الدعوة إلى “عصرنة أنظمة الأداء” تلقى الترحيب بين التجار والحرفيين بالمغرب
في إطار سياسات المملكة من أجل القضاء على “الكاش” لم يكن من عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إلا أن أكد بمناسبة انعقاد الاجتماع الثاني لمجلس البنك المركزي، الأسبوع الماضي، على “ضرورة عصرنة أنظمة الأداء بما يسمح بوضح حد لترسب أكثر من 430 مليارا إلى التداول، بما يصل إلى 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام”.
وطرحت طموحات الجواهري تساؤلات في أوساط الحرفيين المغاربة بخصوص كيفية إدماجهم في عصرنة وسائل الأداء، في وقت يعمل المغرب كذلك على التأسيس مستقبلا للتعامل بالدرهم الإلكتروني الذي يبتغي منه “محاربة التداول النقدي والشمول المالي ومسائل أخرى”، وفقا لوالي البنك المركزي المغربي.
ووسط بروز تساؤلات وتخوفات مهنية كذلك لم يكن الحرفيون والتجار الذين تحدثوا لهسبريس بمعارضين لفكرة عصرنة أنظمة الأداء، بعد أن رأوا منها “وسيلة للرفع من الرواج والحد من خسارة الزبائن لصالح فاعلين آخرين”، غير أنهم اختلفوا في المواعيد الزمنية لتنزيل هذا الإصلاح، ففريق يرى بـ”حلول وقت ذلك”، في حين أن آخر يرى أن “الأولوية تفرض إصلاح قطاع التجارة أولا لضمان النجاعة”.
ورغم تخوفاتٍ مُضْمَرَةٍ لفاعلين من إمكانية فتح عصرنة منظومة الأداء البابَ أمام مراجعاتٍ ضريبيةٍ أكثر حزماً إلا أن من تحدثوا لهسبريس استبعدوا ذلك، معللين جوابهم بكون التعديلات الأخيرة على المنظومة الضريبية “وصلت إلى مستويات مناسبة للتجار والحرفيين”، ومؤكدين في الوقت نفسه “الانضباط في أداء الواجبات الجبائية”.
عصرنة الأداء “حتمية”
من منطلقة كحرفي وعضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين أفاد إبراهيم أوداود بأن “إدخال التكنولوجيا إلى القطاع أمر ضروري وحتمي، يجب أن يكون في مستوى تصورات الدولة والمهنيين من أجل الرقي بالمنظومة الحرفية وتطوير علاقة الحرفي بالمواطن الزبون، خصوصا إذا استحضرنا أن المساحات التجارية سبقتنا إلى هذه الوسائل”.
وأكد أوداود، مصرّحا لهسبريس، وجود “خطوات متقدمة في هذا الصدد، خصوصا إن استحضرنا شراكات مع بنك المغرب وفاعلين آخرين”، وزاد مستدركا: “غير أن ما نسجله هنا هو أن الشركات المشغلة لأنظمة الأداء تطلبُ هوامش ربح عالية تعادل ما نربحه نحن كمهنيين، وبالتالي يجب أن تكون الهوامش هنا مقبولة حتى يتشجع جميع الحرفيين لاعتماد هذه الأنظمة، بما يتماشى ورغبات الدولة في حصر انتشار النقد”.
وعاد المتحدث ليشير إلى أن “الحرفيين على العموم يضيعون تقريبا 12 في المائة من مداخيلهم نتيجة عدم توفرهم على خاصية الأداء الإلكتروني”، وتابع: “هذا في وقت ننتظر أن ترفع هذه الأخيرة من مردوديتنا عندما نستحضر أن فئة من الزبائن تفضل الأداء بشكل رقمي، كما من المرتقب كذلك أن ترتفع نسبة هذه الفئة مع مرور الوقت”، موردا أنه “من غير المقبول تضييع الفرص التي يمنحها تطوير الأداء بالقطاع”.
وجوابا عن سؤال لهسبريس حول مدى مساهمة هذه الوسائل الجديدة في بداية إجراءاتٍ ضريبية صارمة من الدولة تجاه التجار أوضح النقابي سالف الذكر أن “مسألة الضريبة باتت أكثر معقولية، خلافا لما كان في السابق”، مردفا: “من واجبنا أداء الجبايات بشكل يتناسب مع الرواج الذي يمكن أن نحققه، ولا يمكن أن نكون خارج طموحات الدولة، خصوصا بعد أن قامت بدمجنا في إطار منظومة الحماية الاجتماعية”.
في مرحلة قادمة…نعم
في المقابل لم يكن لحسن المومن، الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتجار والحرفيين بسلا (التابعة للاتحاد المغربي للشغل)، من بين المتحمسين لما يتصوره بنك المغرب بخصوص تطوير أنظمة الأداء بقطاع التجارة في الفترة الحالية، وهو ما أرجعه إلى “كون القطاع مازال يعرف انتشار التجارة خارج سياقات واضحة، خصوصا إذا استحضرنا أن عددا من الفاعلين، خصوصا البائعين بالجملة، لا يقومون بتوفير فواتير تخص المعاملات المالية معهم”.
وذكر المومن، مصرّحاً لهسبريس، أن “تنزيل تصورات بنك المغرب ووزارة التجارة والصناعة يحتاج إلى المزيد من الوقت، ويصعب أن يتم بشكل سلس إن لم تتم إعادة هيكل القطاع والحسم مع كل التعاملات التي تتم في إطار سوق سوداء ولا تعطي بشكل واضح مؤشرات عن الرواج”.
المتحدث ذاته بيّن أن “ثقة المواطنين الزبائن في النظم الرقمية ليست بالمشجعة، إذ نسجل أنها مازالت في الحضيض، هذا إن أضفنا إليها وجود شركات هي الأخرى لا تتعامل إلا بشكل مادي ولا تقبل الشيكات والتعاملات الأخرى”، مبرزا أن “بداية تنزيل الإصلاحات والتصورات يجب أن تكون موازاة مع حل كل هذه النقاط والإشكالات”.
وجوابا عن بعض التخوفات من إجراءات ضريبية أكثر عُمقا لفت النقابي نفسه إلى أن “الحرفيين مؤمنون بأن الضريبة من واجبات كل ذي دخل قار أو عمل حر”، وزاد: “نحن نستبعد أن تكون هناك مراجعات أخرى بعد أن تمت تسوية العتبات الضريبية في ما سبق”، خالصا إلى أن “الأداء الإلكتروني مرحب به بأماكن اشتغالنا شريطة أن يكون في فترة مقبلة بعد أن تتم تسوية كل النقاط العالقة التي ستحول دون تحقيق النجاعة”.