أخبار العالم

“زعامة القارة السمراء” تدفع جنوب إفريقيا إلى التشبث بدعم الانفصال في الصحراء



في استمرار لسياسات بريتوريا العدائية تجاه المغرب، التي اتخذت في الآونة الأخيرة أبعادا أخرى، جدد رونالد لامولا، وزير الخارجية الجنوب إفريقي المعين حديثا خلفا لناليندي باندور، دعم بلاده للطرح الانفصالي في الصحراء المغربية، مسجلا أنه انطلاقا من ارتكاز السياسة الخارجية على ما وصفه بـ”تاريخ من التضامن ضد القمع والاحتلال” فإن جنوب إفريقيا ستواصل دعم “الشعب الصحراوي من أجل تقرير مصيره”، بتعبيره.

ولم يفت لامولا، الذي كان يتحدث خلال ندوة عقدت حول السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا في مركز المؤتمرات الدولي في كيب تاون، قبيل التصويت على ميزانية العلاقات والتعاون الدولي، معيدا إنتاج الخطاب السياسي نفسه الذي تجاوزته القرارات الأممية ذات الصلة، أن يدعو الأمم المتحدة إلى “اتخاذ إجراءات مستعجلة تضمن تنظيم استفتاء في الصحراء”؛ وهو موقف قديم جديد يرى مهتمون أنه يأتي توجسا من جنوب إفريقيا من الأدوار المتصاعدة للمغرب في إفريقيا، ونجاحه في اقتحام فضاءات جديدة في هذه القارة كانت إلى عهد قريب مجالا حيويا لنفوذ الحزب الحاكم في بريتوريا.

في تفسيره لحقيقة تشبث جنوب إفريقيا بهذا الموقف قال جواد القسمي، باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي، إن “الموقف المعبر عنه من طرف وزير خارجية بريتوريا بخصوص دعم جبهة البوليساريو ليس جديدا، بل هو موقف تقليدي تجاه الوحدة الترابية للمملكة، وهو موقف يتأثر بعوامل عديدة، أبرزها الخوف من المنافسة التي بات يفرضها المغرب على جنوب إفريقيا على الصعيد القاري، حيث أصبح قوة اقتصادية صاعدة في القارة الإفريقية، ويسعى إلى لعب دور أكثر فاعلية فيها؛ فيما تخشى بريتوريا أن يؤدي هذا إلى تراجع نفوذها في المنطقة”.

وأوضح القسمي أن “بريتوريا ترى أن دعم جبهة البوليساريو من شأنه أن يحافظ على مصالحها الجيو-إستراتيجية، من خلال تقليص نفوذ المغرب في المنطقة وكبح محاولته الوصول إلى الزعامة في إفريقيا”، مردفا: “هذا دون أن ننسى الدور والتأثير الجزائريين، فالجزائر تعد من أقرب حلفاء جنوب إفريقيا، ولها تأثير كبير على موقفها، خصوصا في قضية الصحراء المغربية. أما على المستوى الإيديولوجي فجنوب إفريقيا تعتبر تقليديا ذات توجه اشتراكي، في حين ينظر إلى المغرب على أنه دولة ذات توجه ليبرالي”.

وأشار المصرح لـ هسبريس إلى أن “المغرب استطاع بفضل سياسته الخارجية الرصينة والمعتدلة أن يحقق الكثير من الاختراقات في قضية الصحراء المغربية، وهو ماض في هذه السياسة، والدليل عدد الدول التي سحبت اعترافها بالجمهورية المزعومة، بالإضافة إلى حجم العلاقات السياسية والاقتصادية التي نسجها مع العديد من دول القارة؛ وهذا بطبيعة الحال يشكل خطرا على توجهات بريتوريا والجزائر المعادية للوحدة الترابية”.

تفاعلا مع الموضوع ذاته قال سعيد بركنان، محلل سياسي، إن “تجديد وزير خارجية جنوب إفريقيا الدعم المطلق لبلاده للمشروع الانفصالي في الصحراء يمكن أن يجد له أولا تفسيرا في استمرار الخريطة السياسية نفسها في هذا البلد بعد الانتخابات الأخيرة، واستمرار حزب المؤتمر الوطني الإفريقي،، ذي العقيدة السياسية والإيديولوجية الداعمة للأطروحات الانفصالية، في ترؤس البلاد، مع احتفاظه بحقيبة الخارجية رغم تراجع نتائجه في هذه الانتخابات”.

وأضاف بركنان أن “جنوب إفريقيا تضع في حسبانها التحركات التي قادها المغرب من أجل تجفيف منابع الطرح الانفصالي في القارة الإفريقية، من خلال تقديم مجموعة من الحلول الاقتصادية لدول هذا الفضاء، تماشيا مع المبدأ العام الذي يؤطر سياسته الخارجية، إذ يعتبر أنه لا يمكن حل المشاكل السياسية في إفريقيا بمعزل عن حل المشاكل الاقتصادية”.

وشدد المصرح لـ هسبريس على أن “استمرار هذه المواقف العدائية يجد له أيضا تفسيرا في أن جنوب إفريقيا ترى اليوم في المغرب قوة صاعدة اقتصاديا ومنافسا قويا على الساحة الإفريقية، خاصة أن المملكة استطاعت نسج علاقات جيدة مع مجموعة من الدول في غرب إفريقيا، ونجحت في استمالة مواقفها لصالح الطرح المغربي، قبل أن تتوجه إلى شرق وجنوب القارة الذي كان تتزعمه بريتوريا؛ ولهذا تحاول الأخيرة بكل الوسائل كبح التمدد الاقتصادي والسياسي في مجالها الحيوي التقليدي، بما في ذلك ضرب الوحدة الترابية للمملكة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى