الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024: هل من الممكن أن يتنحى بايدن؟
- Author, رافد جبوري
- Role, بي بي سي عربي-واشنطن
هل من الممكن أن تتم إزاحة جو بايدن، من الترشح لرئاسة البلاد؟ هذا هو السؤال الذي يشغل الولايات المتحدة الأميركية، بل ويؤرق خصوم الرئيس السابق دونالد ترامب هذه الأيام.
فمنذ الدقائق الأولى للمناظرة التلفزيونية بين جو بايدن و دونالد ترامب مساء 27 يونيو/حزيران 2024، بدأت التساؤلات.
بدا بايدن فاقداً تركيزه ومشتتاً وبطيئاً في التفاعل، وانسلت منه الأفكار واضطربت التعابير، في مشهد وصفه أنصاره وغيرهم “بالمرعب”.
فهذا هو رئيس الولايات المتحدة الذي يريد الاستمرار في المنصب الصعب الذي يتطلب قوة ويقظة وتحملاً كبيراً، لأربع سنوات أخرى. من أجل ذلك يجب طبعاً أن يفوز على ترامب الذي يبدو ثابتاً ومسيطراً ومتمتعاً بالدعم في أوساط حزبه الجمهوري وناخبيه.
الساعات والأيام التي تلت المناظرة شهدت تزايداً في الدعوات من جهات مؤثرة في صفوف أنصار حزب بايدن الديمقراطي ومؤيدي توجهاته إلى خروج بايدن من السباق واستبداله بمرشح آخر قادر فعلاً على هزيمة ترامب.
لا يبدو ذلك مستحيلاً لكنه صعب، بل وصعب جداً في ظل إصرار بايدن على الاستمرار.
ففي الأيام التي تلت المناظرة بدأ بعض قادة حزب بايدن بالحديث عن رغبتهم بأن يتنحى، لكنه شن في المقابل سلسلة من التصريحات ضد تلك الفكرة.
وأكد بايدن في مقابلة تلفزيونية مع شبكة أي بي سي، أن ما حدث كان أمراً عابراً وليلة سيئة وبأنه قادر تماماً على هزيمة ترامب وعلى الاستمرار في الرئاسة ومهامها.
وذهب بايدن أبعد من ذلك في رسالة وجهها الى أعضاء حزبه في الكونغرس، إذ قال “إن أي إظهار للضعف يعني تقوية لترامب وبأن حزبه يجب أن يتوحد خلفه”.
وفي إشارة مهمة ولكن غير واضحة هاجم بايدن في الرسالة من سماهم “بالنخب التي تريد إخراجه”. لم يوضح بايدن تحديداً من هي النخب التي يتحدث عنها لكنها قد تكون إشارة الى كبار الداعمين الماليين للحزب.
حتى الآن، يتمتع بايدن بدعم كبير من هؤلاء، حيث كان يمثل الأمل الأكبر بالنسبة لهم لهزيمة ترامب وإيقافه. ومع ذلك، لا شيء مؤكد في المرحلة الحالية.
على مدى أشهر طويلة تحدثت وسائل الإعلام المحافظة المنتقدة لبايدن عن أثر تقدم السن عليه. وعرضت تغطيات لمواقف كثيرة بدا فيها بايدن في أوضاع لم يكن فيها حاضر الذهن ومسيطراً على حركته وموقعه في أماكن عامة، لكن معظم وسائل الإعلام المؤيدة لمواقف حزب بايدن وتوجهاته لم تركز على ذلك.
أما بايدن وأنصاره، والأهم قادة حزبه، فقد استمروا بإظهار ثقتهم به وبأهليته. يبلغ بايدن 81 عاماً، وهو أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة.
وعندما اقترب موسم الانتخابات الرئاسية لم يبدِ أي من قادة الحزب أو شخصياته البارزة نية في تغيير بايدن أو دعم منافسين له، لذلك شهدت الانتخابات التمهيدية هيمنة لبايدن الذي فاز في كل الولايات الأميركية.
الانتخابات التمهيدية هي الانتخابات التي يجريها كل حزب في صفوف ناخبيه ليمنحهم فرصة وحق اختيار المرشح النهائي للرئاسة.
في مواجهة الدعوات له بالتنحي يحتج بايدن بقوة بأنه المرشح المنتخب الفائز في الانتخابات التمهيدية. وهذه حقيقية من الصعب على قادة حزبه أن يجادلوه فيها.
كانت الفكرة من وراء إجراء تلك المقابلة أن يظهر بايدن بمظهر من يُطمئن أنصاره وحزبه لكن ما بدا واضحاً هو إصرار بايدن على عدم التخلي عن الترشح رغم كل شيء.
إدعاء بايدن الذي ردده في المقابلة ويردده دائماً هو أنه قادر على هزيمة ترامب بل هو الوحيد القادر على ذلك. ذلك ليس إدعاء فارغاً ففي الوقت الذي ينقسم حزب بايدن إلى أجنحة متعددة مختلفة الرؤى فإن بايدن يقدم صيغة توحد تلك الأطراف إلى حد كاف.
فمعظم الشخصيات التي نافسته في الماضي أو قد تريد الحلول مكانه في المستقبل تنتمي للجناح التقدمي. وفي تلك المجموعة نشاط وحماس سياسي وانتخابي كبير، لكن تلك الشخصيات لا تحظى بدعم كاف من الجناح التقليدي لحزب بايدن وخصوصاً ما تبقى من الطبقة العاملة في المناطق الصناعية.
وهذه الفئة الأخيرة كانت حاسمة في ترجيح الكفة في انتخابات 2016 لصالح ترامب ثم عام 2020 لصالح بايدن. ويتمتع بايدن بعلاقات تاريخية جيدة مع نقابات العمال في ولايات حاسمة في المنطقة التي تعرف بالغرب الأوسط في أميركا/ مثل ولايات بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن. كما ويحظى بدعم جزء كبير من شريحة قوية في صفوف الحزب، وهم الأميركيون المنحدرون من أصول أفريقية، ويعود ذلك إلى أيام عمله نائباً للرئيس السابق باراك أوباما.
وتفتقر الشخصيات الأخرى التي قد تحاول خلافة بايدن، للشهرة على الصعيد الأميركي. فمثلاً حاكمة ولاية ميشيغان، غريتشن ويتمر، سياسية ناجحة لكن سيكون من الصعب عليها الوصول ومخاطبة الاميركيين في ولايات بعيدة عن منطقتها وجمهورها المعتاد.
تبقى طبعا نائبة بايدن كمالا هاريس، التي تمثل حالة محيرة، فهي عند كثيرين تمثل مشكلة، إذ أن شعبيتها متدنية ولم تسجل حضوراً ملحوظاً في منصب نائبة الرئيس. لكنها تحظى بدعم داخل الحزب الديمقراطي الذي قد يتوصل إلى تسوية تترشح فيها هي بدلا عن بايدن.
في المجمل فأن أي إزاحة لبايدن في الوضع الحالي لابد أن تتم برضا بايدن نفسه. إذ يقوم نظام الانتخابات على تجمع المندوبين القادمين من الولايات الأميركية الخمسين ممثلين للمرشح الفائز بايدن في المؤتمر العام للحزب الذي سيعقد في شيكاغو منتصف شهر أغسطس/آب المقبل. وهنا من المستبعد جداً أن ينقلب هؤلاء ضد تكليف الناخبين لهم وينتخبوا شخصاً غير بايدن، إلا إذا طلب بايدن منهم ذلك. سيفتح المجال في هذه الحالة لجولات تصويت قد تكون متعددة وسيلعب قادة الحزب دوراً في تقديم المرشحين لأعضاء المؤتمر واقناعهم بتأييدهم.