صندوق الإيداع والتدبير يجمع خبراء ومسؤولين من أجل ترقية “الجاذبية الترابية”
مُترجِماً طموح “مجموعة صندوق الإيداع والتدبير” المتمثل في المساهمة بشكل فعّـال في مواكبة ورش الجهوية المتقدمة، ورفع جاذبية واستدامة المجالات الترابية، التأم بدعوة من “معهد مجموعة صندوق الإيداع والتدبير” (Institut CDG) مسؤولون وخبراء ومختصون، اليوم الجمعة في الرباط، في إطار فعاليات ندوة حول “التهيئة المستدامة في خدمة الجاذبية الترابية”.
المشاركون من قطاعات ومؤسسات عمومية مختلفة، إلى جانب فاعلين محليين وجهويين، وضعوا مواضيع متنوعة تحت مجهر النقاش والتحليل؛ إلا أن القاسم المشترك بينها هو مفهوم “التراب” في أبعاد حاسمة هي “الحكامة الترابية في النموذج التنموي الجديد، وجاذبية المجالات الترابية، وآثار التهيئة الترابية على الاستثمار، وكذا القيمة الترابية”.
سفير: تثمين الموارد
خاليد سفير، المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، لفت ضمن كلمة له خلال الجلسة العامة للندوة إلى “أهمية بالغة يكتسيها لقاء اليوم، لارتباطه الوثيق بالتنمية بشكل عام والتنمية المستدامة على الخصوص”، مشيرا إلى أنه “يشكل مناسبة أيضا للوقوف على المجهودات المبذولة لرفع التحديات المتمثلة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
واعتبر سفير أن “إطلاق المملكة سلسلة من الإصلاحات والأوراش، منها ورش الجهوية المتقدمة، وما تلاه من إصدار القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، ثم اعتماد الميثاق الوطني للاتمركز الإداري؛ كلها عوامل دافعة مساهمة في خلق تحول نوعي في أنماط الحكامة الترابية، والانفتاح الاقتصادي والتنمية الترابية”، موردا أن التنمية المستدامة أساسية لضمان تحقيق التنمية الاقتصادية بالمغرب.
وسجل المتحدث ذاته أن “الهدف الرئيسي للتهيئة الترابية يتمثل في جعلها جذابة وذات تنافسية من خلال تثمين الموارد الترابية”، مردفا: “لمواجهة تحديات عديدة بالمجالات الترابية لا بدّ من بلورة رؤية مشتركة كفيلة بدعم تكامل المجالات الترابية في ما بينها، وتُمَكِن من خلق منظومات اقتصادية مندمجة ومن تهيئة فضاءات وأماكن عيش ذات جودة عالية تستجيب لطموحات الساكنة وتحافظ على الموارد الطبيعية، خاصة الموارد المائية”.
سفير، الذي سبق أن شغل منصب الوالي المدير العام للجماعات الترابية بوزارة الداخلية، قال إنه “ينبغي علينا إعطاءُ الأولوية للتنسيق بين السياسات العمومية الوطنية والجهوية، وتوحيد جهود جميع الجهات والمؤسسات الفاعلة، سواء العامة أو الخاصة، ووضع كل هذه الدينامية في خدمة المجالات الترابية”، بحسب تعبيره.
خطة استراتيجية للمواكبة
وفي هذا السياق جددت مجموعة “سي دي جي”، على لسان مديرها العام، التعبير عن تصوراتها لمواكبة التنمية الترابية، المدرجة في خطتها الإستراتيجية “CAP2030”.
تضم هذه التصورات شقين؛ الأول “إنشاء منصة خاصة بتتبع العلاقات مع المجالات الترابية والفاعلين المؤسساتيين، تمكن من تعبئة جميع الإمكانيات التي تتوفر عليها المجموعة من أجل تطوير المشاريع في إطار شراكة رابح-رابح لصالح مجالاتنا الترابية. وتهدف هذه المنصة أيضا إلى تحفيز مقومات الجاذبية من جهة، وتوحيد جهود جميع الفاعلين المحليين والمجتمع المدني من جهة أخرى، من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
أما الشق الثاني فيهمّ “تطوير منظومة حكامة ملاءمة ومندمجة تتيح مواكبة الجهات والجماعات الترابية، من أجل تعبئة التمويلات البنكية وتمويلات الأسواق المالية اللازمة لتطوير المشاريع والبرامج الكفيلة بتعزيز جاذبية المجالات الترابية”.
حسني: إعداد التراب
أكد الكاتب العام لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، يوسف حسني، على أهمية هذا اللقاء الذي يدخل موضوعه في صلب اهتمامات وانشغالات صندوق الإيداع والتدبير، وجميع القطاعات الوزارية، خاصة وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير وسياسة المدينة، بحكم مهامها في إعداد التراب والتخطيط.
حسني، الذي تحدّث نيابة عن الوزيرة الوصية بعدما حال “طارئ” دون حضورها ومشاركتها، أبرز “مؤشرات تطور المجال الترابي في المغرب”، موردا أن “المملكة شهدت ومازالت تحولات عديدة، لاسيما على مستوى النمو الديمغرافي والتمدن الذي يشهد دينامية حضرية بالمدن تكرس الفوارق الترابية بين المجالين الحضري والقروي”.
وفي السياق ذاته لفت كاتب عام الوزارة المذكورة إلى أن “المدن هي قاطرة للتنمية والثروة ومَحضن عيش أغلبية السكان المغاربة؛ وهو ما يؤهلها للإسهام في خلق فرص التنمية الاقتصادية والبشرية والرقي الاجتماعي”.
وبحسب حسني فإن “التحدي يكمن، على الخصوص، في بلورة سياسة ترابية متجددة تساهم في مواجهة الاختلالات الناتجة عن التفاوتات وتأمين التنمية الترابية المستدامة وضمان التنافسية والعدالة المجالية”.
كما أشار المتحدث إلى أن “الوزارة تشتغل في أفق النهوض بالمجالات الترابية على إرساء أسس تخطيط ترابي متجدد واستشرافي، مرتكز على قواعد ترابية للتحكم في الامتدادات الحضارية وفي العقار والحركية الحضارية وتطوير فضاءات للعيش الكريم”.
العبدي: التقائية السياسات
تحدث خلال الجلسة العامة رشيد العبدي، رئيس مجلس جهة الرباط-سلا-القنيطرة، الذي شارك بصفته نائباً لرئيسة “جمعية جهات المغرب”، موردا أن “الجهوية المتقدمة تضع الجميع في صلب العمل الترابي، مع ضرورة الوعي بالمقاربة الترابية التي لها أهميتها على جميع المستويات”.
ويرى رئيس جهة الرباط ضرورة “تحديد الإستراتيجيات ووضع الخطط والبرامج المتعلقة بالجاذبية الترابية التي لها دورها المحوري الحاسم في تحسين ظروف عيش السكان”، معتبرا أن “إعداد التراب الوطني يتطلب مشاركة جميع القطاعات وفق مقاربة أفقية والتقائية سيكون لها أثر في المستقبل”.
وأضاف المتحدث أنه “من أجل إنعاش جاذبية الأقاليم ينبغي التركيز، بالخصوص، على العناصر المتعلقة بالتخطيط الحضري المستدام، وتحفيز الاستثمار والحفاظ على الثقافة المحلية”، مُذكّراً بمخططات التهيئة العمرانية وإعداد التراب التي تم اعتمادها بالمغرب.
وفضلا عن إلقاء عرض حول “الحكامة الترابية في نموذج التنمية الجديد”، تضمن برنامج اللقاء التئام مائدتين مستديرتيْن، تهم الأولى “جاذبية المجالات الترابية أساس ديناميتها”؛ فيما قاربت المائدة المستديرة الثانية موضوع “عرض القيمة الترابية”، بمشاركة فاعلين قطاعيين ومحليين وممارسين للسياسات الترابية.