسوبين على الحزب الديمقراطي ومناصريه من أجل تصوير ترامب على أنه مرادف للفاشية، وشبيه بالزعيم النازي أدولف هتلر، قبل أن يعودوا في أعقاب محاولة الاغتيال إلى سحب إعلاناتهم السياسية المستهدفة للرئيس الجمهوري السابق، وهو ما انخرط فيه الإعلام الأمريكي كذلك بعدما أوقفت قناة “MSNBC” برنامجها “Morning Joe” عن البث لمدة أسبوع، الذي يقال إنه مفضل لدى بايدن.
وزاد الكاتب ذاته: “في الأشهر الأربعة المقبلة سوف نرى ما إذا كان من الممكن حقا التراجع عن حافة الهاوية، والعودة إلى حياة سياسية طبيعية أكثر؛ حيث لا يتم التعامل مع الخلافات، أو حتى المرشحين المثيرين للجدل، كذريعة لـ’حرب أهلية’”، قبل أن يعود ليثير مسألة “فشل جهاز الخدمة السرية في حماية ترامب ووقف محاولة اغتياله”.
نص المقال:
لا يتصرف المسلحون المنفردون بالضرورة بدافع الخطاب المتطرف، لكن إطلاق النار في بنسلفانيا يجب أن يضع حدا للخطاب القائل إن “أي شخص لا أحبه هو هتلر”.
متى يتجاوز الخطاب السياسي الغاضب الخط الفاصل بين الدعوة المشروعة والتحريض المباشر على العنف؟ إنه سؤال شائع للغاية في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل على مدى الجيل الماضي.
إن الإجابة عن هذا السؤال صعبة حتى بالنسبة للمراقبين الأكثر موضوعية؛ لكن نظرا لأن قِلة منا يتسمون بالموضوعية الحقيقية في ما يتصل بالقضايا والنزاعات التي تولد القدر الأعظم من الغضب فإن أغلبنا يميل إلى الاستجابة، بناء على أسس ذاتية، فيعامل مواقفه باعتبارها شرعية بطبيعتها، في حين يعامل مواقف الأشخاص الذين نختلف معهم باعتبارها خارجة عن المألوف.
ولهذا السبب فإن أعمال العنف السياسي، مثل محاولة اغتيال الرئيس السابق “دونالد ترامب” نهاية الأسبوع الماضي- قد تؤدي بسهولة إلى تفاقم التوترات داخل المجتمعات بدلا من المساعدة في معالجتها. وفي سعينا إلى فهم الكيفية التي قد يتجاوز بها الأمريكيون انقساماتهم السياسية، ويستعيدون بعض الشعور بالوحدة الوطنية، يتعين علينا أن نتذكر أن أمرين قد يكونان صحيحين في الوقت نفسه.
إن أحد الأسباب وراء هذه الظاهرة هو أن المسؤولية عن أعمال العنف السياسي تقع على عاتق مرتكبيها وحدهم، وليس على أولئك الذين قد يشاركونهم بعض مواقفهم السياسية.
هذا صحيح بشكل خاص عندما ندرك أن العديد من هذه الجرائم إن لم يكن أغلبها يرتكبها متطرفون منفردون غالبا ما تكون دوافعهم معقدة بسبب صراعهم مع المرض العقلي.
لكن هناك أوقات أخرى حيث قد ترتفع نبرة ومحتوى الخطاب السياسي إلى مستوى من الشدة التي قد تخلق جوًا يسهل فيه تصور العنف، حتى لو لم يكن حتميًا بالضرورة. وربما يكون هذا هو الحال في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين أكثر من أي وقت مضى؛ حيث يمكن تضخيم المشاعر المتطرفة، من خلال تفكير الصحافة السائدة وتضخيمها من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي تميل إلى تعزيز شعور مستخدميها بالسخط الذاتي وعدم التسامح مع أي شخص لا يتفق معهم.
وحينما يتم التركيز الكامل لحجج أحد طرفي الطيف السياسي على التعامل مع المعارضين باعتبارهم غير شرعيين، وزعيمهم باعتباره المجسد الثاني لأدولف هتلر -كما تعامل الديمقراطيون مع ترامب- فإن هذا لا يكفي للرد على عمل من أعمال العنف باستخدام مهدئات لخفض درجة الحرارة.
لذا، إذا كنت توافق على أولئك الذين يطلقون على ترامب تسمية هتلر، وعلى نصف البلاد الذي يخطط للتصويت له اسم الفاشيين أو “شبه الفاشيين”، الذين يريدون إنهاء الديمقراطية؛ فربما رد فعلك على محاولة الاغتيال ينبغي أن يكون تقييما ذاتيا رصينا، بدلا من محاولة تجاهل سياق الخطاب السياسي المعاصر بحجة: “كلا الجانبين مخطئ”.
إن أولئك الذين يطالبون الآن باللياقة، بعد أن أمضوا السنوات القليلة الماضية في إعلان أن ترامب لا يستحق هذا النوع من الاحترام وإبداء الازدراء لكل من دعمه، والتحذير من أن العالم كما نعرفه سينتهي إذا عاد إلى البيت الأبيض في يناير المقبل، ليسوا متأخرين قليلا عن الحفلة.
إن أعضاء الطبقات الثرثارة الذين بذلوا قصارى جهدهم لإشعال النار في المناقشة الوطنية يحتاجون إلى أن يكونوا صادقين بشأن ما كانوا يفعلونه والعواقب المحتملة لخطابهم؛ إنهم بحاجة خاصة إلى النظر في المرآة، لأن معظم أولئك الذين يلعبون الآن لعبة “كلا الجانبين” لم يترددوا قط في إلقاء اللوم على خصومهم في أعمال العنف السياسي.
معايير مختلفة
بالنسبة لليسار الإسرائيلي فإن الرواية المقبولة حول اللحظة الأكثر صدمة، في تاريخ بلادهم السياسي، هي أن الخطاب الساخن لليمين، وخاصة لرئيس الوزراء الحالي “بنيامين نتنياهو”، قتلَ إسحاق رابين في نوفمبر 1995. وعلى نحو مماثل اعتبر معظم الليبراليين، وخاصة اليهود الأميركيين الليبراليين، أن مأساة إطلاق النار الجماعي في كنيسة شجرة الحياة في بيتسبرغ في أكتوبر 2018 كانت خطأ ترامب.
كان كلا الادعاءين كاذبين. لا شك أن المناقشة حول اتفاقيات أوسلو أدت إلى خطاب غير مسؤول من قبل بعض معارضي رابين، وإن لم يكن نتنياهو. ومن الصحيح أيضًا أن التعليقات العامة المبالغ فيها لترامب، ومنشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، ساعدت في إضفاء طابع فظ على الخطاب السياسي؛ لكن الرغبة في إلقاء اللوم على نتنياهو وترامب متجذرة في المقام الأول في التعصب الحزبي. سعى خصومهم السياسيون إلى ربطهم بأفعال لا علاقة لهم بها من أجل تشويه سمعتهم.
لكن مازال الدافع وراء إطلاق النار، والتفاصيل المتعلقة بالهجوم على ترامب، غير محددة حتى الآن.
ومن المثير للقلق بشكل خاص فشل جهاز الخدمة السرية في حمايته من التهديد الذي افترض معظم الأمريكيين أنه سيؤخذ في الاعتبار. ومع ذلك هناك دائما معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بالحكم على مثل هذه الفصول الحزينة في التاريخ.
إن وسائل الإعلام السائدة، التي يهيمن عليها اليسار السياسي في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، لا تتردد أبدا في تحميل اليمين المسؤولية عن العنف السياسي.
كان أحد أكثر الأمثلة فظاعة عام 2011، عندما استهدفت مسلحة منفردة النائبة جابي جيفوردز (ديمقراطية من أريزونا) في توسون. قُتل ستة أشخاص وأصيبت النائبة بإصابات دائمة أجبرتها على التخلي عن حياتها المهنية. كان مطلق النار فردًا مختلًا عقليًا لا يملك أيديولوجية سياسية واضحة، ورغم هذا ربطت الصفحة الافتتاحية لصحيفة “نيويورك تايمز” الجريمة بمرشحة الحزب الجمهوري السابقة لمنصب نائب الرئيس سارة بالين، التي وزعت لجنة العمل السياسي التابعة لها قائمة بالمناطق التي يمثلها الديمقراطيون، بما في ذلك منطقة جيفوردز.
لكن إذا استخدمت وسائل الإعلام الآن المعايير نفسها المستخدمة في ذلك الوقت فإن الرئيس جو بايدن -الذي زعم ذات يوم أن الجمهوريين مثل “ميت رومني” سيعيدون الأمريكيين من أصل إفريقي “إلى السلاسل”- سيتحمل اللوم على محاولة اغتيال خصمه، لأنه قبل أسبوع واحد فقط من إطلاق النار أخبر المانحين الديمقراطيين بأن “الوقت حان لوضع ترامب في مرآة التصويب”.
كانت حوادث، مثل إطلاق النار على أعضاء جمهوريين في الكونغرس عام 2017 ومحاولة اغتيال قاضي المحكمة العليا الأمريكية بريت كافانو عام 2022، ذات دوافع سياسية؛ وكان من الممكن أيضًا إلقاء اللوم على شيطنة اليسار للضحايا، بسهولة أكبر بكثير من إلقاء اللوم على ترامب في إطلاق النار في بيتسبرغ.
لكن الديمقراطيين ليسوا الوحيدين الذين يتعين عليهم توخي الحذر بشأن إثارة غضب أنصارهم؛ فمن المؤكد أن تعليقات ترامب حول نتائج انتخابات 2020 مهدت الطريق لأعمال الشغب في مبنى الكابيتول، في السادس من يناير، حتى وإن كان نصح أولئك الذين حضروا مسيرة “أوقفوا السرقة” في واشنطن العاصمة بالتظاهر “سلميا ووطنيا”.
وعندما لم يتبع بعضهم هذه النصيحة، وقاتلوا الشرطة واقتحموا مبنى الكابيتول، لم يتحدث ترامب عن ذلك بسرعة وبقوة، كما كان ينبغي له، كما قلل من أهمية الأمر في بعض الأحيان؛ حتى حينما ضخم الديمقراطيون أعمال الشغب المشينة، التي شارك فيها بضع مئات من الناس، واعتبروها -زورا- “تمردا” تورط فيه جزء كبير من الحزب الجمهوري.
لكن الديمقراطيين الذين صرخوا ضد أحداث السادس من يناير لم يكونوا حريصين على إدانة العنف في الصيف السابق. في ذلك الوقت انتشرت أعمال الشغب “السلمية في الغالب” التي نظمتها حركة “حياة السود مهمة” في جميع أنحاء البلاد، ما أسفر عن هجمات على المباني الحكومية وعنف أكبر بكثير، بما في ذلك الوفيات، مقارنة بما حدث في السادس من يناير. وعلى العكس من ذلك أبدى العديد منهم أعذارهم أو مبرراتهم لأعمال الشغب.
ويمكن قول الشيء نفسه عن الطريقة التي تعاملت بها العديد من وسائل الإعلام الليبرالية مع العنف ضد اليهود، والارتفاع الحاد في معاداة السامية الذي حدث في الأشهر التسعة الماضية، منذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر على إسرائيل.
التراجع عن حافة الهاوية
هناك دلائل تشير إلى أن كلا الحزبين يدركان، في أعقاب محاولة الاغتيال، أن الجمهور لن يكون متقبلا للخطاب الغاضب والتحريض كما كان في الماضي. ومن المرجح أن يدرك ترامب والجمهوريون أن من مصلحتهم أن يترفعوا على التراشق بالوحل الذي وجه إليهم، والرد بغضب.
وانعكس ذلك أيضًا في قرار الديمقراطيين سحب إعلاناتهم السياسية التي تستهدف ترامب، ومحاولة بايدن تهدئة الأمور، في خطابه إلى الأمة يوم الأحد؛ رغم ملاحظاته التي كانت مكتوبة بعناية، لمحاولة إلقاء أكبر قدر ممكن من اللوم على الجمهوريين في الأجواء الحالية.
كان القرار الآخر هو قرار قناة “MSNBC” إيقاف برنامجها “Morning Joe” عن البث لمدة أسبوع بعد محاولة اغتيال ترامب. يُقال إن “Morning Joe” هو البرنامج التلفزيوني المفضل لدى بايدن، رغم أن البرنامج كان في الواقع ودودًا جدًا مع ترامب خلال الأشهر الأولى من الحملة الرئاسية لعام 2016.
لكن هذا كان مساهمة عينية دائمة، ليس فقط لحملة إعادة انتخاب بايدن، بل أيضا للجهود الرامية إلى شيطنة ترامب باعتباره مستبدا إجراميا. وبينما كشفت وسائل التواصل الاجتماعي أن هذه الخطوة أثارت غضب قاعدة المعجبين بها الذين شعروا بأنها حرمتهم من جرعتهم اليومية من كراهية ترامب، فمن الواضح أن الشبكة اعتقدت أن السماح ببثها، في ظل هذه الظروف، من شأنه أن يعزز الانتقادات، بكون برامجها حرضت على العنف ضده.
لكن إذا كان من المؤكد أن درجة الحرارة على وشك الانخفاض في الخطاب العام فإن كل هذا جيد؛ لكن يجب أن نفهم أن المناخ السياسي الحالي في الولايات المتحدة فريد من نوعه في التاريخ الأمريكي. لقد سخر الديمقراطيون من اليمين لما أسموه “سردية الضحية”؛ لكن حملتهم القانونية الموجهة ضد ترامب، وهي تروم إفلاسه وسجنه، غير مسبوقة، وتذكرنا بأكثر بجمهوريات الموز، أو الدول الشمولية والاستبدادية، وليس بالديمقراطية الأمريكية.
لقد ألهم كل الرؤساء المتعاقبين، من كلا الحزبين، في العقود الثلاثة الماضية، متلازمات الاضطراب الخاصة بهم؛ لكن المتلازمة المحيطة بترامب كانت الأسوأ.
ولم يأت السباب المتطرف ضد ترامب من شخصيات هامشية؛ بل كان المعلقون السياسيون الليبراليون، على شبكات الأخبار الرئيسية والكابلية، هم من يروجون لشعار “ترامب هو هتلر”، كما تم ترسيخه من خلال منشورات مثل مجل “ذا نيوز ريبابليك”، التي نشرت صورة للرئيس السابق على هيئة هتلر على غلاف عددها الصادر في يونيو، وخصصت لتشويه سمعة الحزب الجمهوري، باعتباره يحاول تدشين عصر “الفاشية الأمريكية”.
وعلى النقيض من كاتب الرأي في صحيفة “نيويورك تايمز” ديفيد فايرستون فإن هذا ليس مجرد “لغة حادة” أو “نقد سياسي عادي”؛ فبمجرد الغوص في جحر الأرنب، المتمثل في مقارنات مع هتلر، فإن المناقشات حول شرعية العنف لا تصبح أكثر انتشارا فحسب؛ بل إنها تصبح قابلة للدفاع عنها، لأنها تستحضر خيالات مضادة للواقع حول كيف كان من الممكن تغيير التاريخ إلى الأفضل لو كان شخص ما فقط قادرا على قتل الزعيم النازي، قبل إطلاقه الحرب العالمية الثانية والمحرقة.
ولم تنجح محاولة الاغتيال في إخماد هذا النوع من التعليقات السامة بالكامل؛ فبعيدا عن التلاعب من جانب الليبراليين برأيهم حول ذنب الجميع في جعل الجريمة ممكنة، فإن الرغبة في النظر إلى الحدث، من خلال أكثر العدسات تشاؤما، لم تقتصر فقط على مستنقعات الحمى السياسية؛ ففي اليوم التالي لإطلاق النار نشرت صحيفة “فوروارد” اليهودية اليسارية مقالا مخصصا لشرح محاولة قتل الرئيس السابق باعتبارها حدثا أشبه بـ “حريق الرايخستاغ”، حيث استخدم الحزب الجمهوري، مثل النازيين، جريمة لتبرير قمعه للديمقراطية.
إن قيام صحيفة يهودية يُفترض أنها مسؤولة، يرأس تحريرها رئيس مكتب صحيفة “نيويورك تايمز” السابق في القدس، بتعزيز نظرية المؤامرة بهذه الطريقة ليس أمرًا شائنًا فحسب، بل هو علامة على مدى صعوبة تهدئة الغضب بين اليسار، حتى بعد إطلاق النار.
ومع ذلك ينبغي لنا أن نأمل أن تعمل حقيقة العنف السياسي على كبح جماح الدافع لدى اليسار لتبرير “تمرده” ضد نتائج الانتخابات، سواء من خلال أعمال الشغب، مثل تلك التي وقعت صيف عام 2020، أو المؤامرات القانونية، إذا هُزم بايدن.
إن نجاة ترامب العجيبة من الموت، وموقفه المنتصر المتحدي بعد ذلك، قد يشحن التيار الذي جعله يتقدم على بايدن حتى قبل مناظرة الشهر الماضي؛ وهي الميزة التي نمت فقط بعد أن انقلب الديمقراطيون على بعضهم البعض؛ حيث سعى العديد منهم إلى استبدال الرئيس.
إذا كان فوز ترامب في نونبر أكثر احتمالا الآن فيجب أن تكون الأحداث في بتلر بمثابة تحذير بأن الوقت حان للتوقف عن التعامل مع أمريكا المعاصرة على أنها إعادة لألمانيا فايمار؛ كما فعل الديمقراطيون اليهود في أحد إعلانات مناهضة ترامب عام 2020 .
كان تحذيرهم من أن “شارلوتسفيل” -في إشارة إلى مسيرة النازيين الجدد عام 2017- “تحدث في جميع أنحاء أمريكا”، تحت حكم ترامب، مثيرا للسخرية، إذ وصل ارتفاع الكراهية لليهود، في عهد بايدن، إلى نقطة يمكن للمرء أن يقول فيها بحق: لقد شهدنا آلاف اللحظات من العنف، والترهيب المعادي للسامية، على غرار ما حدث في شارلوتسفيل.
في الأشهر الأربعة المقبلة سوف نرى ما إذا كان من الممكن حقا التراجع عن حافة الهاوية، والعودة إلى حياة سياسية أكثر طبيعية؛ حيث لا يتم التعامل مع الخلافات، أو حتى المرشحين المثيرين للجدل، كذريعة لـ”حرب أهلية”، كما أوضح أحد أفلام الخيال الذي صدر في وقت سابق من هذا العام.
مازلت مقتنعا بأن أغلب الأمريكيين لا ينظرون إلى العالم من منظور المعلقين في برنامج “مورنينغ جو” أو صفحة الرأي في صحيفة “نيويورك تايمز” أو حتى المحافظين الأكثر تشددا في تأييد ترامب. والحقيقة أن تقدم ترامب في سباق كان العديد من الديمقراطيين يقولون طوال الوقت إنه لا يحق له المشاركة فيه قد يكون علامة على مقاومة إضفاء الشرعية على وجهة النظر هذه، وحملة الحرب القانونية المصاحبة لها؛ بقدر ما هو حكم على مؤهلات ومواقف ترامب أو بايدن. وإذا كان بوسع باتلر أن يضع حدا لأسلوب “أي شخص لا أحبه هو هتلر” في التعليق السياسي فإن بعض الخير على الأقل قد يخرج من لحظة مأساوية في التاريخ الأمريكي.