التمديد للرئيس سعيّد “كارثة”.. وتونس تتحول إلى ديكتاتورية
قال محمد الأسعد عبيد، الأمين العام للمنظمة التونسية للشغل، الذي أعلن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في شهر أكتوبر المقبل، إن الرئيس التونسي الحالي قيس سعيد أعاد البلاد إلى ما قبل الثورة وراكم الفشل على جميع المستويات، مشيرا إلى أن التمديد له لولاية ثانية في قصر قرطاج سيشكل “أكبر كارثة” على الشعب والدولة في تونس، مؤكدا في الوقت غياب أية ضمانات تضمن نزاهة وشفافية انتخابات الرئاسة في بلاده.
وشدد عبيد، في الحوار التالي الذي أجرته معه جريدة هسبريس الإلكترونية، على أهمية الحفاظ على علاقات قوية مع المغرب، منتقدا في الوقت ذاته نسف وتدمير سعيد للعلاقات الأخوية مع هذا البلد، معتبرا أن قضية الصحراء المغربية هي شأن داخلي ونزاع مغربي-مغربي لا يحق التدخل فيه مهما كانت الظروف والضغوطات، مسجلا حرصه على استعادة العلاقات مع الرباط ومع باقي دول الجوار، في حال فوزه في الانتخابات المقبلة، مع الدفع بالحل السلمي للنزاع في الصحراء من خلال مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب.
نص الحوار:
أعلنتم، منذ أيام، نيتكم الترشح للانتخابات الرئاسية في تونس، وقلتم إن الرئيس قيس سعيد انتخبناه بالصناديق ويجب أن نسقطه بالصناديق.. ما هو تقييمكم لفترة حكم الرئيس الحالي؟
بإيجاز، يمكن القول إن الخمس سنوات التي قضاها سعيد في قصر قرطاج هي خمس سنوات من الفشل وتأزم الوضع الاقتصادي والسياسي والحقوقي والثقافي في تونس، وأيضا تأزم العلاقات التونسية مع مجموعة من الدول سواء في الجوار أو في أوروبا والخليج، إذ لم يتحقق أي شيء من مشروع سعيد طيلة مدة توليه رئاسة الجمهورية في تونس.
ما هي أسباب هذا الفشل، خاصة أن الشعب التونسي ربما راهن في البداية على شخصية سعيد لاستكمال البناء الديمقراطي في تونس؟
شخصيا، كنت من المصوتين لقيس سعيد في انتخابات 2019، وكنت أتصور أنه رجل نظيف ولا توجد لديه أية مشاكل ظاهر، وكنا نظن أنه الشخص المناسب في ظل وجود نزاعات وخلافات عميقة ما بين اليسار واليمين والوسط في ذلك الوقت، كما كنا نظن أنه الرجل الذي سيجمع كل الأطراف السياسية حول مشروع وطني لبناء مستقبل تونس الديمقراطي والسياسي والاقتصادي؛ غير أننا تفاجأنا أن الرجل له أجندة أخرى كانت مجهولة قبل الانتخابات، وظهرت بعد دخوله إلى قصر قرطاج. وتبين بعد سنتين من حكمه أنه غير قادر وعاجز عن توحيد الشعب التونسي ولم الفرقاء حول مشروع وطني قادر أن يتقدم بتونس إلى مراكز متقدمة أفضل لتنافس بذلك الدول المغاربية كالمغرب وعديد الدول الإفريقية.
لذلك، فكل ما فعله الرئيس سعيد هو أنه أعاد تونس إلى فترة ما قبل الثورة، وربما أن الوضع الحالي أسوا من نظيره خلال فترة حكم بن علي، إذ لم تحقق الدولة التونسية أي شيء، خاصة على المستوى التنموي؛ في حين أن ليبيا المجاورة، التي تعاني من انقسامات حادة وحروب، حققت معدلات تنمية أفضل منا بكثير.
طيب، أنتم رهنتم استمراركم في السباق الانتخابي إلى قصر قرطاج، بتحقيق انفراجة في الوضع الحقوقي في تونس.. هل هذا يعني أن المشهد الحقوقي اليوم في بلادكم “سوداوي”؟
نعم، الوضع الحقوقي في تونس يعاني من أزمة كبيرة، حيث ما زال الكثير من المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي يقبعون في السجون بتهم مضحكة محزنة؛ في حين أن هذا الملف كان الأجدر حله بالحوار، وليس بالقبضة الأمنية التي حولت تونس إلى ديكتاتورية.
لكل هذه الأسباب، اشترطتُ تبييض كل السجون التونسية من هؤلاء المعتقلين وإلغاء كل المناشير والمراسيم التي أصدرها قيس سعيد والتي تمس بالحريات، ولدي أيضا مشروع تنموي كبير قيمته ما بين 50 و60 مليار دولار هو الذي سيُفيق تونس من سباتها الاقتصادي العميق وبناء مدينة تونس الاقتصادية التي ستحول تونس من دولة متخلفة غير قادرة على تلبية أبسط رغبات مواطنيها إلى دولة ذات شأن على المستوى الإفريقي والمغاربي والعالمي، وأكدت أنه في حال عجزت عن تحقيق هذا الأمر بعد سنتين من انتخابي سأقدم استقالتي وسأدعو إلى انتخابات مبكرة؛ لأنه لا داعي إلى تضييع وقت الشعب التونسي وهدر الزمن السياسي أكثر مما هو مهدور اليوم.
ولكن هل هناك اليوم ضمانات حقيقية تضمن شفافية ونزاهة العملية الانتخابات في تونس؟
إلى حد هذه اللحظة، لا توجد أية ضمانات تضمن أن تكون هناك انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة، إذ لا يوجد مرشح ولو واحد يملك المال الكافي للقيام بالحملة الانتخابية؛ بل إن الرئيس وحده لديه المال الكافي والإمكانيات اللوجستية لذلك. وهذا يضر بالحملة وبنتائج الانتخابات وينطوي على الكثير من التمييز، أضف إلى ذلك العرقلة التي يواجهها بعض المترشحين في استخراج الوثائق واستكمال الملف الإداري للترشيح.
هل تعتقدون بأن التمديد لقيس سعيد سيشكل خطرا على مستقبل الديمقراطية في هذا البلد وعلى مكانته الإقليمية؟
بالتأكيد، فإن عودة قيس سعيد بعد الانتخابات للسلطة هي أكبر كارثة يمكن أن تحل على الشعب التونسي وعلى مستقبل العلاقات الخارجية للدولة التونسية، وسيُدخل تونس في مرحلة غير مسبوقة تاريخيا سواء اقتصاديا أو سياسيا أو حقوقيا؛ لأن الرئيس الحالي لا يملك أي مشروع لإخراج تونس من هذا المأزق.
أثرتم أيضا، ضمن إعلان نيتكم الترشح لانتخابات الرئاسة، مسألة العلاقات التونسية مع الدول الإقليمية والعربية. في هذا الإطار، لماذا فشل سعيد في النأي بتونس عن التجاذبات السياسية في العديد من الملفات الإقليمية خاصة ملف الصحراء؟
هذه نقطة أخرى تنضاف إلى ملف الرئيس الحالي في نسف وتدمير العلاقات المغربية التونسية؛ في حين أن الرئيس السابق لحبيب بورقيبة، ومنذ سنة 1952 إلى غاية 1987، لم يتدخل يوما ولو بمقدار ذرة في قضية الصحراء المغربية، وكان دائما يقول في خطاباته وفي اللقاءات العربية –العربية والدولية إن قضية الصحراء شأن مغربي داخلي لا يجوز التدخل فيها بأي شكل من أشكال؛ بل حتى في فترة بن علي حافظت تونس على هذا التوجه.
وبالتالي، فإن سعيد ارتكب خطأ استراتيجيا بنسف علاقات الصداقة والأخوة المتينة والمبنية على عدة نقاط إيجابية، التي كانت تربطنا مع المملكة المغربية؛ في حين أن كان الأفضل أن يحافظ على علاقات جيدة مع جميع دول الجوار دون التدخل في هذا النزاع المغربي-المغربي.
هل تعتقدون أن سعيد ارتمى في أحضان بعض دول الجوار على حساب العلاقات مع دول أخرى؟
عندما لا يمتلك رئيس دولة مشروعا اقتصاديا للرقي بالوضع التنموي للبلاد وعندما يفشل في الحفاظ على استقرار اقتصادها الوطني، فإن الأكيد أن الحل هو الارتماء في أحضان من يدفع أكثر لكي يفسد العلاقات ما بين الأشقاء المغاربة والعرب؛ وهذا ما حدث بالضبط. وفي حالات عديدة، فلن نأخذ مثلا دول الخليج، ما دخلنا نحن في التجاذبات السياسية بين الدول؟ في حين أن الأجدر أن تكون مفتوحة للإمارات وقطر والسعودية لتركيا ولكل البلدان العربية والإسلامية لكي تستثمر في تونس بشروط تونسية بطبيعة الحال.
كمرشح محتمل، ما هو تصوركم لمستقبل العلاقات مع المغرب؟ وكيف يمكن لتونس في نظركم أن تبني علاقات جيدة مع الرباط التي أكدت أن قضية الصحراء هي المنظار الذي تنظر من خلاله بصدق الصداقات وعمق الشراكات؟
أقتدي برأي وموقف الرئيس بورقيبة في هذا الإطار، بالتأكيد على أن قضية الصحراء قضية داخلية تهم الدولة المغربية القادرة وحدها على إيجاد الموقف والحل الصحيح لهذا الملف، إذ لا يجوز التدخل في هذا النزاع مهما كانت الظروف والضغوطات. وسأعمل في حال فوزي بكرسي الرئاسة على إعادة العلاقات مع المغرب إلى ما كانت عليه قبل سعيد، مع العمل على تطويرها أكثر في مسائل التعاون السياسي والاقتصادي ونحافظ أيضا على علاقات الجوار مع الجزائر دون خلق اضطرابات في المنطقة.
كما سننساق وراء الحل المغربي الذي تقدم به الملك محمد السادس المتمثل في مقترح الحكم الذاتي، وسندفع بهذا التوجه مع السعي دائما إلى الدفع بالحلول السلمية لهذه القضية ولكل النزاعات والقضايا العربية-العربية؛ لأن قضية الصحراء زرعت في المنطقة المغاربية لكي لا تتوحد دول المغرب العربي وتصبح قوة ستسهم بكل تأكيد في التأسيس لمستقبل جديد لهذه المنطقة.