المغرب يتسلح لمواجهة جديدة ضد خطاب “الذكاء الاصطناعي” لتنظيم “داعش”

ألقت العملية المشتركة بين المغرب وإسبانيا، التي أطاحت بتسعة شبان يروّجون لـ”خطابات داعشية” رقمية، الضوء على استخدام تنظيم “الدولة الإسلامية” للذكاء الاصطناعي كوسيلة جديدة لنشر “البروباغندا” وتعزيز عملية “الاستقطاب”.
الإرهاب يلجأ إلى الذكاء الاصطناعي
بعد العملية الإرهابية التي تبناها التنظيم في روسيا، نشر “داعش” فيديو يظهر فيه مذيع (روبوت) يعلن تفاصيل العملية الإرهابية، وقد تفاجأ العالم وقتها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لترويج هذه الدعاية؛ وهو ما شكل تغيرا جذريا في وسائل هذا التنظيم الإرهابي.
وقال بلاغ للحرس المدني الإسباني إن أحد المعتقلين قام بـ”تصميم” المحتوى الجهادي متعدد الوسائط بالاعتماد على تطبيقات التحرير المتخصصة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ورغم صغر سنه فقد ظهر كـ”مقاتل إرهابي افتراضي معروف وله تأثير كبير على الأفراد الذين حاول استقطابهم”.
وقد سعى تنظيم الدولة الإسلامية إلى حث أتباعه على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفق “واشنطن بوست”، حيث دعا من يسمى بـ “الكردي 500” إلى نشر أخبار الدعاية باستخدام هذه التقنيات عوض عرضها مكتوبة.
وأكد المصدر ذاته أن الذكاء الاصطناعي سمح لتنظيم “داعش” بـ”نشر أطروحته الإرهابية بسرعة عبر العالم، من خلال تجنيد أقسامه الإعلامية، التي بدورها تبحث عن مختصين في هذا المجال”.
ويطرح هذا الأمر تحديات جديدة على الدول التي تكافح الإرهاب؛ أبرزها المغرب الذي ظهر “متنبّها”، وفق خبراء، لاستخدام التنظيمات الإرهابية خاصية الذكاء الاصطناعي في العملية المشتركة مع إسبانيا.
وقد عرف تنظيم “داعش” “أفولا واضحا” في السنوات الأخيرة، ومن خلال الذكاء الاصطناعي يسعى وفق “واشنطن بوست” إلى تقليل التكاليف ونشر الدعاية بشكل أسرع.
المغرب يتسّلح لمواجهة جديدة
الطيب هزاز، خبير في المجال الرقمي والسيبيرياني، قال إن “داعش ومختلف التنظيمات الإرهابية لجأت إلى برامج خاصة بالذكاء الاصطناعي، من أجل نشر دعايتها دون تكاليف كبيرة”.
وأضاف هزاز لهسبريس أن هذه البرامج، والتي ربما لا تعلم هذه التنظيمات أنها “تخلّف بصمات رقمية، تمكّن أجهزة الاستخبارات بتقنيات متطورة تعقّب أصحابها وتحديد أماكنهم الجغرافية”.
وحسب المتحدث عينه، فالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني “تمتلك تقنيات متطورة، تواجه خطابات داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، والمساعدة التي قدمتها لإسبانيا دليل على ذلك”.
وفي الواقع، فإن مسألة استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل تنظيم داعش تحظى بخلاف بين زعماء الدعاية العنيفة فيه؛ فمنهم من “اعتبرها رسوما محرمة، والشرع لا يقبلها”، أوردت “واشنطن بوست”.
ومع انتقال داعش إلى رواية جديدة رقمية، أكد الشرقاوي الروداني، أكاديمي وخبير في الدراسات الأمنية والجيوستراتيجية، أن “المدارس الاستخباراتية الدولية أمام تحديات جديدة”.
وأضاف الروداني لهسبريس أن هذه المدارس ستكون أمام نهج جديد من الابتكار الارهابي، والتعامل مع هذا الوضع يتطلب تنسيقا وتعاونا أكثر مرونة بين الأجهزة، موضحا أن “تفكيك هذه الخلية الإرهابية يظهر ملامح جديدة للنوعية الخلايا الإرهابية السيبرانية التي أصبحت تهدد البلدين، والتي قد تزداد حدة استخدامها للذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء ونسخ الدعاية المرئية والصوتية”.
تكنولوجيا الإرهاب
على صعيد آخر، أورد الخبير في الدراسات الأمنية أن العالم هو في المراحل الأولى للمواجهة الجديدة مع الإرهاب الجديد والذي “سيمر إلى السرعة القصوى في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ من خلال تطوير تقنيات وقدرات الترجمة إلى لغات متعددة، وتغيير محتوى بعض الفيديوهات والتطبيقات، وكذلك استخدام برامج الدعاية على نطاق واسع”.
“استغلال التنظيمات المتطرفة والإرهابية للذكاء الاصطناعي التوليدي مسألة كانت متوقعة، وستزداد حدتها في السنوات المقبلة، والجماعات الجهادية هي تساير التطورات التي تعرفها التكنولوجيا، ولاحظنا كيف استعملت داعش وتنظيمات عابرة للحدود وسائل التواصل الاجتماعي والتداول المالي من خلال ما يسمى بالعملات المشفرة”، أردف المتحدث عينه.
وذكّر الروداني بأن “برنامج المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، التابعة للأمم المتحدة، الذي صدر عنها تقرير سنة 2023 حول التكنولوجيا ضد الإرهاب، أظهر استغلال الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل منهجي من قبل الإرهابيين والمتطرفين”.