أكاديمية المملكة تخلد الذكرى الثانية والخمسين لإقامة علاقات المغرب والإمارات
احتفاء بإحدى أمتن العلاقات الدبلوماسية بين دولتين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بمناسبة ذكرها الثانية والخمسين، التأم ثُلّةٌ من المسؤولين المغاربة والإماراتيين، اليوم الأربعاء، في لقاء احتضنه مقر أكاديمية المملكة بالرباط.
اللقاء الذي نُظم تحت عنوان “العلاقات المغربية الإماراتية: واقع مزدهر وآفاق واعدة”، شهد حضور مسؤولين إماراتيين من أعلى مستوى، على رأسهم السفير سعيد العصري الظاهري، إلى جانب آخرين باحثين في العلاقات الدولية والشأن الدبلوماسي، فضلا عن أعضاء من أكاديمية المملكة المغربية.
وتم خلال اللقاء التأكيد من قبل الجانبين المغربي والإماراتي على “تاريخية العلاقات التي تعود إلى ما قبل سبعينات القرن الماضي، والتي تعززت خلال عهد الراحلين الحسن الثاني والشيخ زايد، قبل أن تعرف كذلك خلال عهد محمد السادس ومحمد بن زايد آل نهيان أوْجَهَا سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وهو ما عززه توقيع القائدين على إعلان الشراكة المتجددة خلال شهر دجنبر الماضي، على أن يكون ذلك ممهدا لمستقبل متواصل من التعاون”.
وثمنّ المتدخلون ضمن الجلسة الرسمية “أهمية التعاون الإماراتي المغربي وما يوفره من سبل دعم التسامح بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ودعم التبادلات الاقتصادية والحفاظ على الروابط الثقافية التي تجمع أبوظبي والرباط، إلى جانب العلاقات الأخوية التي تجمع قيادتي البلدين”، مؤكدين “استمرارية هذه العلاقات خلال السنوات القادمة”.
علاقات للماضي والمستقبل
سعيد العصري الظاهري، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة المعتمد لدى المملكة المغربية، قال إن “العلاقات بين البلدين الشقيقين تعود إلى جذور تاريخية عميقة ولم تكن وليدة سنة 1972، حيث إن كون المملكة المغربية من أوائل المباركين والداعمين لقيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة مهّد لبناء علاقات قوية من التعاون والتضامن والدعم المتبادل في جميع المجالات الاستراتيجية وذات الاهتمام المشترك، ولم يقتصر التعاون على العلاقات الثنائية، بل شمل كافة القضايا التي تهم الأمة العربية والإسلامية”.
وأكد سفير دولة الإمارات العربية المتحدة أن “العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية تظل في منحى إيجابي يصبو لبلوغ الشراكة الاقتصادية المتقدمة بالاعتماد على قوة كل من الاقتصاد الإماراتي والاقتصاد المغربي، اللذين يتميزان بدرجة كبيرة من التكامل يجب الاستفادة منه لتحقيق المصلحة العليا للبلدين”.
ونوّه المسؤول الإماراتي بزيارة الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في شهر دجنبر الماضي، التي تم خلالها التوقيع إلى جانب رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على إعلان “نحو شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة بين الدولتين”، الذي يهدف إلى تطوير مختلف مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، واصفا المبادرة بأنها “دليل إضافي على التوجه الإيجابي للعلاقات الثنائية والحرص على الارتقاء بها بما يواكب التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم”.
السفير الإماراتي بالمملكة المغربية اعتبر كذلك أن “هذه التظاهرة الفكرية التي تحتفي بذكرى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، مناسبة لتقييم حصيلة الإنجازات واستعراض المكتسبات المحققة واستشراف الرهانات التنموية التي تنتظرنا في الفترة المقبلة”، مثمنا “تدخلات إغناء النقاش العلمي وتبادل التجارب والتطلع نحو استثمار الفرص الواعدة التي يوفرها البلدان الشقيقان”.
علاقات لمواجهة التحديات
من جهته، أكد عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة، أن “العلاقات بين المغرب والإمارات تتميز بعمقها التاريخي، بالنظر إلى كونها تعود إلى عهدي كل من القائدين الحسن الثاني والشيخ زايد بن نهيان، وكون الطرفين كذلك يعتمدان على توجهات ومواقف واضحة من أجل وبغية دعم السلام”.
وأضاف الحجمري، ضمن كلمته الافتتاحية، أن “أواصر التعاون بين البلدين مستمرة اقتصاديا وسياسيا، وهو ما تؤكده الاتفاقيات المبرمة وافتتاح الإمارات العربية المتحدة قنصلية عامة بمدينة العيون كأول بلد عربي غير أفريقي يقدم على هذه المبادرة”، منوها كذلك بـ”تعاون أبوظبي مع الرباط خلال تدبير الزلزال الأخير بعد أن أرسلت فريقا لإغاثة الضحايا بالمملكة”.
وذكر المتحدث ضمن كلمته أن “البلدين يواصلان تعاونهما الاقتصادي كذلك بعد أن غدت الإمارات من أهم الشركاء التجاريين للمملكة، بما يساهم في دعم الاقتصاد المغربي وخلق فرص عمل جديدة، إذ إن توقيع إعلان الشراكة الأخيرة سيفتح بابا جديدا أمام التشارك الثنائي في بناء العمران والنهوض بالإنسان وضمان تعايش المجتمعات، خصوصا إذا استحضرنا أن المملكة مقبلة على تنظيم فعاليات دولية كبرى، ككأس العالم وكأس إفريقيا، وهو ما سيعزز الاستثمار”.
وإلى جانب مجال الاقتصاد، ذكر أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة أن “التعاون بين الرباط وأبوظبي يشمل كذلك الجانب الثقافي، خصوصا إذا استحضرنا أن الإمارات تحضر ضمن أبرز التظاهرات الثقافية بالمغرب، مما يدعم الجوانب الحضارية المشتركة”، مؤكدا في الأخير أن “العلاقات بين الدولتين الشقيقتين تبقى بمثابة تاريخ عريق من الترابط ثقافيا وقيميا يحظى بدعم قوي من القيادتين بشكل مباشر، على أن يساهم استمرار ذلك في نهضة العالم العربي والإسلامي”.
التسامح والتعايش
من موقعه رئيسا لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، اعتبر عبد الله بن بيه أن “العلاقات بين البلدين تبقى تعبيرا عن نوع من العلاقات التي تربط الماضي التليد بالحاضر المجيد والمستقبل السعيد، بالنظر إلى ترسانة القيم التي يتم التعبير عنها في هذا الصدد، لعل أبرزها قيمتا التسامح والتعايش”.
مستحضرا الجانب الديني والإنساني، قال ابن بيه إن “القائدين الراحلين حافظا على الروابط التي تجمع البلدين بما جعل اليوم العلاقات بينهما زاهرة ومزدهرة، ما يعزز التعاون الأخوي الممثل للحلم العربي القاضي بضمان أمن الشعوب ورخاء الأقطار”، واصفا الرباط وأبوظبي بأنهما “جناحا الأمة العربية والأراضي المباركة الخيّرة”.
وعلى هامش هذه الجلسة الافتتاحية للاحتفاء بالذكرى الثانية والخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تبادل السفير الإماراتي بالمغرب وأمين السر الدائم لأكاديمية المملكة دروعا رمزية فخرية توثق لهذه المناسبة التي أكد خلالها الطرفان ضرورة “ضمان استدامة العلاقات في اتجاه ضمان الرخاء والنهضة وتطويرها بين بلدين شقيقين”.