إحالة الملك مدونة الأسرة على “المجلس العلمي” تكرس دولة القانون والمؤسسات
تلقت فعاليات نسائية وحقوقية التوجيهات الملكية للمجلس العلمي الأعلى لدراسة المسائل الواردة في بعض مقترحات هيئة مراجعة مدونة الأسرة، استنادا إلى مبادئ وأحكام الإسلام، ومقاصده السمحة، بإيجابية.
وفي هذا الإطار، أكد الائتلاف النسائي من أجل مدونة أسرة قائمة على المساواة والكرامة على “ضرورة القراءة الواعية بما يتوافق مع قيم الاعتدال والاجتهاد المنفتح والبناء”، ورحب بـ”الرغبة الكبيرة لملك البلاد في إخراج هذا النص القانوني إلى حيز الوجود في المستقبل القريب”.
وجدد الائتلاف التأكيد ضمن بلاغ له على “الضرورة المطلقة لاستجابة المجلس الأعلى للعلماء، كما نعلم، باعتدال واجتهاد مستنير، ومنفتح وبناء، في ضوء المتغيرات الناتجة عن تطور المجتمع المغربي، وقدرة القرارات الشرعية على التكيف مع واقع المجتمع واحتياجاته”.
وقالت عائشة الكلاع، رئيسة جمعية حقوق الضحايا: “يمكن استخلاص ثلاث نقاط إيجابية، الأولى مرتبطة بالحرص الكبير لملك البلاد على إخراج هذا النص القانوني إلى الوجود في المستقبل القريب”.
ثاني النقاط التي تحدثت عنها المحامية ذاتها ضمن تصريح لهسبريس، هي “التكريس الواضح لدولة القانون والمؤسسات، وذلك بتكليف الجهة المختصة والمؤهلة لإصدار الفتوى من أجل إغلاق الباب على كل المزايدات السياسوية التي يتم تغليفها بالدين، وخاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا النساء”.
ثالث نقطة، بحسب الكلاع دائما، تتعلق بـ”التركيز في كل الرسائل الملكية المتعلقة بمدونة الأسرة على فضائل الاجتهاد المنفتح والبناء”، معلقة بالقول إنها “الرسالة التي نتمنى أن يلتقطها أعضاء المجلس العلمي الأعلى لإعطاء فتوى تستجيب للتحولات والتطور الذي يعرفه المجتمع المغربي، ولتمكين النساء من حقوقهن، ولحماية الأطفال، وهي الأمور التي لا يمكن إلا أن تخلق استقرارا لأسرة تتمتع كل مكوناتها بالمساواة والكرامة بهدف المساهمة الفعالة في تنمية المجتمع”.
وأضافت رئيسة جمعية حقوق الضحايا أن الأمر مرتبط بورش حقوقي انطلق بـ”الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة من أجل إعادة النظر في مدونة الأسرة وتعديلها، اعتبارًا للاختلالات التي تعرفها في تطبيقها القضائي ولأجل ملاءمة مضامينها مع التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي، ودائما بناء على مرجعيات العدل والمساواة والتضامن والانسجام، مع توسيع باب الاستشارة والانفتاح على المجتمع المدني في إطار مقاربة تشاركية واعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح”.
وذكّرت الكلاع بأن “هذا الورش القانوني، الحقوقي والسياسي استمر لستة أشهر كما حددته الرسالة الملكية، وكان فرصة لجمعيات المجتمع المدني المهتمة بقضايا النساء والأطفال لتقديم مقترحات من أجل التغيير الشامل والجذري لمدونة الأسرة التي آن الأوان لملاءمتها مع مبادئ دستور المملكة لسنة 2011 ومع التزامات المغرب الدولية في ضمان حقوق النساء والأطفال”.
وأشارت المتحدثة ذاتها إلى أن “النقاش العمومي لهذا النص القانوني فتح المجال لكل مكونات المجتمع للإدلاء برأيها حسب مرجعيات كل واحد، في احترام كامل لحق الاختلاف الذي يتصاعد أحيانا عندما يتعلق الأمر بقضايا معينة، ومنها قضايا النساء، ومن الطبيعي أن تظل بعض القضايا الخلافية في تقرير اللجنة التي كلفت بإعداد تقرير عن المشاورات”.
وخلصت الكلاع إلى أنه “استمرارا لهذا الورش المجتمعي، على اعتبار الأهمية المركزية لهذا القانون، يأتي بلاغ الديوان الملكي الذي يخبر الرأي العام بإحالة بعض القضايا للإدلاء بالفتوى فيها من طرف المجلس العلمي الأعلى باعتباره الجهة المختصة والمؤهلة لذلك”.