حرب غزة: الأوبئة والأمراض القاتلة التي ” تحرق الجلد” تطارد مليوني نازح
- Author, عبدالمنعم حلاوة
- Role, بي بي سي- القاهرة
“هناك انتشار كبير للأوبئة والأمراض الجلدية تظهر على شكل حبوب وحتى حروق على الجلد”، هكذا عبرت سيدة فلسطينية عن معاناة العيش في مخيمات النزوح بقطاع غزة في ظل حرارة الصيف وانتشار مياه الصرف الصحي.
وقالت السيدة لبي بي سي، ” الحشرات في كل مكان والصراصير منتشرة وتتحرك على وجوه الأطفال أثناء النوم، مما أدى لانتشار الأوبئة، ومع درجات الحرارة المرتفعة نفقد الكثير من الأطفال يومياً”.
وتضيف السيدة: “هذا الخطر الجديد، الذي يهدد حوالي مليوني نازح في قطاع غزة، ويتمثل في انتشار الأوبئة والأمراض الجلدية مثل “الجرب”، الناتجة عن نقص المياه النظيفة وتدهور الصرف الصحي وانتشار الحشرات وقص مستحضرات النظافة الشخصية والأدوية، مما يؤدي إلى موت أطفال يومياً في مخيمات النزوح”.
ويعيش نحو مليوني نازح داخل المخيمات ومراكز الإيواء في قطاع غزة، في ظروف معيشية قاسية، ووسط خطر الإصابة بالأمراض والأوبئة.
ومع ارتفاع درجات الحرارة والاكتظاظ السكاني في خيام النزوح وتراكم مياه الصرف الصحي، تنتشر الحشرات التي تنقل الأمراض والعدوى وتؤدي للوفاة بين الأطفال أو مشكلات صحية لكبار السن تتطلب عمليات بتر للأطراف أحياناً، بحسب تقرير لوكالة وفا الفلسطينية.
وتقول طفلة فلسطينية من أحد مخيمات النزوح في غزة، لبي بي سي، “نختنق ليلاً بسبب المجاري ورائحتها، ومن المساء تبدأ المجاري في التسرب من حولنا ولا نستطيع إيقافها”.
وأضافت، “نعاني من هذه الأزمة منذ تسعة أشهر تقريبا،ً وتزايدت الإصابات بالأمراض”.
ويعد كبار السن والأطفال الأكثر تضرراً من تدهور الوضع الصحي وانتشار الأمراض، وقالت الطفلة الفلسطينية إن جدها أصابه المرض بسبب المجاري واضطر الأطباء “لبتر ساقه لإنقاذ حياته”، ومازال يعاني بسبب البعوض والذباب والنمل المنتشر حول المجاري.
وحثت الجميع على مساعدتهم وإنقاذهم من المرض والموت بسبب المجاري.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، حذرت منظمات ومؤسسات صحية وحقوقية وأممية من انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف النازحين جراء الاكتظاظ وتراجع النظافة الشخصية.
في مركز إيواء يطلق عليه اسم “النخيل” بمدينة دير البلح وسط القطاع، تتجمع مياه الصرف الصحي بين خيام النازحين، حيث يلهو ويمرح الأطفال الذين لا يجدون متسعاً للعب إلا في هذه المناطق بسبب حالة الاكتظاظ.
جذبت هذه المياه الملوثة الحشرات الطائرة وأبرزها البعوض وديدان وحشرات أخرى زحفت إلى خيام النازحين.
وتؤكد المصادر الطبية في غزة أن آلاف المرضى في القطاع “يواجهون الموت نتيجة نقص الأدوية وتدمير إسرائيل معظم المنظومة الصحية في القطاع”.
وأعربت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة مراراً وتكراراً عن قلقها بشأن الأزمة الإنسانية الخطيرة وخطر المجاعة الذي جلبته الحرب والحصار الإسرائيلي لسكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أنه خلال شهر يونيو/حزيران بأكمله، سمحت إسرائيل بمرور أقل من نصف 115 مهمة مساعدات إنسانية خطط لها إلى شمال غزة.
ومع شح المياه والمنظفات كالصابون ووسائل الاستحمام، يبدو المشهد أكثر تعقيداً، حيث تنعدم وسائل النظافة الشخصية وسط حالة من الاكتظاظ السكاني في أماكن النزوح ما يتسبب بتفشي الأمراض الجلدية خاصة “الجرب”.
وقالت سيدة فلسطينية من أحد المخيمات جنوبي غزة، إن مرض “الجرب” منتشر خاصة لدى الأطفال في محيط وجودهم، نظراً لنقص المياه ومستحضرات النظافة، فضلاً عن التعرض للدغات الحشرات المنتشرة.
وأضافت لبي بي سي أنها وزوجها ومعهما سبعة أطفال يعانون من نقص النظافة، وتضطر لتنظيف الأطفال استخدام مياه البحر المالحة، ولا توجد مياه نظيفة للاستخدام.
وتفتقر العائلة إلى أدوات ومستحضرات النظافة، نظراً لندرة وجودها أو ارتفاع أسعارها، وتؤكد أن سعر عبوة الشامبو 80 شيكل (أكثر من 21 دولاراً) والصابونة صغيرة الحجم 15 شيكل (4 دولار)، وهو مبلغ كبير لا تستطيع الأسرة توفيره، في ظل الحاجة إلى توفير مواد أساسية أخرى كالطعام والشراب.
ويأتي هذا في ظل نقص حاد في الأدوية، إذ إنها لا تتوفر على الإطلاق، وكشفت السيدة لبي بي سي عن إصابتها ورضيعها بطفح جلدي “ولم تعثر على أي دواء للعلاج”.
ومرض الجرب، هو طفح جلدي يسبب حكة تنتج عن سوس ناقب صغير يسمى “القارمة الجَرَبية”، ويحتاج إلى علاج سريع لأنه سريع الانتقال ويؤدي لتفشي عدوى جلدية مؤلمة.
وفي مخيم للنازحين في دير البلح بغزة، قال الصيدلي سامي حامد، إن الالتهابات الجلدية آخذة في الارتفاع، خاصة بين الأطفال، “بسبب الطقس الحار ونقص المياه النظيفة”.
وأضاف حامد لبي بي سي، “ازدادت أعداد المصابين بالتهابات جلدية، وخاصة الجرب وجدري الماء”، كما يُحتمل أن تكون حالات التهاب الكبد مرتبطة بتدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة بجوار الخيام.
وبحسب تقارير من غزة فإنه منذ تسعة أشهر لم تقم أي جهة محلية أو دولية أو أهلية بضخ مياه الصرف الصحي لمحطات المعالجة بفعل انقطاع الكهرباء، كما لم تقم برش تجمعات وبرك مياه الصرف الصحي، ما أدى لانتشار الجرب وأمراض أخرى منها الجدري بين الأطفال، والتهاب الجلد الحاد والذي ينتشر عبر البعوض.