“الأمريكيون يحتاجون دائما إلى تهديد وجودي.. لكن هذه المرة، هم تهديد بعضهم البعض” – واشنطن بوست
لا يزال سباق الانتخابات الأمريكية والوضع الذي يكتنفه من عدم قناعة الديمقراطيين بأن بايدن هو المرشح الأفضل عن الحزب، وعدم رغبه بعض الناخبين بعودة ترامب إلى منصب الرئيس، يتصدر عناوين وموضوعات الصحف العالمية، وتتضمن الجولة كذلك مقالاً حول حسابات حماس قبل السابع من أكتوبر.
نبدأ من صحيفة الواشنطن بوست ومقال رأي كتبه مات باي بعنوان “يحتاج الأمريكيون دائما إلى تهديد وجودي. لكن هذه المرة، هم تهديد بعضهم البعض”.
يستهل الكاتب بالقول إننا “لسنا بحاجة إلى محاضرين كئيبين أو دراسات أكاديمية لتخبرنا أن الأمريكيين يقتربون من نوع ما من الحريق الثقافي، فالسؤال الحقيقي هو لماذا؟”
ويضيف أنه بدأ يعتقد أن الإجابة قد تكون لها علاقة بالنظرة المركزية للعالم.
ويوضح الكاتب أن وسائل التواصل الاجتماعي تضخم خلافاتنا وتشجع التطرف. ويؤدي الغلو في عدم المساواة والتوسع الحضري إلى خلق الغضب والاستياء. مضيفا أن الأمريكيين شهدوا نسخا من كل هذه الأشياء في القرن العشرين – التقنيات التحويلية، والهجرة الجماعية، وحكم الأثرياء الخانق – ونجحنا بطريقة ما في تجاوز ذلك دون تدمير نظامنا السياسي.
وهذا لا يعني، من وجهة نظر الكاتب، أنه لم تكن هناك لحظات من العنف المفجع أو الفوضى المخيفة، فقد ارتكبنا كما يقول إبادة جماعية في جميع أنحاء القارة الأمريكية، وخضنا حربا من أجل استعباد البشر الآخرين، وأخضعنا النساء، وكانت مساحات كاملة من البلاد، دولة فصل عنصري حتى أواخر القرن العشرين.
ويشير الكاتب إلى أن الأمريكيين عُرفوا دائما، في السراء والضراء، بالصراع الوجودي. فمنذ تأسيس البلاد، التي لم تكن مبنية على أي عرق أو دين مشترك، بل على الفكرة الجديدة لحرية الإنسان والحكم الذاتي، كنا مرتبطين معا بالفكرة التي أطلق عليها أبراهام لنكولن “ديننا السياسي” – وهي أمة مرتبطة ببعضها البعض بإيمانها بالقوانين والحريات، ليس فقط لأنفسنا ولكن للعالم ككل – ظلت موجودة في العقل العام.
ويضيف أن القرن العشرين تميز بالاشتباكات مع الطغيان الذي خيم على كل جانب من جوانب الحياة الأمريكية – أولا مع الفاشية ثم مع الشيوعيين، ثم جاءت نهاية الحرب الباردة ــ ليتم استبداله بعد ذلك بشكل دائم بالديمقراطيات الليبرالية.
وللحظة وجيزة، بعد الهجمات “الإرهابية” في عام 2001، بدا أن زعماءنا السياسيين ينظرون إلى الإسلام المتشدد باعتباره العدو العالمي الجديد، الذي قد يسد الفجوة. لكن لم يمض وقت طويل قبل أن ندرك مدى الضرر الذي ألحقه ردنا.
ومع ذلك، يوضح الكاتب أن “حاجتنا لبعض المنافسة الوجودية ظلت قائمة. ويبدو أننا وجدنا ذلك في تصادم الثقافات في مدننا وبلداتنا ــ الانقسام المتصاعد بين اليساريين المتعلمين في المناطق الحضرية، الذين يدينون امتياز البيض والثيوقراطية وثقافة السلاح، من ناحية، وأنصار ترامب الريفيين الذين يرون أنفسهم على أنهم كائنات مسلحة. تطغى عليها الحداثة والتعددية الثقافية من جهة أخرى.”
ويخلص الكاتب إلى أن الوقت حان لإحالة جيل القادة الذين أوصلونا إلى هنا إلى التقاعد، والذين سمحوا لاختلافاتنا – الثقافية والدينية والعنصرية – بملء الفراغ حيث كان النضال المشترك يربطنا دائما من قبل.
“على بايدن أن يترك الديمقراطية تسيطر على الحزب الديمقراطي”
وإلى صحيفة نيويورك تايمز ومقال رأي كتبه الخبير الإستراتيجي، مايك ميرفي بعنوان “يتوجب على بايدن معرفة كيف يجب أن ينتهي هذا الوضع”.
يقول الكاتب إن محاولة الاغتيال المروعة التي تعرض لها دونالد ترامب سلطت الضوء على الوضع السياسي السيئ الذي يواجهه جو بايدن.
ويضيف أن القرار الذي اتخذه قادة اللجنة الوطنية الديمقراطية بتسريع التقويم ومحاولة تأكيد بايدن كمرشح الحزب قبل المؤتمر يزيد من شعور اليأس الذي يحيط به.
ويشرح الكاتب كيف أن بايدن يواجه الآن حصاد السياسة القاتم: إذا كان يُنظر إليك على أنك خاسر معين، فسوف تصبح كذلك. كما أن الشبح الكئيب للرئيس ترامب الذي يتجول مرة أخرى حول المكتب البيضاوي جعل فكرة خسارة هذه الانتخابات مرعبة بشكل خاص.
يقول الكاتب إنه إذا ظل بايدن هو المرشح الديمقراطي، فلن تختفي مشكلة العمر. بل إنها تتعزز من خلال كل ما يفعله في الأماكن العامة، كما ان الحملة الرئاسية أصبحت تدور بالكامل حول السن.
وفي حين أن فريق بايدن ربما كان يرغب، بحسب المقال، في حملته الانتخابية التركيز على الإشادة بالسجل الهائل للرئيس على مدى السنوات الأربع الماضية، إلا أن ذلك يعد حلما مستحيلا. “إن هذه الحملة الرئاسية، مثل كل الحملات الرئاسية، تدور حول المستقبل. والسيد بايدن، الذي كان وطنيا من الأمس، لا يستطيع الفوز في حملة انتخابية تتعلق بالغد. لذلك بدأت الدوامة.”
ويوضح الكاتب إنه إذا تنحى بايدن جانبا في لحظة محورية من التضحية بالنفس، فإنه سيؤمن مكانه كبطل حقيقي للديمقراطيين ومعارضي ترامب من جميع المشارب السياسية. ويؤكد أنه يجب على بايدن أن يغتنم هذه اللحظة في التاريخ، ويترك الديمقراطية تسيطر على الحزب الديمقراطي. ويسمح للمندوبين باختيار مرشح جديد من صغار السن الذين يرعبون حملة ترامب.
“تحطم المعيار”
ونحط رحال جولة الصحف في صحيفة القدس ومقال رأي كتبه سهيل كيوان بعنوان “ما لم تأخذه حماس في الحسبان!”
يقول الكاتب إنه تجري حاليا في إسرائيل، مطالبات كثيرة لتقييم ما حدث في يوم السّابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وكيف نجح تنظيم صغير مقارنة بقوة إسرائيل العسكرية، بتحقيق ضربة صاعقة، ظهرت إسرائيل فيها ضعيفة ومرتبكة، ثُم عدم قدرتها على حسم الحرب التي تعد أطول حروبها.
ومع هذا الدمار الهائل في قطاع غزة، وحرب الإبادة غير المسبوقة، يوضح الكاتب أن الطرف الآخر يطرح تساؤلا، هل أخذت حماس بعين الاعتبار ردّ فعل بهذا الحجم وبهذه الوحشية، وكيف بنت حساباتها؟
يحاول الكاتب الإجابة على هذه التساؤلات، فيقول: في اعتقادي أنّ حماس أخطأت في تقييمها أو توقّعها بالنّسبة لتعامل حكومة نتنياهو مع الرهائن الإسرائيليين، فقد كانت حماس تحتجز قبل الحرب رهينتين، أو ثلاثة أحياء وجثتين، وكانت تعتبرهما ورقة مهمة جداً، وتساوم على إطلاق سراح آلاف السجناء والمعتقلين الفلسطينيين مقابلهم، وكان يبدو كأنَّ أسيرا إسرائيليا واحدا يشكّلُ ورقة ضغط كبيرة، كما كان الحال مع الأسير شاليط.
ويضيف أن قيادة حماس العسكرية كانت تخطط أن أخذ عددٍ كبير من الجنود الإسرائيليين كرهائن، سيكون ضمانة لصفقة تبادل، الكل مقابل الكل، وتشمل وقف إطلاق نار طويل الأمد، وفك الحصار الطويل عن قطاع غزة، مهما كانت الضربة الأولى التي ستوجهها حماس موجعة، وهو ما حصل في الواقع، إذ أنها أسرَت أكثر مما توقّعته هي نفسها، ولكنها لم تتوقع أن تتعامل حكومة نتنياهو بمصير أكثر من مئتي أسير بهذه الصورة غير العابئة بحياتهم، بينما كانت في الماضي، تظهر اهتماما كبيرا بأسير واحد، أو برُفات جندي، هذا المعيار حطّمته حكومة نتنياهو، واتّخذت من الرّهائن المدنيين بشكل خاص غطاء لتبرير “مجازرها” بحق المدنيين الفلسطينيين، بل أصبحت معنيّة في بقاء الرهائن لدى حماس، لأنّها ورقة التغطية على “جرائمها” وتطويل أمد الحرب.
كما أن أهمية عدد الرهائن تراجعت كثيراً، بحسب الكاتب، عندما صارت حكومة نتنياهو تبادر إلى قصف الأمكنة التي تتوقع وجودهم فيها، وعلى الرغم من إعلان القسّام مرارا وتكرارا عن مقتل رهائن نتيجة القصف، إلا أنّ هذا لم يؤثّرعلى الحكومة الإسرائيلية كما لم يرغم نتنياهو على عقد صفقة. بل إن ذلك دفع إسرائيل لوضع كل العراقيل الممكنة لإفشالها، من خلال وضع شروط تعني انتحار حماس، مثل شرط منع عودة حماس إلى شمال وادي غزّة، أو نزع سلاحها، إضافة إلى ارتكاب مجازر رهيبة ضد المدنيين كوسيلة ضغط لإثارة الناس ضد حماس – بحسب الكاتب.
كما أن حماس، كما يقول الكاتب، علقت آمالها على أن صمودها لفترة طويلة نسبيا، وهوما فعلته، سوف يحرّك الشّعوب العربية للضَّغط على أنظمتها، خصوصا مصر والأردن اللتين تقيمان علاقات سلام مع إسرائيل، بأن تسهما بجدّية في الضّغط لوقف إطلاقٍ للنار، إلا أنّ هذا لم يتحقق.