أخبار العالم

“الهجرة ليست حثالة” .. لامين يامال يُشْهر “الرمز 304” في وجه العنصرية



اختار اللاعب لامين يامال، الذي سيبلغ 17 عاماً بعد ثلاثة أيام (13 يوليوز)، أن يحتفل بالنصر الذي حققه خلال آخر مباريات منتخب إسبانيا أمام فرنسا من خلال الإشارة إلى الرقم “304”، الذي يشير إلى الأرقام الثلاثة الأخيرة من الرمز البريدي لحي روكافوندا الذي تسكنه الطبقة العاملة في مقاطعة برشلونة، التي وصفها المسؤولون المنتخبون اليمينيون المتطرفون من حزب فوكس بأنها “حثالة متعددة الثقافات”.

ويرتكب حزب فوكس، وهو جماعة سياسية يمينية متطرفة في إسبانيا، خطأً فادحًا من خلال وصم أطفال المهاجرين المغاربة، والمثال الأخير لامين يامال، معجزة كرة القدم العالمية الشابة.

وسجل هذا اللاعب، المولود لأب من أصل مغربي وأم غينية استوائية، هدفا رائعا في مرمى فرنسا الثلاثاء في نصف نهائي يورو 2024، وبذلك تأهلت إسبانيا إلى النهائي.

وكان احتفال اللاعب بإظهاره الرقم “304”، في إشارة إلى حي روكافوندا الذي تقطنه الطبقة العاملة، بمثابة رسالة فخر ومقاومة.

وفي هذا الإطار قال ياسين اليتيوي، الأمين العام للمركز المغربي للبحوث للعولمة “نجماروك”، إن “وصم الأطفال من خلفيات مهاجرة من قبل حزب فوكس يستند إلى أيديولوجية قومية ومعادية للأجانب تتجاهل واقع المجتمع الإسباني المعاصر، من خلال وصف الأحياء متعددة الثقافات بالحثالة”، متابعا ضمن تصريحات لهسبريس بالفرنسية: “يختار فوكس خطاب الكراهية والانقسام، متناسيا أن هذه الأحياء هي موطن للعديد من العائلات التي تساهم بشكل فعال في المجتمع الإسباني”.

وأكد المتحدث ذاته أن لامين يامال هو مثال على ذلك، قائلا إن “نجاحه الرياضي لا يقتصر على مجرد أداء فردي، بل هو انعكاس للغنى والتنوع الثقافي لإسبانيا الحديثة”.

وأوضح المتحدث أن “صعود اللاعب الشاب في عالم كرة القدم بعمر 16 عامًا فقط يظهر أن الأطفال من أصول مهاجرة يتمتعون بإمكانات هائلة، ولسوء الحظ غالبًا ما يتم التغاضي عن هذه الإمكانية أو حتى إعاقتها عمدًا من خلال السياسات التمييزية وخطاب الوصم”.

وشرح اليتيوي أنه “من خلال الاحتفال بهدفه بالرمز البريدي للحي الذي يقيم فيه لم يؤكد يامال ارتباطه بجذوره فحسب، بل سلط الضوء أيضًا على مساهمة المجتمعات المهاجرة في التراث الثقافي والرياضي لإسبانيا”، وتابع: “يجلب الأطفال من خلفيات مهاجرة مجموعة متنوعة من وجهات النظر والمواهب والمهارات التي تثري المجتمع ككل، ومن خلال وصمهم لا يرتكب حزب فوكس الظلم تجاه هؤلاء الشباب فحسب، بل يحرم نفسه أيضًا من الثروة التي يجلبونها لإسبانيا، مثل العديد من البلدان الأخرى، فإسبانيا هي أمة التنوع، وتجاهل هذا الواقع يعني إدارة ظهرك لجزء لا يتجزأ من هويتك الوطنية”.

علاوة على ذلك، يردف المحلل السياسي، “إن وصم الأطفال من خلفيات مهاجرة له عواقب وخيمة على اندماجهم ورفاههم، ويغذي خطاب الكراهية والرفض التهميش والإقصاء الاجتماعي، ما يخلق بيئة معادية يمكن أن تؤثر بشكل عميق على تطورهم الشخصي والمهني”، وزاد: “ومع ذلك فإن مثال لامين يامال يوضح أنه رغم العقبات من الممكن النجاح والتألق، ولكن لا ينبغي لهؤلاء الشباب أن يتغلبوا على عوائق إضافية بسبب أصولهم”.

ومن المهم أيضًا التأكيد أن هجمات فوكس ضد الأحياء متعددة الثقافات مثل روكافوندا لا أساس لها من الصحة وغير عادلة، بحسب اليتيوي، قائلا إن “هذه الأحياء، بعيدًا عن كونها أكوام قمامة، هي مراكز حياة وثقافة وصمود، فهي غالبًا ما تكون مسرحًا للتضامن والديناميكيات المجتمعية الإيجابية التي تفلت من خطاب اليمين المتطرف التبسيطي والمعادي للأجانب؛ وبعيدًا عن الاقتصار على رؤية اختزالية وسلبية، من الضروري الاعتراف بتعقيد وثراء هذه المساحات الحضرية”.

وأشار الأمين العام لـ”نجماروك” إلى أن “الاحتفال بالرقم 304 هو تذكير قوي بأهمية الانتماء والفخر المجتمعي”، مسترسلا: “رغم خطاب الرفض فإن هؤلاء الشباب يجدون مصادر القوة والإلهام في بيئتهم وثقافتهم. وهذه المرونة هي التي يجب تسليط الضوء عليها، بدلاً من وصمها والخطاب الاختزالي. ومن خلال تعزيز نجاحات ومساهمات الأطفال من خلفيات مهاجرة يمكننا بناء مجتمع أكثر عدلا وشمولا”.

“تعليقات فوكس لا تعكس واقع إسبانيا الحديثة”، يقول اليتيوي، الذي يعتبر لامين يامال رمزا للتنوع، وواصل: “من خلال وصف أحياء مثل روكافوندا بأنها قمامة متعددة الثقافات فإنهم يغفلون النقطة الأساسية: هذه الأحياء هي القلب النابض لإسبانيا المتنوعة والديناميكية. إن نجاحه في ملعب كرة القدم هو تذكير بأن الأطفال من أصول مهاجرة لديهم القدرة على تحقيق إنجازات رائعة والمساهمة بشكل كبير في المجتمع”.

“من خلال وصم الأطفال من خلفيات مهاجرة، بما يشمل الجالية المغربية الكبيرة في الشتات، فإن حزب فوكس ليس مخطئا فحسب، بل يتعامل بنوع من الظلم”، يورد المتحدث ذاته، خاتما: “النجاحات التي حققها الشباب مثل لامين يامال تظهر أن التنوع يمثل قوة وليس ضعفاً. ومن خلال تقدير هذا التنوع ومكافحة خطاب الكراهية والرفض يمكننا بناء مجتمع أكثر عدالة وشمولا وأكثر ازدهارا. إن رحلة يامال هي مصدر إلهام ودعوة للاعتراف والاحتفال بمساهمات الأطفال من أصول مهاجرة في ثراء المجتمع الإسباني”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى