جمعيات حماية المستهلك تنبه إلى ممارسات غير عادلة بشأن “تأشيرات شنغن”

في ظل النقاش حول استمرار إقبال المغاربة على طلب تأشيرات “شنغن” رغم نسبة الرفض الآخذة في الارتفاع أثارت “الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك” (المعروفة اختصاراً بـ “FNAC”) الموضوع من زاوية “لفتِ انتباه السلطات المختصة وعامة الجمهور إلى ممارسة غير عادلة وغير مقبولة تعتمدها شركات التأمين بالمغرب، التي ترفض إرجاع اشتراكات تأمين السفر لأوروبا في حالة رفض التأشيرة”، معتبرة أنه “وضع مثير للقلق بشكل خاص؛ لأن تأمين السفر شرطٌ إلزامي للحصول على تأشيرة شنغن، وبالتالي تفرض تكلفة أخرى على طالبي التأشيرة مع عدم وجود ضمان للاسترجاع في حالة الرفض”.
وأكدت الجامعة، التي تضم نسيجاً وطنياً من 45 جمعية لحماية المستهلك و23 ‘شباك مستهلك’، في بيان توصلت به هسبريس، أن “إرجاع أقساط التأمين في حالة رفض التأشيرة يقتضي من شركات التأمين اعتماد سياسة إرجاع واضحة وعادلة لاشتراكات تأمين السفر غير المستخدَمة بسبب رفض التأشيرة”؛ كما دعَتها، بالتبع، إلى “تقديم معلومات واضحة ودقيقة حول سياسات السداد الخاصة بها عند شراء تأمين السفر”، منبهة بإلحاح إلى “تدخل السلطات الرقابية لدراسة هذه الممارسات واتخاذ التدابير اللازمة لحماية حقوق المستهلكين المغاربة”.
“مِن غير المقبول أن يُجبَر المواطنون المغاربة على دفع ثمن خدمة لا يمكنهم الاستفادة منها دون أي إمكانية لسدادها. وندعو شركات التأمين إلى مراجعة سياساتها وتبني ممارسات أكثر عدالة تحترم حقوق المستهلك”، يقول “حماة المستهلك”، قبل “حثّ هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS) على الخروج عن صمتها وتقديم إجابات وحلول واضحة لهذه المشكلة الملحة”.
السياق والمشكلة
ذكرت جامعة جمعيات المستهلك أنه “للحصول على تأشيرة شنغن من الضروري للمواطنين المغاربة الحصول على تأمين سفر يغطي كامل مدة إقامتهم المخطَّطة في أوروبا؛ ويجب أن يضمن تغطية لا تقل عن 30.000 يورو للتكاليف الطبية وتكاليف العودة إلى الوطن”، وتابعت: “يمكن أن تمثل تكلفة التأمين مبلغا كبيراً للعديد من طالِبي التأشيرة، إذ تتراوح بين 200 و1500 درهم مغربي (حوالي 20 إلى 150 يورو) حسب مدة الإقامة وطبيعتها. ويؤدي المستهلك في المتوسط 70 يورو للاشتراك في التأمين”، منبهة إلى أنه “في حالة رفض التأشيرة يجد طالبوها أنفسهم في وضع أداء 70 يورو (كمتوسط) للحصول على تأمين لا يمكنهم الاستفادة منه”.
“إذا قمنا بعرض ذلك على 119.346 متقدِّماً بطلب الفيزا عام 2022 (وفقًا لمنصة معلومات تأشيرة شنغن)، فسنصل إلى 8.354.200 يورو تستخلصها شركات التأمين بدون وجه حق، رغم إدراكها الكامل لهذا الاحتمال، وترفض بشكل منهجي إرجاع أقساط التأمين، حتى لو لمْ تتم الرحلة”، تورد الجامعة ذاتها، معتبرة أن “هذه الممارسة ليست عادلة فحسب، بل يمكن اعتبارها إثراءً بدون سبب وخرقا للالتزامات الأخلاقية والمعنوية تجاه المستهلك”.
وفي إشارة دالة أوردت الهيئة المدنية سالفة الذكر أن مفوضية الاتحاد الأوروبي بالمغرب أخبَرتْها بأنه يمكن للشركات إرجاع القسط عند تقديم إشعار رفض التأشيرة، وبأن “هذه الخدمة تُمارس بشكل جيد داخل الاتحاد الأوروبي من قبل شركات التأمين؛ ففي حالة رفض التأشيرة من الشائع أن يتم إرجاع تكاليف تأمين السفر حتى في بعض الدول العربية (الإمارات والسعودية)، وكذلك في دول إفريقية (مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا)”، خالصة إلى أنه “من الضروري أن تتبنى شركات التأمين المغربية ممارسات مماثلة لضمان الإنصاف والعدالة لطالبي التأشيرة”.
مخالفة القانون
قال يونس بوبكري، رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، في تصريح لهسبريس: “لم نفاجأ بالمعطيات التي جاءت في البلاغ الصادر عن الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك بخصوص إشكالية يعانيها المؤمَّن لهم عند اكتتاب عقود السفر في حالة الإلغاء أو عدم حصولهم على التأشيرات التي كانت ملزِمة باكتتاب عقد تأمين السفر”.
“نريد أن نشير إلى أن هذا الموضوع يخص شركات تأمين محدَّدة، تكلفت بتقديم هذه العقود في السوق الوطنية، كما نؤكد فعلا أن هذه الممارسات مخالفة للقانون بشكل صريح، وخاصة ‘المادة 46’ التي نصت على أنه ‘في حالة انتفاء الخطر المؤمَّن له يتوفر على الحق في استرداد ولو جزء من قسط التأمين باعتبار أن الخطر الذي كانت تؤمّن عليه لم يعد ساريا’”، يبرز بوبكري، مضيفا أن “المثير أيضا في البلاغ إشارة الجامعة إلى أنها راسلت مسؤولين وهيئات مراقبة التأمينات ولم تتجاوب مع شكايتها ولم يتم الرد عليها”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “المشاكل التي يعانيها المستهلك المغربي أو المؤمّن له ليست فقط استرداد المبالغ، بل شبهة التواطؤ على الأسعار في هذه العقود (إذ تكون موحّدة أو شبه موحدة لدى معظم الفاعلين في سوق التأمينات)؛ فيما لا نسمع أي تدخل سواء من الهيئة الوصية أو مجلس المنافسة رغم الإشعار بهذه المعطيات”.
وخلص رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب إلى أن الأمر “استنزاف ليس فقط لحقوق مواطنين من ناحية عدم استرجاع الأقساط في حالة عدم السفر أو في حالة عدم الحصول على التأشيرة، وإنما أيضا لقدرتهم الشرائية من خلال تواطؤ الفاعلين من أجل توحيد الأسعار رغم أن القطاع مُحرَّر، وهذا أيضا خرق نندد به”، قبل أن يضمّ صوته لحماة المستهلك في “تحميل كامل المسؤولية” لهيئات المراقبة من أجل لعب أدوارها في هذا الإطار.