حرب غزة: خلافات داخلية في إسرائيل تعرقل التوصل لاتفاق مع حماس
تتصاعد حدة الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن الوصول إلى اتفاق مع حماس، ووقف الحرب، وإطلاق سراح الرهائن.
وأفادت تقارير إسرائيلية بأن وزير الدفاع يوآف غالانت، يدرس خطوة الإعلان عن “قُرب التوصل إلى اتفاق” مع حماس، في محاولة لوضع مزيد من الضغوط على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من أجل الموافقة على اتفاق.
ويعتقد غالانت أن “حماس تريد التوصل إلى اتفاق”، وأن الاتفاق المطروح الآن على الطاولة “ليس مثالياً”، ولكن الأرض ممهدة للتوصل إليه.
وحال صدوره، سيكون إعلان غالانت بمثابة القول إن المقترح الحالي قد يكون “آخر فرصة لإعادة الرهائن أحياء”، بحسب التقارير الإسرائيلية.
وأظهر استطلاع رأي، الجمعة، أن 54 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون اتفاقا لتبادل الأسرى مع حركة “حماس” ووقفاً لإطلاق النار بقطاع غزة، مقابل رفض 24 بالمئة.
وقال مسؤولون أمريكيون إنهم يعملون على سدّ الفجوات بين الطرفين، ورأى بلينكن أن “الخطوات الأخيرة عادة ما تكون الأكثر صعوبة”.
رأى وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن أن إسرائيل وحركة حماس “على وشك التوصل إلى اتفاق” بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار.
وقال بلينكن، في منتدى أسبن للأمن بولاية كولورادو الأمريكية، إن “مجرد التوصل إلى اتفاق لا يكفي، وإنما ينبغي وضع خطط لليوم التالي”.
وأكد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أن اللقاء المرتقب بين بايدن ونتنياهو سيُركز على الاتفاق المقترح على الطاولة، والذي كان قد وضعه الرئيس الأمريكي في مايو/أيار الماضي.
مصالحة فلسطينية في الصين
وفي غضون ذلك، تنعقد في العاصمة الصينية بكين، اليوم وغداً الجولة الختامية لمحادثات المصالحة بين حركتَي فتح وحماس الفلسطينيتين.
المصالحة دعت إليها الصين لإنهاء خلافات طال أمدها بين الحركتين، في خطوة على طريق تأمين حلّ نهائي للقضية الفلسطينية.
وبحسب مسؤولين فلسطينيين، عقدت الفصائل الفلسطينية اجتماعاً قبيل لقاء بكين، للبحث في سبل إنهاء الانقسام.
ويرأس وفد حماس، رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، فيما يرأس وفد فتح، نائب رئيس الحركة محمود العالول.
وقال عزام الأحمد، عضو اللجنتين: التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، إن الأخيرة “منفتحة وجادة للوصول إلى إنهاء الانقسام”.
ومن حماس، قال القيادي حسام بدران إن الحركة تعاملت “بروح إيجابية وبمسؤولية وطنية مع هذه الدعوة الصينية حرصاً على تحقيق وحدة وطنية”.
فيما يرى مراقبون أن لقاء بكين خطوة على الطريق، وإنه من الصعب الآن الحديث عن إنهاء الانقسام والتوصل إلى مصالحة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، استضافت بكين جولة محادثات بين فتح وحماس، لكن لم تثمر عن حلول عملية لإسدال الستار على نحو 17 عاماً من الخلافات بين الحركتين الفلسطينيتين. كما باءت محاولات عربية بالفشل على هذا الصعيد.
وليست الدبلوماسية الصينية بعيدة عما يحدث في غزة؛ فقد استضافت بكين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وفداً من دول عربية وإسلامية لمناقشة الوضع في القطاع، في محاولة للتأثير على دول غربية من أجل التحرك لوقف إطلاق النار والسماح بدخول مساعدات إنسانية.
وتعتقد الصين أن “الوقوف إلى جانب الفلسطينيين يلقى صدى في البلدان العربية، وفي البلدان ذات الغالبية المسلمة، وفي أجزاء كبيرة من بلدان ما يُعرف بالجنوب العالمي”، بحسب ما ترى الباحثة الأمريكية داون ميرفي.
“رأي قانوني”
وفي أقوى بياناتها حتى الآن، أقرت محكمة العدل الدولية بعدم قانونية احتلال إسرائيل لأراض فلسطينية وكذلك ما أقامته على تلك الأراضي من مستوطنات، وإنه ينبغي إزالتها على وجه السرعة.
وعلى الرغم من أن رأي المحكمة “استشاري” وليس ملزما، لكنه ذو ثِقل على صعيد القانون الدولي، ومن شأنه أن يضعف جبهة الدعم لإسرائيل؛ ذلك أن العدل الدولية تعدّ أعلى محكمة في الأمم المتحدة.
وقضت المحكمة على إسرائيل بدفع تعويض عن الضرر وبـ “إجلاء كل الإسرائيليين من المستوطنات الموجودة”.
جدير بالذكر أن بيان العدل الدولية جاء استجابة لطلب “رأي قانوني” من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي رد فعل سريع، وصفت الخارجية الإسرائيلية بيان المحكمة بأنه “لا أساس له من الصحة” وبأنه “متحيّز لطرف دون الآخر”، مرددة أنه لا سبيل إلى التوصل لتسوية سياسية إلا سبيل المفاوضات.
ووصف نتنياهو بيان المحكمة بـ “الكاذب”، معتبراً أنه لا يمكن الجدال في “قانونية المستوطنات الإسرائيلية في كافة أنحاء وطننا” على حد زعمه.
أما وزير الأمن القومي اليميني، إيتمار بن غفير، فقد اتهم المحكمة بأنها “منظمة سياسية ومعادية للسامية”.
على الجانب الآخر، قالت الخارجية الفلسطينية إن “الرأي الاستشاري بات الآن حقيقة قانونية لا يمكن دحضها، ويترتب عليه آثار قانونية”.
وأضافت بأن “الحل الوحيد المتوافق مع القانون الدولي هو أن تقوم السلطة القائمة بالاحتلال (إسرائيل)، بإنهاء احتلالها غير القانوني للأرض الفلسطينية المحتلة من دون قيد أو شرط وفورا”.
كما رحبت حركة حماس في بيان لها بالرأي الاستشاري للمحكمة، معتبرة أنه “يضع المنظومة الدولية أمام استحقاق العمل الفوري لإنهاء الاحتلال، وترجمة القرارات المتلاحقة الصادرة عن المحكمة إلى خطوات جادة على الأرض”.
وعلى الأرض في غزة، وصلت أعداد القتلى جراء العمليات الإسرائيلية منذ بداية الحرب إلى 38919 قتيلا و89622 ألف جريح، فضلاً عن آلاف يُعتقد أنهم تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في القطاع.
وشنت إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة إثر هجوم مباغت شنته حركة حماس الفلسطينية المسلحة التي تحكم غزة على مناطق إسرائيلية متاخمة للقطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ما أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي واختطاف نحو مئتين وخمسين آخرين.