المثقف العربي يميل للمديح.. وطه حسين أهمل موضوع المستعمر
قال الأكاديمي العراقي محسن جاسم الموسوي، أستاذ الدراسات العربية والمقارنة في جامعة كولومبيا بنيويورك، إن الراحل إدوارد سعيد “توسّع وأدخل تعديلات على مفاهيم جاء بها أنور عبد الملك في عام 1936 عندما نشر مقالته الاستشراق في أزمة، حيث تحوّل الجدل من جدل ديني تصادمي إلى جدل معرفي يخص فقه اللغة”.
وأضاف الموسوي، في حوار مع الإعلامي المغربي ياسين عدنان على قناة “مجتمع” على منصة “يوتيوب” بعنوان “الاستشراق والفكر العربي المعاصر”، أنه “لا يمكن أن ننكر وجود حالة من الانبهار بترجمة مستشرق ما لمعلّقات شعرية –على سبيل المثال- كما كان المثقف العربي يستميل من يمدحه بحيث كان يشعر بالراحة النفسية”، مرجعا ذلك إلى “القهر والاستعمار وغيرها من الأسباب التي تجعل منه مستسيغا لهذا المديح والإطراء لإعلاء شأن النفس”.
وأضاف في هذا السياق أن هذا “بقدر ما يبدو ضعفا إلا أنه واقع حال بالنسبة للكثير من المثقفين آنذاك الذين عانوا من أزمة انفصام”، مشيرا إلى أن “الصراع مع المستعمر لم يكن باديا مع طه حسين مثلا، حيث أهمل هذا الموضوع حتى في سيرته الذاتية، مثلما لم يشر جورجي زيدان إلى المستعمر البريطاني في سيرته الذاتية، ومثلما تهرّب المثقف الاشتراكي واليساري سلامة موسى من نقد الفرنسيين لتأثره بالثقافة الفرنسية كثيرا”.
واعتبر أن المستشرق، “شأنه شأن المثقف العربي في بداية النهضة، يحتاج إلى الاختزال والمصطلحات الجاهزة، والذي كان (المثقف العربي) يراهن منذ منتصف القرن التاسع عشر على إمكانية معرفة تؤخذ من الغرب”.
ولفت صاحب كتاب “الاستشراق في الفكر العربي” إلى أن “الخطاب الإمبريالي والاستعماري متوالد”، ممثلا ذلك في الخطاب الذي وجهه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، حين غزو العراق، مبرزا في السياق ذاته أن “تيارات الفكر العربي تأخذ هي الأخرى عن بعضها”.
وأشار إلى ما سمّاها بـ”الانعطافة البلاغية في المعرفة، بحيث لم يعد يرتكز المثقف على اختصاص محدود؛ بل بدأ يتوسّع في ذلك”، معطيا مثال إدوارد سعيد “الذي بدأ ناقدا أدبيا”، مرجعا ذلك إلى “الحركات التحررية التي فرضت نفسها على الناس وطرحت مشكلة هوية وافتراق في داخل المثقف العربي الذي احتاج إلى ركيزة معينة تعزز له الوعي بالذات والقول بأن لديه ولدى الشعب الذي ينتمي إليه قدرة حقيقية وإيجابية”؛ وهو ما يمكن تسميته، حسبه، “انتماء”.
والانتماء بالنسبة للموسوي “هو الذي دفع المثقفين العرب إلى التعاطي بجدية أكبر مع الفكر العربي وقراءته بشكل آخر ومغاير، لاسيما الجيل الجديد الذي يرى أنه لا بد له من الانتماء إلى ثقافة وأمة ويتفحص هذه الثقافة بجدية كاملة”، خالصا إلى أن “المثقف كلما كان فاعلا وفرض ذاته وحضوره داخل الثقافات العربية، كلما أمكنه أن يؤسس لمعرفة واسعة”.