العلاقات المغربية الإيرانية.. الرئيس الإصلاحي بيزكشيان في قبضة المرشد خامنئي
مسعود بيزكشيان، زعيم تحالف الإصلاحيين، هو رئيس إيران الجديد، بعد انتخابات مبكرة على خلفية مقتل الرئيس السابق إبراهيم رئيسي في حادث سقوط مروحية، وبه تحوم التكهنات حول مستقبل علاقات “بلاد فارس” مع دول العالم، ومنها المغرب.
ويدعو بيزكشيان إلى إعادة العلاقات مع الدول الغربية لجلب الاستثمارات الأجنبية، ويأمل إعادة إحياء الاتفاق النووي لسنة 2015، وترتيب أمور أخرى داخلية تهمّ الحريات العامة، قد لا يوافق عليها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي تبقى السلطة الحقيقية في يده، وفق طبيعة النظام السياسي الإيراني.
وكان صعود الإصلاحيين في هذه الانتخابات بمثابة “المفاجأة” داخل إيران، إذ حصد بيزكشيان على 53,6 بالمائة من مجموع الأصوات، متفوقا على المحافظين المتشددين، وهو ما اعتبرته وسائل إعلام غربية “رسالة من الشعب”.
وفق “نيويورك تايمز” فقد قرر المواطنون الإيرانيون الذين فضلوا عدم التوجه إلى مراكز الاقتراع في الجولة الأولى من الانتخابات أن يقوموا بالعكس في الجولة الثانية بسبب سماعهم حملة “أنقذوا إيران” التي أطلقها وزير الصحة السابق، مسعود بيزيكشان.
صلاحيات محدودة
وبالعودة إلى النظام السياسي في إيران، كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية، فإن “صلاحيات الرئيس محدودة للغاية”، وهو ما يجعل طموحاته في السياسة الخارجية محدودة هي الأخرى، فبكل بساطة ينصّ النظام السياسي على أن “الرئيس ينفّذ سياسة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي التي يمليها عليه”.
وبعد ساعات على انتخاب بيزكشان هاجمت إيران بيانا لجامعة الدول العربية، ووجهت رسالة إلى مجلس الأمن، بعد “ورود قضية الجزر الثلاث الإماراتية، التي تحتلها طهران”.
والعلاقات المغربية الإيرانية تعيش على وقع “القطيعة” منذ سنة 2018، حين عدّد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، “مظاهر دعم طهران لجبهة البوليساريو”.
وواصلت إيران خامنئي دعمها جبهة البوليساريو ميدانيا، كما تقول تقارير دولية، ودبلوماسيا، كما تفرج عن ذلك الاجتماعات الأممية التي تتناول ملف الصحراء المغربية.
ومع وفاة الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي، وجّه المغرب تعازيه إلى الشعب الإيراني فقط، وليس السلطة الحاكمة.
وقال لحسن بوشمامة، كاتب ومحلل سياسي، إن “الثورة الإسلامية في إيران حوّلت العلاقات بين الرباط وطهران إلى التباعد والقطيعة”.
وأضاف بوشمامة لهسبريس أن “المد الشيعي، ودعم البوليساريو، وتهديد دول حليفة للمملكة في الخليج، أمور دفعت الرباط إلى تفضيل القطيعة على وجود علاقات دبلوماسية مع إيران”.
وأورد المحلل السياسي عينه ألا إصلاحيين ولا محافظين يحكمون في إيران، “بل هذا البلد يوجد في قبضة المرشد الأعلى، خاصة موضوع العلاقات الخارجية”، مستدركا بأن “طهران سعت مؤخرا في ظل العزلة إلى تحسين علاقاتها مع دول عربية، خاصة السعودية”.
وعودة العلاقات بين المغرب وإيران، وفق بوشمامة، لن تتم “إلا إذا عدل نظام المرشد الأعلى عن ممارساته ضد الوحدة الترابية للمملكة، وأمن الدول الخليجية”، مشددا على أن “الرباط لا تسمح بالمس بالأمن القومي العربي”.
القطيعة تراقب صعود الإصلاحيين
وفي مجال الدفاع لا توجد صلاحيات متوفرة لدى الرئيس الجديد بإيران؛ فالشرطة، والحرس الثوري، وغيرهما من القطاعات الأمنية الأخرى توجد تحت سلطة المرشد الأعلى.
وقد رفض المغرب منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني توجهات نظام خميني بعد الثورة الإسلامية، وقد استضاف شاه إيران محمد رضا بهلوي.
والتباعد بين البلدين كان قديما وليس منذ إعلان القطيعة الدبلوماسية، ففي سنة 2009 اتهمت الرباط سفارة طهران بـ “تشييع المغاربة”، لتعيش العلاقات في جمود حتى 2014، ولم تصمد أربع سنوات أخرى حتى عادت إلى “مكانها البارد”.
وفي نظر محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، فإن “صعود الإصلاحيين جاء بسبب ظروف اجتماعية قاهرة بهذا البلد، دفعت الشعب إلى دعم هذا التيار أملا في الإصلاح”.
وأضاف الدكالي لهسبريس ألا تغيرات مطروحة في سياسة طهران الخارجية، “طالما أن المرشد الأعلى هو الحاكم الفعلي، ومساند من رجال الدين”، موضحا أنه “من الممكن أن يكون هناك شدّ وجذب بين الإصلاحيين ورجال الدين حول السياسة الخارجية”.
وختم المتحدث عينه قائلا: “لا مستحيل في العلاقات الخارجية بين الدول، لكن المغرب يريد علاقات أساسها احترام وحدته الترابية، وعدم المس بأمنه العام”.