أخبار العالم

كونفدرالية دول الساحل .. حلف جديد يساير طموح المغرب في قارة إفريقيا



أعلن القادة العسكريون في كل من النيجر ومالي وبوركينافاسو، نهاية الأسبوع الماضي، خلال قمة احتضنتها العاصمة النيجرية نيامي، تأسيس “كونفدرالية دول الساحل” كحلف ثلاثي جديد في منطقة الساحل، في خطوة تكرس للقطيعة النهائية مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس)، التي ساءت علاقتها مع هذه الدول في الفترة الأخيرة، وسط اتهامات لهذه المجموعة بخدمة أجندة بعض الدول الغربية في القارة السمراء.

ويرى مهتمون أن هذه الخطوة التي أعلنت عنها الدول الثلاث التي عبرت عن التزامها وانخراطها في المبادرة الأطلسية التي طرحها المغرب لفائدة دول منطقة الساحل، هي تكريس للصحوة الإفريقية التي طالما دعت إليها الرباط، وخدمة للمصالح الاستراتيجية والسياسات البراغماتية للرباط في إفريقيا، مقابل سقوط مشاريع بعض الدول المجاورة لهذه البلدان، خاصة الجزائر، التي تراهن على انعدام الأمن والاستقرار والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة خدمة لأجندة معروفة الأهداف في المنطقة.

وبهذا الخصوص، قال عباس الوردي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، إن “تأسيس هذا الحلف الجديد يحمل إشارات ورسائل قوية تؤكد إعلان الطلاق الثلاث مع الأنظمة المهترئة التي ترعى الفساد والتطرف، والتي تؤثر على البنى الداخلية للدول الإفريقية، على غرار الجزائر التي تعاني اليوم من عزلة إقليمية نتيجة توتر علاقاتها مع الدول المعنية مقابل توجه هذه الدول إلى تشبيك علاقاتها مع المغرب على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل”.

وأضاف الوردي، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الخطوة تؤكد أن هناك صحوة إفريقية كما كانت تدعو إليها المملكة المغربية. وبالتالي، فإن هذا الحلف الجديد ستكون له إسقاطات في إطار تشبيك العلاقات مع مجموعة من البنى والمبادرات ذات الصبغة الاستراتيجية، على غرار المبادرة الأطلسية التي طرحتها الرباط، من أجل بناء إفريقيا جديدة وتكريس التعاون جنوب-جنوب”.

وبين الأستاذ الجامعي أن “القارة الإفريقية اليوم أمام متغيرات جديدة تفرض على الدول مواكبة الصروح الموثوقة وذات المصداقية في إطار تكريس الندية وخلق بنى متفردة بعيدا عن الأصوات المناوئة للسلم والأمن الإفريقيين، ومواجهتها بلغة الصراحة والبراغماتية، وبالتالي بناء بناء مجتمعات إفريقية آمنة وموحدة على أساس البنية الإفريقي التعاونية والموحدة”.

من جانبه، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، إن “العقل الاستراتيجي المغربي، انطلاقا من فلسفة الرؤية الملكية المتبصرة لطبيعة التفاعلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا، وبشكل خاص في منطقة الساحل والصحراء الكبرى، حدد بوضوح تام وبشكل دقيق في أكثر من مناسبة، بشكل علني، حرصه الشديد على استقلالية القرار السيادي للشعوب الإفريقية ورفضه لكل التدخلات الخارجية، بل إن المملكة في إطار جهودها الدبلوماسية الرصينة قامت بالتصدي لعدد من محاولات بعض دول الجوار فرض أجندات معينة على شعوب المنطقة”.

وأضاف البراق أن “كل المؤشرات تدل على أن المملكة لا يمكن أن تقف في وجه المحاولات الجادة والمسؤولة لحكومات دول الساحل من أجل توحيد الجهود الإقليمية والقارية الإفريقية في إطار مبادرات تعاونية مبنية على شراكة صادقة وقوية أو كيانات ذات بعد وحدوي ينسجم مع تطلعات شعوب المنطقة في التحرر وتحقيق التنمية المستدامة، وهذا المسعى يهدف إلى دعم الشراكات الإقليمية والدولية من أجل تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة، ومن شأنه أن يوفر الأرضية المناسبة لتحقيق الاستقرار الأمني على المديين المتوسط والطويل”.

وشدد المصرح لهسبريس على أن “توحيد جهود دول الساحل في إطار اتحاد كونفدرالي سيساهم بشكل كبير في تثبيت دعائم الاستقرار والسلام والأمن في منطقة تعيش في ظل فشل أمني دائم. وبالتالي، فإن نجاح هذا التحالف في تحقيق الاستقرار الأمني في الساحل، سيعزز فرص نجاح المبادرات الإقليمية لتنمية دول المنطقة، خاصة المبادرة الأطلسية المغربية التي تشكل إطارا إقليميا متميزا يشجع على الابتكار والتفكير الجريء في إيجاد حلول متكاملة ومبتكرة للتحديات التنموية والأمنية في المنطقة من خلال تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لتحقيق التنمية المستدامة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى