هل تتأثر العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية بصراعات واشنطن السياسية؟ – جيروزاليم بوست
نتناول في عرض الصحف اليوم مقالات تسلط الضوء على عدة قضايا من بينها اضطراب العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بسبب ما تشهده واشنطن من صراع سياسي قبل انطلاق سباق الانتخابات الرئاسية، وحرب تجارية أوروبية واسعة النطاق مع الصين تلوح في الأفق، وأخيرا هل يعد فوز الإصلاحي بيزشكيان بالرئاسية الإيرانية خطوة إلى الأمام في سياسة طهران أم لا؟
نبدأ جولتنا بصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية ومقال رأي كتبه زالمان شوفال بعنوان “العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية ليست متناغمة بسبب الصراعات في واشنطن”، ويستهل الكاتب مقاله مشيرا إلى مؤتمر هرتسليا السنوي الأخير، والذي تناول التحديات المختلفة التي تواجه إسرائيل، لا سيما العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في جلسة بعنوان “إسرائيل بدون الولايات المتحدة – هل هذا ممكن؟”
ويقول الكاتب إن أي شخص مطلع على الحقائق السياسية لن يتردد في الإجابة بالنفي، أو على الأقل الاعتراف بأن العلاقة ذات أهمية حيوية، مضيفا أن الولايات المتحدة لديها مصالح استراتيجية مهمة ومصالح أخرى مع إسرائيل.
ويلفت الكاتب إلى أن هذا لا يعني أن العلاقة ستكون متناغمة دوما، لقد كانت هناك خلافات، وستظل موجودة، سببها حقيقة بسيطة هي أن أي دولة لديها مصالح خاصة بها لا تتطابق بالضرورة حتى مع مصالح الحليف الوثيق لها.
ويقول الكاتب إن الخلاف الذي لم يُحل بعد بشأن توريد أسلحة وذخائر حيوية لإسرائيل، التي تواجه حربا على عدة جبهات، يمكن أن يكون مثالا واضحا على ذلك، ويؤكد الكاتب أنه لابد ألا تتجاهل إسرائيل التغييرات التي تحدث حاليا في الولايات المتحدة على مستوى مجموعة كاملة من القضايا، السياسية والاجتماعية والثقافية وما إلى ذلك، والتي أثرت بالفعل ويمكن أن تؤثر بشكل أكبر على مكانة الولايات المتحدة في العالم وعلاقاتها الخارجية، بما في ذلك علاقاتها مع إسرائيل.
ويطرح الكاتب عدة أسئلة من بينها: هل تخلت أمريكا عن دورها كقوة عظمى رائدة في العالم وقائدة للعالم الحر؟ وهل تحولت القيم الأميركية، التي لعبت دورا مهما في علاقاتها الدولية، وخاصة مع إسرائيل، إلى قيم جوفاء؟ وما هو تأثير التغيرات الديموغرافية في المجتمع الأمريكي على إسرائيل واليهود الأمريكيين، وماذا عن معاداة السامية المتزايدة في اليمين واليسار؟
وأخيرا وليس آخرا، كيف سيكون شكل وطبيعة الولايات المتحدة، أفضل أم أسوأ، بعد أربعة أشهر من الآن، في أعقاب انتخابات الرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني؟ ومهما كانت النتائج، فإن الانقسامات في المجتمع والسياسة الأميركية سوف تتعمق أكثر، بحسب الكاتب.
ويستشهد الكاتب بتقارير تحدثت عن عدد من العراقيل السرّية والعلنية، بين كبار المسؤولين في وزارة الخارجية وغيرها من الوزارات، لسياسات الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط، والتي تتناقض كما يقولون مع المصالح الأميركية الأساسية.
ويلفت الكاتب إلى مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” المعنية بالشؤون الخارجية، كتبه بن رودس، المسؤول الكبير في إدارة أوباما والذي يلعب الآن دورا مهما في السياسة الخارجية الأميركية، وفي رأيه، يجب على أمريكا أن تتصالح مع حقيقة أن العالم لم يعد يعترف بتفردها وأولويتها، وأنه يجب عليها بالتالي أن تتخلى عن “ظواهرها السياسية غير واضحة المعالم”، في إشارة ، في رأي رودس، إلى التأثير السياسي الضار على السياسة الخارجية.
ويختتم شوفال مقاله مستشهدا بمقولة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، بن غوريون: “السلام سيأتي عندما يريده العرب أيضا”، ولم يضف أحد غير بايدن العام الماضي أنه سيأتي “عندما يعترف جيران إسرائيل بحق الشعب اليهودي في دولتهم”، ويرى الكاتب أنهما على حق.
“أوروبا تستعد لحرب تجارية قوية”
وإلى صحيفة “الإيكونوميست” البريطانية ومقال بعنوان “أوروبا تستعد لحرب تجارية قوية”، وفيه يستشهد بتصريح أدلت به سابين وياند، المديرة العامة للمفوضية الأوروبية للشؤون التجارية جاء فيه: “دعونا لا نخطئ: الحزم شرط أساسي للحفاظ على أسواقنا مفتوحة”.
ويلفت المقال إلى أن المنطق الذي تلجأ إليه المفوضية في تطبيق الرسوم بالإضافة إلى التعريفة الحالية بنسبة 10 في المئة على واردات السيارات الصينية، على سبيل المثال، يتلخص في أن شركات صناعة السيارات الصينية تتمتع بميزة غير عادلة بسبب المعاملة التفضيلية في الداخل، وهو المبرر الذي يسمح بأن تندرج الرسوم ضمن قواعد منظمة التجارة العالمية.
ويضيف المقال أنه على الرغم من ذلك فإن هذه الخطوة تبرز الحبل المشدود الذي يتعين على المسؤولين الأوروبيين أن يسيروا عليه، فهم يريدون الحفاظ على النظام القائم على القواعد، والذي تستفيد منه القارة بشكل كبير، مع ضمان عدم تعرضهم للترهيب من قبل منافسين أكثر حمائية.
ويقول المقال إنه من المرجح حدوث المزيد من الخلافات، والتي سيستخدم خلالها الاتحاد الأوروبي أسلحة جديدة، في الوقت الذي يبذل الاتحاد قصارى جهوده للتأكيد على أن سياساته متوافقة مع منظمة التجارة العالمية، التي تعد أكثر أهمية بالنسبة للاتحاد الأوروبي مقارنة بأميركا أو الصين، اللتين لا تشعران بالارتياح إزاء تقييدهما بالقواعد المتعددة الأطراف.
وعلى الرغم من ذلك فقدت دول أخرى اهتمامها بمنظمة التجارة العالمية، ويشير هوسوك لي ماكياما، من المركز الأوروبي، إلى أن دولا مثل الصين والهند وروسيا تفضل “نظاما بديلا قائما على العقود التجارية بدلا من مؤسسة قائمة على لوائح، والتي، من وجهة نظرها، أفسدها المحامون الأوروبيون والفيتو الأمريكي”.
ويختتم المقال سطوره بوصف النهج الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي بأنه يتسم بالدقة الشديدة، مشيرا في ذات الوقت إلى أن نية أوروبا هي استخدام التعريفات الجمركية كوسيلة للتفاوض على معاملات أفضل، بيد أن التفاوض بعد المعارك التجارية يشكل استراتيجية بدائية، وقد لا يكون كافيا إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض. فإذا حدث ذلك، فسيتعين على الاتحاد الأوروبي أن يبحث عن طريقة لاستقطاب دول خارجية لتقف إلى جانبه.
“في إيران لا شيء يتغير”
ونختتم جولتنا بصحيفة “العرب” اللندنية ومقال رأي كتبه محمد خلفان الصوافي بعنوان “الإصلاحي والمحافظ وجهان لعملة إيرانية واحدة”، وفيه يستهل الكاتب مشيرا إلى أن ما بين تصريح الرئيس الإيراني الإصلاحي الجديد، مسعود بيزشكيان، وتصريح سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، الذي أعاد خطاب النظام التاريخي، رسالة سياسية واضحة، وفحوى الرسالة أن الرئيس الجديد ليس هو صاحب القرار وإنما هو منفذ لسياسة النظام.
ويقول الكاتب “تستوقفنا جميع تصريحات المسؤولين الإيرانيين، الإصلاحيين أو المحافظين”، ويصل بنا الأمر إلى “الحكم” على تلك التصريحات خاصة التي تحمل رؤية إيجابية، ليس لأنها تخاطبنا نحن كخليجيين، بل لأنها تصريحات للاستهلاك الإعلامي الداخلي، أو أنها محاولة لتخفيف الضغط الدولي عن النظام المتمسك بتفاصيل حياة الإنسان الإيراني من خلال استخدام خطاب التهدئة.
ويضيف أن حكمنا هذا أو تقييمنا مبني على أساس بسيط، فخبرتنا التاريخية مع كل التصريحات الإيرانية منذ أكثر من أربعة عقود لم يتبعها سلوك أو فعل سياسي يتطابق مع ما يصرّحون به. آخر تلك التصريحات الإيجابية، صدرت عن الرئيس الجديد، مسعود بيزشكيان، الذي يفترض أن تتوفر فيه كل العوامل التي تدفعه ليكون إيجابيا مع دول الخليج، فهو من جانب قادم من تيار الإصلاحيين أو المعتدلين الذين يحملون رؤية ونهجا مختلفين في العلاقات مع الجوار ومع العالم، حيث أن بيزشكيان دشن عهده الجديد بتصريح ظننا معه أننا أمام مرحلة جديدة عندما قال إنه “سيمد يد الصداقة للجميع”.
ولكن ما حدث في أقل من يوم من تعهده، أن سفير إيران في الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني تقدم بخطاب مستفز ضد الدول العربية، الخليجية تحديدا، حول تسمية الخليج العربي، واستخدم مفردات غير دبلوماسية وغير سياسية في رده على بيان جامعة الدول العربية الأخير.
ويقول الكاتب إن وجه الاستغراب هنا لا يكمن في التناقض بين سلوك إيران مع الخطاب السياسي لها، خاصة مع دول الخليج العربي فهو أمر شبه معتاد، ولكن وجه الغرابة أن العلاقات الإيرانية – الخليجية تعيش مرحلة تهدئة سياسية وتشهد نوعا من التنسيق البيني في عدد من الملفات، خاصة بعد المصالحة الدبلوماسية التي رعتها الصين بين السعودية وإيران، وكذلك بعد الخطاب الخليجي الذي يدعو إلى تحسين العلاقات مع إيران باعتبار أن أيّ ضرر في المنطقة يمسّ الجميع.
ويلفت الكاتب إلى أنه في العلاقات الدولية تكون محاولة كسب أصدقاء مسألة في غاية الصعوبة، والسبب أن السياسة في عمومها محفوفة بالنيات غير الصافية وغير الصادقة، ولا تمكن الثقة بسهولة في نوايا السياسيين، لذا تجد دولة مثل الصين رغم كل الجهود التي تبذلها في كسب الأصدقاء في كل أنحاء العالم، ورغم أن تاريخها السياسي لا يحمل أيّ احتلال أو عداوة للجوار إلا أن الكثيرين يشككون في نواياها السياسية.
ويختتم الصوافي مقاله مشيرا إلى أنه تكاد لا توجد قناعة لدى أهل الخليج العربي بأن تتغير السياسة الخارجية الإيرانية تجاههم، سواء تغيرت تصريحات المسؤولين الإيرانيين أو تغير القادمون الجدد من التيارات السياسية، سواء من الإصلاحيين أو المحافظين أو المعتدلين، فكلها مسميات لا تجد لها وقعا عمليا، فالسياسة الإيرانية واحدة، من الصعب أن تلحظ أي فروقات بين الإصلاحي والمحافظ لأن الملفات محددة قبل أن يأتي الرئيس للسلطة.