أخبار العالم

الرواية ليست مرآة للمجتمع .. والتاريخ يخدم الأديب لا العكس



نقاش مستمر حول علاقة الأدب والفنون بالتاريخ والمجتمع، يسهِم فيه الأكاديمي والروائي المغربي سعيد بنسعيد العلوي، الذي ساءَل إبان مشاركته في ندوة بمعرض أبوظبي للكتاب عنوانَ “نجيب محفوظ: مرآة للتاريخ والمجتمع”، في تبادل للآراء الثقافية مستمرّ إلى اليوم في العديد من أنحاء المنطقة القارئة باللغة العربية.

ويفرق سعيد بنسعيد بين سلطان الحكي وسلطان التاريخ، قائلا إن الفرق هائل بين الحديث عن “التاريخ والمجتمع كما يرتسمان” في أدب نجيب محفوظ، الحاصل على جائزة نوبل للآداب، وبين الحديث عن هذا الأدب مرآةَ للتاريخ والمجتمع.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، دافع سعيد بنسعيد العلوي عن ألا وجود للرواية إلا مع وجود خيال الروائي وفعالية الكاتب الإبداعية.

وقال المتخصص في الفلسفة: “هذه الفكرة تنطبق على الجميع، فمن الناحية العلمية؛ النظرة القديمة للتاريخ قبل ثورات مناهج علوم الإنسانية، كانت أن المؤرخ يعيد تركيب وإنتاج الحادثة التاريخية كما وقعت، والثورات التي حدثت في علم الاجتماع والتحليل النفساني واللسانيات والمعرفة التاريخية، بيّنت أن هذا وهم، فالمؤرخ ينتج معرفةَ تاريخية جديدة انطلاقا من الحاضر، وهو محكوم بالحاضر وميولاته الإيديولوجية على سبيل المثال لا الحصر، ولا يوجد شيء اسمه إعادة إنشاء الحادثة التاريخية كما وقعت بل كما يقول بها المؤرخ”.

وأضاف: “أما بالنسبة لعلم الاجتماع فلا يكفي القول إنني أعيش في مجتمع فأنا أعرفه، بل يُعرَف المجتمع علميا انطلاقا من الظاهرة الاجتماعية وحصرها وإخضاعها للنّظر والفحص، والمجتمع ليس مباشرا، بل يركبه عالم الاجتماع”.

ثم أردف قائلا: “الروايةُ روايةٌ والتاريخُ تاريخٌ وعلم الاجتماع علم اجتماع… فالرواية تنتمي إلى الخيال وإذا نزعناه منها، ونزعنا العمليات الفنية والإمتاع، لن تبقى رواية”.

واسترسل موضحا: “الرواية التاريخية بتصوُّر التركيب المباشر للتاريخ في العمل الروائي، يجعلها تقع في الإسفاف”، وهو “ما صار في العالم العربي، وصار في المغرب كثيرا عندنا؛ فتأتي الرواية ثقيلة الظلِّ سخيفةً”.

واستدعى سعيد بنسعيد كتابته رواية “ثورة المريدين” التي تقاطع فيها المهدي بن تومرت وانتفاضُ ميدان التحرير سنةَ 2011؛ “كما بدا لي النصان، لا كما في الواقع”، واستشهد بأحدث رواياته “مجهول الحال” التي تكلّمت بإسقاطات تعود إلى أحداث “مولاي بوعزة” بالمغرب سنة 1973؛ لكن “المعطيات التاريخية كانت في خدمة الروائي لا العكس”.

إذن، فكرة سعيد بنسعيد العلوي التي ترفض اعتبار روايات نجيب محفوظ انعكاسا علميا للتاريخ والمجتمع المصريَّين، مفادها، في تصريحه لهسبريس أن “نجيب محفوظ ليس مرآة للتاريخ، بل ينبغي أن نقرأ التاريخ كما يمثل عنده، والمجتمع كما يمثل عنده، ومن يريد كتابة الرواية التاريخية، فعليه أن يقتل المؤرخ ليحيا الروائي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى