“مونديال 2030” يطرح إشكالية حضور المثلية والكحوليات في الملاعب المغربية
تطرح استضافة المملكة المغربية بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال “مونديال 2030″، تساؤلات حول مدى تسامح الرباط مع بعض مظاهر الحرية الفردية المنتشرة في الدول الغربية، وأيضا في الدولتين الأخريين، على غرار المثلية، وعلنية شرب الخمور.
روسيا وقطر.. مناعة من حملات دولية
عانت كل من روسيا وقطر من حملات منظمات حقوقية وإعلامية غربية، قبل استضافتهما لبطولة كأس العالم، وقد رفضت روسيا التراجع عن قانونها الداخلي، أما قطر فقد أكد بلاغ لـ”فيفا”: “التزام الدوحة بمظاهر المثلية”، قبل أن تشدد السلطات القطرية على عكس ذلك، رافضة وضع شارة المثلية (شارة حب واحد) على قمصان المنتخبات المشاركة.
تجرّم المادة 489 من القانون الجنائي المغربي مظاهر “المثلية”، وتنصّ على “معاقبة بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وغرامة من مائتين إلى ألف درهم من ارتكب أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه، ما لم يكوّن فعله جريمة أشد”.
ويجرّم المغرب شرب الخمور بشكل علني، ويعاقب عليه بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها بين 150 و500 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، ويمكن أن تتضاعف العقوبة في حال تسبب مرتكب هذا الفعل في فوضى تهدد الأمن العام.
وقد أفرج وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، مرات عديدة، عن ملامح وجود تراجع عن عقوبة السكر العلني في القانون الجنائي الجديد، وسط رفض بعض الهيئات الحقوقية ذلك، محذرة من “تأثيرها على المجتمع”.
إسبانيا والبرتغال تحظران الخمور بالملاعب
ومع استضافة المغرب “مونديال 2030″، رفقة إسبانيا والبرتغال، لا يشابه تقريبا القانون المغربي نظيره في هذين البلدين، فزواج “الشذوذ الجنسي” مسموح فيهما، ولكن بالنسبة لشرب الخمور، فإن الوضعية “متشابهة” نوعا ما.
وفق منصة “مسبار”، فإن القانون الإسباني 10/1990، الصادر في 15 أكتوبر، يحظر بيع جميع أنواع المشروبات الكحولية وأنواع المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية في الملاعب أثناء المنافسات الرياضية، لـ”منع العنف بين المشجعين”.
وبحسب المنصة ذاتها، فمنذ عام 1980، تم حظر إدخال المشروبات الكحولية وبيعها واستهلاكها في الملاعب الرياضية في البرتغال، ضمن أول لائحة بشأن العنف المرتبط بالرياضة، ورغم بعض الاستثناءات المنصوص عليها في التشريعات الحالية، مثل استهلاك المشروبات الكحولية في مناطق محددة، يُسمح فقط بالمشروبات غير الكحولية في الملاعب الرياضية.
لكن البرتغال، يورد المصدر عينه، “حيّنت قانونا يسمح ببيع الكحول في مناطق مخصصة بالملاعب”.
الملاءمة
من وجهة نظر سعيد معاش، محام بهيئة الدار البيضاء، فإن “المغرب في سياق تعديله للقانون الجنائي الحالي، يمكن أن يسير في اتجاه تخفيف بعض المواد، خاصة المتعلقة باستهلاك الخمور”.
وقال معاش لهسبريس إن حلول “مونديال 2030″، “يمكن أن يشهد تسامحا من السلطات المنظمة مع مظاهر الحرية الفردية للمشجعين الأجانب”، مستدركا بأن “ذلك يكون وفق شروط لا تتجاوز خصوصيات المجتمع المغربي”.
وأوضح المحامي بهيئة الدار البيضاء أن “القانون الجنائي المغربي سيعرف تطورا، وقبل قرب النقاش حول استضافة المونديال، طرح بالمغرب مصير تجريم بعض الحريات الفردية، خاصة علنية السكر”، مؤكدا أن “هذا الشق أصبح تجريمه غير مبرر، ومحلات بيع الخمور وبعض المطاعم تعمل دون تطبيق كامل للقانون”.
وبخصوص المثلية الجنسية، أورد معاش أن “المتوقع هو أن المغرب سيبحث وقتها عن حل يلزم المشجعين الأجانب الذين يتملّكون هذه المظاهر باحترام خصوصيات المجتمع المغربي الرافض للشذوذ الجنسي”.
المغرب لن يسمح بذلك
وفي “مونديال قطر”، وبعد رفض السلطات السماح بمظاهر المثلية، طالب البرلمان الأوروبي بـ”فتح تحقيق حول انتهاكات حقوق الإنسان”، وهو الأمر الذي لم يتم.
ولم تسمح كذلك السلطات القطرية ببيع الخمور، وقد أصدرت “الفيفا” بيانا تعلن فيه عدم توفّر هذه الخدمة في محيط ملاعب “مونديال 2022″، والسماح بها فقط في مهرجان المشجعين، والمناطق الأخرى.
وقد خلق هذا الأمر “غضبا” من قبل الشركات المختصة في بيع الكحول، التي وضعت استثمارات في “مونديال 2022”.
واعتبر عبد العزيز خليل، باحث في مجال القانون، أن “المغرب من خلال سيرورة تعديله للقانون الجنائي، مستبعد تماما أن يسمح بمظاهر المثلية، أو علنية الخمور”.
وقال خليل، في تصريح لهسبريس، إن “نقاش المثلية خصوصا غائب عن أصحاب قلم التعديل، والخمور لا يمكن أن يتم السماح بها للعموم في المونديال”.
ولفت المتحدث إلى أن “الرجوع إلى الخصوصية المحلية دائما أولوية في أي قانون جنائي في العالم، والدول المتحررة بشكل مطلق لها مستويات من التحرّر جد متقدمة، لا يمكن مقارنتها مع دول أخرى مثل المغرب”.
وأشار الباحث في مجال القانون إلى أن “بعض الحريات الفردية تمسّ كرامة المجتمع بالنسبة للمغاربة، وتعتبر أفعالا شنيعة، وبالتالي مستبعد أن يمهّد قانون الرباط الجنائي القادم للتساهل في مونديال 2030”.