خفض معدل الفائدة الرئيسي ينعش طلبات إعادة شراء القروض في المغرب
ستشرع البنوك ابتداء من نهاية الشهر الجاري في ملاءمة أسعار فائدتها في عقود القروض مع معدل الفائدة الرئيسي الجديد الذي أقره بنك المغرب، إذ جرى تخفيضه من 3 في المائة إلى 2.75، وذلك خلال آخر اجتماع للمجلس الإداري للبنك المركزي نهاية الشهر الماضي. ويتعلق الأمر بإجراء روتيني تتخذه المؤسسات الائتمانية تفاعلا مع معدل الفائدة المذكور، صعودا أو نزولا، ما سيحفز هذه المرة بشكل مباشر الطلب على خدمات إعادة شراء القروض rachat de crédit.
ويعتبر الزبائن المرتبطون مع البنوك بعقود قروض مع معدلات فائدة متغيرة taux d’intérêt variable الأكثر طلبا على خدمات إعادة شراء القروض، في سياق سعيهم إلى تخفيض كلفة الاقتراض بالاستفادة من معدلات فائدة أقل، بعد عكس تخفيض معدل الفائدة الرئيسي، خصوصا على عقود قروض السكن طويلة الأمد، التي تتراوح مدة استحقاقها بين 15 سنة و25، متبوعين بزبائن القروض الاستهلاكية، وكذا المقترضين الراغبين في الحصول على قروض جديدة لتمويل احتياجات طارئة.
ويستفيد الزبائن من خدمات إعادة شراء القروض لدى المؤسسة الائتمانية المتعاقدين معها، وحتى لدى بنك آخر، حيث يمكنهم الاستفادة من مزايا أكبر، لأن البنك الجديد يعتبر العملية قرضا جديدا؛ فيما يمكن أن يصل الفارق في المعدلات إلى نقطة مئوية واحدة أو أكثر، ما شجع العديد من المقترضين على طلب الاستفادة من هذه الصيغة، في ظل منافسة قوية بين البنوك على الزبائن الأفراد، ذلك أن الزبون يستغل في أغلب الأحيان عروض بنك منافس للضغط على بنكه الخاص، والحصول على خصم جيد.
كلفة العملية الائتمانية
أتاح خفض بنك المغرب معدل الفائدة الرئيسي من 3 في المائة إلى 2.75 أخيرا الفرصة أمام البنوك لإعادة تمويل نفسها بتكلفة أقل، ما سهل تقليص المعدلات المطبقة على عقود القروض الخاصة بالزبائن، الأفراد والشركات، خصوصا المتضمنة لمعدلات متغيرة، علما أن جميع المعدلات الأخرى المرتبطة بالمعدل الرئيسي (سندات الخزانة، شهادات الإيداع، السندات الخاصة…) تسير في الاتجاه نفسه، وبالتالي سيكون من المفيد للمقترض الذي حصل على قرض خلال الفترة الماضية بمعدل ثابت مرتفع نسبيا إعادة التفاوض على شروط جديدة مع بنكه لتوفير بعض التكاليف، وذلك من خلال إعادة شراء قرضه.
وأوضح محسن معروفي، متخصص في المعاملات البنكية ووسائل الأداء، في تصريح لهسبريس، أن إعادة شراء القروض ليست مهمة سهلة دائما، موضحا أن بعض البنوك ترفض هذه الطلبات أو تماطل في تنفيذها لثني الزبون عن هذه الخطوة، خصوصا إذا لم يكن مصنفا ضمن “الحسابات الكبيرة”les grandes comptes، مشيرا في السياق ذاته إلى أنه “حتى عند قبول طلبات إعادة الشراء لا تطبق نسب الخصم كاملة على المعدلات الجديدة الممنوحة للمستفيدين الجدد من التخفيضات في المعدلات، التي يمكن أن تتراوح بين 20 نقطة و50، إذ تحرص المؤسسة الائتمانية على حيازة هامش معقول من الربحية، حيث تعمد لإعادة تمويلها، هي الأخرى، بمعدلات مرتفعة عند منح القرض”.
وأضاف معروفي، في الإطار نفسه، أنه “في حالة إعادة شراء قرض سكن من قبل بنك آخر يتعين على الزبون أن يعرف بوجود رسوم يتوجب تحملها، من قبيل غرامة السداد المبكر للقرض الأصلي (3 أشهر من الفوائد)، ورسوم رفع اليد عن الرهن العقاري، وكذا تكاليف إعادة تسجيل الرهن لصالح البنك الجديد (1 في المائة من قيمة القرض)، إضافة إلى أتعاب الموثق”، مؤكدا “فقدان الزبون الحق في التأمين على الوفاة والعجز الذي دفع ثمن الاكتتاب فيه لدى البنك الأصلي، ويتعين عليه الاكتتاب في تأمين جديد لدى البنك المشتري للقرض”.
اختيار التوقيت المناسب
يعتبر اختيار التوقيت المناسب للاستفادة من خدمة إعادة شراء القرض حاسما في تحصيل مزايا مهمة من هذه الخطوة، إذ يتعين على الزبون الانتظار إلى غاية تفعيل تخفيض معدل الفائدة على القروض، بعد قرار تقليص معدل الفائدة الرئيسي، من أجل ضمان الحصول على معالجة سريعة لملف الطلب ضمن الزبائن الأوائل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى عدد الأقساط ومدة الاستحقاق التي تم استنفادها في القرض القديم، وذلك لغاية الخروج بأقل الخسائر عند الالتزام بقرض جديد منخفض الفائدة؛ علما أن معدل الفائدة الجديد يتعين أن يغطي تكاليف إعادة الشراء، حتى يحقق الزبون مكاسب مهمة من العملية.
وبالنسبة إلى وصال منظور، متخصصة في الهندسة المالية والمعاملات البنكية، يتعين على الزبائن الانتباه إلى التكاليف المرتبطة بخدمة إعادة شراء القرض، خصوصا الاكتتاب في التأمين على الوفاة والعجز، مؤكدة أن الزبون الذي اكتتب وسدد مبلغ عقد التأمين بالكامل في بداية فترة استحقاق القرض سيضطر إلى الاكتتاب في عقد تأمين جديد لدى البنك الجديد، في حالة إعادة الشراء القرض لدى بنك آخر غير بنكه، لأنه سيفقد تغطية التأمين الأول، منبهة إلى أن عددا كبيرا من الزبناء يجهلون إمكانية نقل بوليصة التأمين إلى جهة تأمين أخرى، كما يمكنهم مطالبة بنكهم الأصلي باسترداد الجزء المتبقي من عقد التأمين، الذي يتوافق مع السنوات المتبقية من فترة استحقاق القرض.
وأكدت منظور، في تصريح لهسبريس، أهمية إدراك الزبائن أن إعادة التفاوض بشأن القرض أو إعادة شرائه من قبل بنك آخر ليست مربحة في أي وقت، إذ يجب أن يكون الرأسمال المتبقي للسداد كبيرا بما يكفي لتكون العملية مفيدة، مشيرة إلى وجوب إتمام الزبون إعادة الشراء أو إعادة التفاوض على القرض قبل انقضاء الثلث الأول من مدة استحقاقه، لأنه خلال هذه الفترة تتكون الدفعة الشهرية من 80 في المائة من الفوائد، و20 في المائة من الرأسمال، موضحة أن هذه النسبة تتغير تدريجيا مع السداد، مستدلة بنموذج زبون قام بسداد التزاماته لمدة 10 سنوات عن قرض عقاري، مستحق لمدة 25 سنة، إذ لن يكسب شيئًا من إعادة التفاوض أو إعادة شراء القرض، لأنه ببساطة دفع بالفعل الجزء الأكبر من الفوائد للبنك.