بهجة وعشق وتصوف .. “المعلّم” القصري يتألق في ختام مهرجان كناوة بالصويرة

التأم المئات من محبّي موسيقى كناوة في حفل فني “باذخ” اختتم به “المعلّم” حميد القصري الدورة الـ25 من مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، بمنصة مولاي الحسن، بحيث قدّم الفنان الكناوي عرضاً جمع، وفق حاضرين، أجواء البهجة والعشق والتصوف في آن واحد، وتم ذلك بحضور المستشار الملكي أندري أزولاي.
القصري في هذه الخرجة خاطب جماهيره مرّة أخرى من “موكادور” في السّهرة الأخيرة، التي تعرف كلّ سنة حضوراً كثيفاً لزوار “مدينة الرياح” وسكانها. وقدم لهم باقة من الأغاني الغناوية المعروفة كـ”مولاي أحمد” و”الحمدوشية” و”للا عيشة”، إلخ، قبل التحاق فرقة بوكانطي ذات الأصول الأمريكية الكيبيكية الغوادالوبية.
وطيلة نحو ساعتين، عاينت هسبريس كيف ظلت الجماهير تصغي بـ”حماس كبير” للأغاني الكناوية التي أداها القصري، بحيث كانت تتفاعلُ معها باهتمام ويتمّ ترديدها بصراخات عالية تتجاوز حدود المنصّة الرئيسية للمهرجان الأشهر من نوعه الذي يُعنى بـ”تثمين الفنّ الكناوي”. كما ارتفعت درجة الانصهار، وتحركت “الجدبة” بين بعض الحاضرين.
وبعد التحاق الفرقة الأمريكية الكيبيكية الغوادالوبية الثانية بالخشبة إلى جانب القصري، من أجل إعمال المزج الموسيقي الذي كان عنصراً أساسيا في أجندة مهرجان كناوة وموسيقى العالم، نالت العملية إعجاب المستمعين؛ وكان ذلك واضحا من خلال التفاعل مع كلّ ما يأتي من فوق المنصّة من أنغام، سواء نوطات من الكيتارة الكهربائية أو من هجهوج حميد القصري.
وهكذا، جرت العادة منذُ سنوات أن يكون الحفل الختامي لهذا الحدث الثّقافي العالمي من توقيع الفنان المولود في القصر الكبير، الذي افتتح المهرجان مرة سنة 2018. هذا الاختيار جلب، حسب أشخاص واظبوا على حضور التظاهرة الكناوية، “متابعة واسعة” لهذا الحدث وكان “دائما يحظى بلحظة ختامية في المستوى”، بتعبيرهم.
وبعد نهاية الحفل، كشف العديد من المواطنين المغاربة الذين جاؤوا إلى الصويرة حصراً لأجل “التبرّك” من “رحبة” كناوة التي تصدح في كل أرجاء موكادور طيلة ثلاثة أيام، أن “سبب الوجود بالمدينة انتهى”، وأن “وقت العودة قد حان”؛ وهو ما يبرز الأهمية الاقتصادية التي يقدمها هذا الحدث الثقافي لفائدة العلاقات التبادلية في هذه المدينة الساحلية الصغيرة.
وفي تصريح لهسبريس، قال “المعلّم” حميد القصري إن الجهة المنظمة هي التي تختار من يؤدي الحفل الختامي، معتبراً ذلك نوعاً من التقدير الذي تُشكر عليه إدارة مهرجان كناوة وموسيقى العالم”، وزاد: “هذا تكليف كبير يدفع ببراعة الأداء الختامي نحو الحدّ الأقصى؛ لأن العبرة بالخواتم كما يقال، وهو ما يرفع من هذه الرغبة لتقديم عروض في المستوى.
وأورد القصري أن “الفن الكناوي تطور وتمكن، طيلة السنوات الماضية، من مراكمة شهرة واسعة استقطبت جماهيراً عريضة تقدّر هذا الفن وتحسن تذوّقه”.
وأكد أن “حقل ‘تكناويت’ صار خصباً بميلاد ‘معلّمين’ جدد و’معلّمات’ سيكرّسون في التحامهم كل هذا التوهّج الذي تعيشه كناوة، وهذا المهرجان ساهم بشكل كبير في هذه الخلاصات المشرّفة”.
وزاد: الأمر يحتاج الاجتهاد، والفن الكناوي لن يستمر وحيداً؛ بل سيكون حيّا ومنتعشا بمن يحمله في قلبه ويروج له ويغنيه في السهرات والملتقيات في المغرب وخارجه، مسجلا أن كناوة متميزة لكونها يمكن أن تتقاطع مع أي لون غنائي آخر؛ لذلك هي تستحقّ أن تكون عالمية وتستحقّ بجدارة كبيرة كل ما تمنحه لها الصويرة عبر هذا المهرجان من عناية فائقة.