اقتراب “الصمايم” يطلق دعوات ليقظة “المستوى الأحمر” ومطالب بـ”حفظ الماء”
أيام معدودة تفصل المغاربة عن مرحلة صيفية حاسمة تسمى “الصمايم”، تمتدّ لأسابيع، بدءاً من أواخر يوليوز حتى بداية شتنبر. وهي الفترة التي لخصها المغاربة في قولهم الشعبي المتوارث “ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ نعايم ﻭﺧﺮﻭﺝ الصمايم نقايم”، للتأكيد على صعوبة التعاطي مع هذه المرحلة بالعدّة نفسها المعتمدة في التعاطي مع باقي فصول السنة، وهو ما كان محرّكا لتحذيرات ومطالب باعتبار الفترة تحتاج “يقظة من نوع خاص”.
“يقظة حمراء”
رشيد فاسح، باحث في المناخ والتنمية المستدامة، قال إن “منزلة الصمايم التي تفصلنا عنها أيام فقط تستدعي يقظة من مستوى أحمر، متبوعة بتشديد الحرص من طرف المواطنين على تفادي جميع الحوادث التي ترتبط بهذه الفترات مثل الشعور بالدوار من فرط الحرارة أو الإغماءات، إلخ”، مسجلاً أن “الفترة تشهد ظهورا كبيراً للزواحف والعقارب، وهو ما يتطلّب بدوره حذراً شديداً”.
وضمن تصريحه لهسبريس، حذر فاسح من “السّلوك المتهور مثل الإلقاء ببقايا السجائر في بعض الأماكن القابلة للاشتعال، لكون الظرفية تكون فيها النباتات يابسة والحرارة بمثابة وقود لأيّ حركة تشجع النيران”، مشددا على “أهمية أن ترتفع حدة التأطير والتوعية والتحسيس في مختلف القنوات المتاحة، لا سيما مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا وأن الصمايم السنة الماضية سجلنا فيها أعلى درجة حرارة بأكادير”.
وأكد المتحدث أهمية “شرب الماء تفاديا للاجتفاف وحفاظا على حيوية الجسم وقدرته على التكيف مع هذه الموجة العالية من الحرارة”، موصيا بضرورة “الأخذ بالحيطة والحذر بالنسبة للأشخاص المسنين الذين ليست لديهم قدرات كافية للتأقلم مع هذه الفترة والتكيف مع ما تفرضه على الجسد الإنساني من متاعب تكون في أحيان كثيرة منهكة”.
ونصح الباحث في المناخ والتنمية المستدامة “المواطنين بالبقاء كثيرا في الظل والفضاءات المكيفة بشكل معتدل”، مبرزا أن “هذه الظرفية ستمتد أربعين يوماً، وبالتالي يجب أن تكون القدرة على التحمل تلقائية، تفاديا لأية حوادث يتم تسجيلها بشكل عرضي في مناطق معينة، كما أن الفرشة المائية تعرف نوعا من الشح بحكم هذه الفترة، وهو ما يتطلب عقلنة حقيقية لتدبير الموارد المائية خلال هذه الفترة”.
“مخاوف مطروحة”
محمد السحايمي، رئيس جمعية الزهور للبيئة والتنمية المستدامة، قال إن “الصيف عموما هذه السنة يعدّ عاديا، مع أن الفترة التي سندخلها الأسبوع المقبل يمكن أن تقلب هذه المعادلة حين ترتفع درجة الحرارة إلى مستويات قياسيّة”، موضحا أن “التأثير الوحيد هو مشكل الماء”، وأن “مخزون الماء يستمرّ في التناقص بسبب قلة الأمطار، والتخوف هو أن تكون الارتفاعات في درجات الحرارة صعبة تؤدي إلى تبخر ما تبقى من المياه”.
وأورد السحايمي، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الفترة كانت سابقا بمثابة فرصة فلاحية بالنسبة للمزارعين يستثمرونها بشكل جيد، بحيث يتم فيها حفر الآبار نتيجة جفاف التربة، لكن اليوم الوضع يختلف بسبب الندرة الحادة التي تعرفها المياه الباطنية، ولا يمكن حفر بئر بالسهولة التقليدية والعشوائية بعد صدور التأطير القانوني لرخصة الثاقب”، مشدداً على أن المخاوف المرتبطة بـ”الصمايم” “تبدو إلى حد الآن متحكّما فيها”.
وتحدث الفاعل البيئي عن “إمكانية انقطاع الماء بشكل متكرر خلال الأربعين يوما التي ستلي الأسبوع المقبل، مع أننا بدأنا ذلك في بعض المناطق الأكثر تضررا بالخصاص المائي”، خالصا إلى “ضرورة بذل كل الجهود من طرف الجهات الرسمية والمدنية لكي تمر هذه المرحلة الحرارية في ظروف عادية، وأن نرفع درجة اليقظة لحماية الحق في الماء، الذي تعرف مناطق كثيرة متاعب حقيقية في الوصول إليه”.