أخبار العالم

الدعم المالي لاقتناء السكن الرئيسي بالمغرب .. منتج غائب ودينامية ضعيفة



أثارت الأرقام التي أعلنتها فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بخصوص برنامج الدعم المباشر للسكن إلى غاية الثاني من شهر يوليوز الجاري، موجة من التساؤلات حول الأسباب التي جعلت خريطة توزيع المستفيدين والطلبات بالشكل الذي أعلن عنه.

وأكدت المنصوري، أمام أعضاء لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، أن عدد المستفيدين من برنامج الدعم المباشر للسكن بلغ 16 ألفا و300 مستفيد، حيث تصدر إقليم فاس القائمة بـ2706 مستفيدين، متبوعا بإقليم برشيد الذي استفاد به 2225 شخصا، ثم إقليم مكناس الذي حل في الرتبة الثالثة بـ1891 مستفيدا، يليه إقليم القنيطرة بـ1156، فالدار البيضاء في المركز الخامس بمعدل 906 مستفيدين.

ووفق المعطيات ذاتها فإن ستة أقاليم تذيلت الترتيب بتسجيل استفادة شخص واحد فقط من البرنامج في كل واحد منها، وهي زاكورة وجرادة وتاوريرت وفحص أنجرة وبولمان وبوجدور.

غياب المنتج

في قراءته للأرقام المعلنة سجل الخبير الاقتصادي إدريس الفينة أنها “تبين أننا لم نصل بعد إلى 17 ألف مستفيد من إجمالي 86 ألف طلب، وأن هناك طلبا كبيرا على الاستفادة من البرنامج”.

وأضاف الفينة، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “العدد الكبير للذين وضعوا طلباتهم في الدار البيضاء لم يستفد منهم إلا 1 من 20، وهذا يؤكد حجم العجز الكبير في المدينة بسبب غياب المنتج”، لافتا إلى أن “المواطنين يبحثون عن المنتج الملائم للشروط التي وضعتها الحكومة ولا يجدونه”.

وأشار الخبير ذاته إلى أن “المنتج الذي تدعمه الحكومة في إطار برنامج الدعم المباشر للسكن قليل جدا في السوق، ولو كان متوفرا لوصلنا في الشهر الأول إلى العدد المحدد”، معتبرا أن النجاح الذي حققه البرنامج “نسبي إلى حدود اليوم”.

دينامية ضعيفة

سجل المحلل الاقتصادي ذاته أن “الدينامية الاقتصادية التي كان من المفترض أن يخلقها البرنامج تبقى ضعيفة إلى حدود اليوم”، مؤكدا أن “أرقام المندوبية السامية للتخطيط حول الاستثمارات والنمو تبقى جد ضعيفة، كما أن استهلاك الإسمنت في الفصلين الأخيرين جد محدود”، مبرزا أن “استهلاك الاسمنت محدد أساسي، لأنه أحد أبرز الأهداف الإستراتيجية للبرنامج”.

وعن تصدر فاس قائمة الأقاليم المستفيدة أوضح الفينة أن “السبب بسيط جدا، وهو أنها ثاني مدينة من حيث الكثافة السكانية، ومازالت تتوفر على إمكانيات لإنتاج سكن منخفض المكلفة، لأن الوضعية العقارية مريحة فيها، كما أن المنعشين العقاريين لديهم هامش كبير للمناورة، واليد العاملة منخفضة التكلفة”؛ وذلك عكس مدينة الدار البيضاء التي أضحى العقار فيها “صعب الوصول إليه، وإنتاج سكن بتكلفة 300 ألف درهم مستحيل جدا”.

وأرجع المتحدث ذاته ضعف الطلب والمستفيدين من البرنامج في أقاليم مثل زاكورة إلى “التقاليد والهجرة الكثيفة نحو المدن، وهو سبب ركود السوق العقارية”، معتبرا أن “زاكورة وورززات والرشيدية مناطق تحتاج إلى دينامية اقتصادية أولا، سيكون لها انعكاس مباشر على سوق العقار”.

وأعرب الفينة عن أمله في وصول البرنامج خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام الجاري إلى “35 أو 40 ألف مستفيد”، لافتا إلى أن “الوزارة ينبغي أن تستمع لممثلي المنعشين العقاريين والتحديات التي تواجههم وتدبر العقار في المناطق التي تجد صعوبات في تأمينه، مثل الدار البيضاء”؛ كما دعا إلى “الإبداع من أجل توفير الحلول الممكنة والاستفادة من التجارب الدولية الرائدة في المجال”.

الحل في البادية

اعتبر الخبير والمحلل الاقتصادي عمر الكتاني أنه “من الطبيعي أن يكون التباين في الأرقام المسجلة بخصوص برامج دعم السكن في المغرب، لأن الطلب على السكن المدعم متزايد وأكثر من العرض”.

وأفاد الكتاني ضمن تصريح لهسبريس بأن “الطلبات على السكن أصبحت متزايدة في المغرب لأن الأسر تعتبره أساس الأمن والاستقرار”، مؤكدا أن “الطلب الكبير على الاستفادة متفهم لأن كل المناطق في حاجة إلى الأمر، ولا يمكن أن يكون هناك نوع من تكافؤ الفرص بين جميع المناطق في هذا الباب”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “جميع المدن المغربية محاطة بأحياء هشة وقصديرية”، مشددا على أن “معالجة إشكالية السكن في المدن المغربية رهين بعلاج المشاكل في البادية، لأن الهجرة من البادية إلى المدن هي أصل المشكل، واستمرارها يضاعف الحاجة إلى السكن ويفاقم العجز”.

واستدرك المحلل موضحا: “هناك مجهود يبذل، لكنه غير كاف”، مبرزا أن “الطبقة الوسطى أصبحت في حاجة إلى السكن الاقتصادي”، ومعتبرا أن “الدولة مطالبة بالتركيز على البادية وخلق دينامية تجعل من مراكزها مدنا جديدة”.

وحذر الكتاني من استمرار الهجرة القروية نحو المدن، مبرزا أن “سكان البادية باتوا يمثلون 40 بالمائة من إجمالي سكان المغرب، بعدما كانوا سابقا يشكلون 60 بالمائة، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه سيتراجع الرقم إلى 30 بالمائة في المستقبل، وسنجد مشاكل وصعوبات في إيجاد اليد العاملة في القطاع الفلاحي في المستقبل”، حسب رأيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى