أخبار العالم

مراقبة ميدانية وتخفيضات تلقائية .. مديرية الضرائب ترفع نجاعة التحصيل الجبائي



كشف التقرير السنوي الصادر عن المديرية العامة للضرائب عن معطيات مهمة بخصوص أنشطة المراقبة والتحصيل، إذ مكنت عمليات “المراقبة الميدانية” وحدها من جني مداخيل بقيمة 5.8 مليارات درهم (580 مليار سنتيم)، فيما همت هذه العمليات بشكل أساسي الملزمين من الأشخاص الماديين، بنسبة 19 في المائة، حيث ارتفع عدد الملفات موضوع التدقيق وحقوق التحصيل، على التوالي، بـ11 في المائة و4 في المائة بين 2022 و2023.

وبدرجة أقل نسبيا، مكنت عمليات المراقبة “على الورق”، المنجزة من قبل مراقبي الضرائب، من تحصيل ما قيمته 5.4 مليارات درهم، فيما سجلت نسبة الملزمين من الأشخاص الذاتيين الخاضعين لهذا النوع من المراقبة زيادة لم تتجاوز 11 في المائة، لتستقر حصتهم في المبلغ المذكور عند الربع (25 في المائة)، مقابل حصتي المقاولات الكبرى والأشخاص المعنويين، التي بلغت على التوالي 38 في المائة و37 في المائة.

وتؤكد هذه المعطيات التوجه الجديد للإدارة الجبائية نحو رفع قيمة المداخيل الجبائية عبر مختلف القنوات القانونية والوسائل التنظيمية المتاحة، تحديدا “المراقبة الميدانية” والتخفيض الضريبي التلقائي، إذ يزاوج هذا التوجه الهجين بين الصرامة في فرض الامتثال الضريبي والمرونة في تشجيع الملزمين على تسوية وضعيتهم الجبائية، موازاة مع تعزيز وتدعيم الموارد البشرية والتجهيزات التقنية والمعلوماتية، لغاية مواجهة مخاطر التهرب والتملص الضريبيين، التي تكلف خزينة الدولة خسائر بالمليارات سنويا.

عصا “المراقبة الميدانية”

رفعت عناصر المراقبة التابعة للمديرية العامة للضرائب عصا “المراقبة الميدانية” في وجه الملزمين المخالفين، وحرصت على تأمين نجاعة هذه الآلية على مستوى التحصيل، من خلال إعادة تقييم المخاطر وتدقيق البيانات في ما يخص فرز الملزمين الخاضعين لـ”المراقبة على الورق” أو نوع المراقبة المذكورة، بالاستناد إلى تحليل المعطيات المعلوماتية والتركيز على قطاعات اقتصادية بعينها، الأمر الذي ساهم في رفع قيمة المداخيل المحصلة عن المراقبة الميدانية من 2.1 مليار درهم (1.6 ألف ملف موضوع مراجعة) في 2020 إلى 5.8 مليارات درهم (5.7 آلاف ملف) في 2023.

وأوضح محسن حركات، مستشار جبائي خبير في القانون الضريبي، تعليقا على الإحصائيات الخاصة بعمليات المراقبة الواردة ضمن التقرير السنوي للأنشطة الصادر عن مديرية الضرائب، أن الاعتماد على “المراقبة الميدانية” يعزز فعالية النظام الضريبي ويضمن تحقيق مداخيل جبائية أكبر وأكثر استدامة، مما ينعكس إيجابا على موارد الخزينة العامة، مؤكدا أن هذا النوع من المراقبة يوفر فرصة لاكتشاف التهرب الضريبي والتلاعب في البيانات المالية، ويتيح للمراقبين الميدانيين التحقق من السجلات المالية والعمليات التجارية للملزمين، والتأكد من صحتها ومطابقتها للتصريحات الضريبية المقدمة.

وأضاف حركات، في تصريح لهسبريس، أن “المراقبة الميدانية” تساعد على ضمان امتثال الملزمين للقوانين والتنظيمات الضريبية، متوقعا زيادة في المداخيل الضريبية عن هذا النوع من المراقبة برسم السنة الجارية في سياق مواصلة إدارة الضرائب توجهها الصارم في مكافحة التهرب الضريبي، موضحا أنه “عندما يشعر الملزمون بأنهم قد يخضعون للتفتيش المباشر، فإنهم يكونون أكثر ميلا إلى تقديم تصريحاتهم الضريبية بشكل صحيح ودفع الضرائب المستحقة عليهم”، مشيرا إلى أهمية النوع المذكور من المراقبة في تدعيم العدالة الضريبية، من خلال ضمان أداء جميع الملزمين الواجبات الضريبية بصفة عادلة، ما يساهم في توزيع العبء الضريبي بشكل متساو عليهم، ويقلل من الشعور بالظلم والتمييز لديهم.

مزايا “التخفيضات التلقائية”

أظهرت التخفيضات الضريبية التلقائية (Les dégrèvements d’office) نجاعة في التحصيل الجبائي وتشجيع الملزمين على أداء ما بذمتهم من مستحقات ضريبية بشكل طوعي، ما ينعكس إيجابا على كلفة التحصيل وتدبير ملفات المنازعات عبر القنوات الداخلية والقضائية. ولجأت مديرية الضرائب إلى هذه الآلية في سياق تفادي الأخطاء الناجمة عن إصدار مختلف أنواع الضرائب والرسوم، بما ينسجم مع الضوابط والنصوص التنظيمية المعمول بها، إذ سجلت السنة الماضية 1.4 ألف ملف تخفيض، بقيمة 37.6 مليار درهم، موزعة بشكل أساسي بين مراكش والدار البيضاء وأكادير والرباط.

وبالنسبة إلى يونس قاسيمي، خبير محاسب في الدار البيضاء، فإن التخفيضات الضريبية التلقائية ضرورية للحفاظ على نظام ضريبي عادل وفعال وتعاوني؛ فهي لا تتيح فقط تصحيح الأخطاء الإدارية ومنع النزاعات، بل تعزز أيضا ثقة الملزمين في النظام الضريبي، ما يؤدي إلى امتثال أفضل وزيادة المداخيل الجبائية على المدى الطويل، مؤكدا وجوب تطبيق الإدارة الضريبية لهذه التخفيضات بشكل شفاف وعادل، من أجل ضمان نجاعة التحصيل، مشيرا في السياق ذاته إلى دورها في تقليص الخسائر الناجمة عن التهرب الضريبي من خلال ترسيخ موقف إيجابي تجاه دفع الضرائب لدى الملزمين، خصوصا المصنفين ضمن قوائم المخاطر العالية عند الأداء.

وتابع قاسيمي، في تصريح لهسبريس، بأنه “من خلال حل الأخطاء في الحسابات والتقييمات بسرعة، تقلل التخفيضات التلقائية من عدد النزاعات الضريبية، ما يساعد على تخفيف العبء على المحاكم الإدارية وتوفير الموارد للإدارة الضريبية”، منبها إلى أهمية هذه التخفيضات في تعزيز رضا الملزمين، من خلال تصحيح أوضاعهم الضريبية بسرعة، إذ يصبحون أقل ميلا للاعتراض على القرارات الضريبية، ما يؤدي بالنتيجة إلى تعاون أفضل بين الإدارة والملزمين، موضحا أيضا أن النظام الضريبي العادل والمرن يشجع على امتثال أفضل للملزمين على المدى الطويل، وبالتالي زيادة في قيمة المداخيل الجبائية وانخفاض في كلفة تحصيلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى