انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024: ما الذي يجب أن تعرفه عن مناظرة بايدن وترامب التاريخية؟
شهدت الولايات المتحدة أول مواجهة شخصية بين مرشحي الرئاسة الأمريكية، الرئيس الحالي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب، في مناظرة نظمتها شبكة سي إن إن، مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية، المقررة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2024.
وتُعد هذه المناظرة الأولى التي تُعقد دون تنظيم “لجنة المناظرات الرئاسية”، والتي كانت تُشرف على هذه الفعاليات منذ عام 1988. كما تُعد هذه المناظرة الأولى في التاريخ الأمريكي التي تجمع بين رئيس حالي ورئيس سابق.
وشهدت المناظرة تبادلاً للاتهامات بين المرشحين، تركزت على قضايا مثل الإجهاض، إدارة الاقتصاد، المهاجرين، بالإضافة إلى النزاعات في أوكرانيا وغزة.
وبدأت المناظرة دون مصافحة بين المرشحين، وأقيمت في مدينة أتلانتا، بولاية جورجيا، التي من المتوقع أن تلعب دوراً مؤثراً في الانتخابات، ووصل الرئيس بايدن مدينة أتلانتا برفقة زوجته، بينما تغيبت زوجة ترامب.
ويواجه كل من بايدن 81 عاماً، وترامب 78 عاماً، تحديات كبيرة لإثبات قدرتهما على التعامل مع القضايا المختلفة وتجنب أي زلات كلامية، ويسعى كلاهما لتحقيق نقطة تفوق في استطلاعات الرأي التي تُظهر تقارباً بين المرشحين.
ما هي قواعد المناظرة؟
حُددت مدة المناظرة بتسعين دقيقة، مع فاصلين إعلانين، وهذه نقطة جديرة بالملاحظة، فمناظرات الدورات الماضية، والتي كانت تحت رعاية لجنة المناظرات الرئاسية وليس مؤسسة إخبارية فردية، لم تكن الفواصل الإعلانية متاحة فيها.
ولم يُسمح للمرشحين بالتحدث مع مساعديهم خلال فترات الإعلانات، لكن سيكون لديهم الوقت لالتقاط الأنفاس وجمع أنفسهم بطريقة لم تكن لديهم في السنوات الماضية.
ومُنح كل مرشح قلماً ومفكرة وزجاجة ماء، ولم يُسمح بأي وسائل مساعدة أو ملاحظات مكتوبة على خشبة المسرح.
وتناظر المرشحان في استوديو سي إن إن دون جمهور، وهذا تغيير عن معظم الدورات الانتخابية السابقة، حيث كان هناك حضور مباشر للجماهير في المناظرات، وفي عام 2020، بسبب وباء كورونا، لم يُسمح إلا لمجموعات صغيرة من الناس بالدخول إلى أماكن المناظرة.
ووقف بايدن وترامب على منبرين متجاورين، وأخذ المرشحان موقعهما عبر القرعة بعملة معدنية.
كما جرى تحديد ترتيب البيانات الختامية من خلال القرعة أيضاً. وكان بايدن هو أول من يدلي ببيانه، وكانت لترامب الكلمة الأخيرة في المناظرة. ولم يُسمح بإدلاء بيانات افتتاحية.
وسمحت سي إن إن بدقيقتين لكل إجابة ودقيقة واحدة للدحض والرد. وأُعطي المشرفان على المناظرة، جيك تابر ودانا باش، حق منح وقت إضافي لأي مرشح حسب تقديرهما.
ولمنع مقاطعة المتناظرين لبعضهما البعض، كُتم صوت ميكروفونات المرشحين عندما لا يكون دورهم في التحدث. وكان هذا طلباً لبايدن، لأن ترامب يميل إلى مقاطعة المعارضين في المناظرة.
ماذا قال بايدن وترامب عن حرب غزة؟
قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، في المناظرة الرئاسية إن “الطرف الوحيد الذي يريد استمرار الحرب هو حماس”، في إشارة إلى حرب غزة، مؤكداً أن الولايات المتحدة “أكبر مصدر لدعم إسرائيل في العالم”، مضيفاً: “نواصل إرسال خبرائنا ورجال استخباراتنا لمعرفة كيف يمكنهم القضاء على حماس كما فعلنا مع بن لادن”.
وقال بايدن في المناظرة رداً على سؤال حول عدم امتثال حماس أو إسرائيل للخطة التي اقترحها: “لقد أيد الجميع الخطة، من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى مجموعة الدول السبع الكبرى إلى الإسرائيليين ونتنياهو نفسه، حماس هي من لا تريد الصفقة”.
وتابع بالقول: “ماذا حدث؟ في إسرائيل، الشيء الوحيد الذي علقته هو القنابل التي تزن 2000 رطل. إنها لا تعمل بشكل جيد في المناطق المأهولة بالسكان. إنها تقتل الكثير من الأبرياء”.
وأضاف بايدن “نحن نزود إسرائيل بكل الأسلحة التي تحتاجها ومتى تحتاجها. وبالمناسبة، أنا الرجل الذي نظم العالم ضد إيران عندما شنّوا هجوما صاروخياً بالستيا كاملاً على إسرائيل، لم يصب أحد بأذى. لم يُقتل أي إسرائيلي عن طريق الخطأ وتوقف الهجوم. لقد أنقذنا إسرائيل”.
وأكد بايدن أنه “لا يمكن السماح باستمرار حماس، وبالمناسبة، لقد ضعفت حماس بشكل كبير، ويجب القضاء عليها. ولكن عليك أن تكون حذراً بشأن استخدام أسلحة معينة بين المراكز السكانية”.
بينما قال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إن إسرائيل هي الطرف الوحيد الذي يريد الاستمرار في الحرب، وذلك رداً على قول الرئيس الأميركي جو بايدن إن حماس هي الوحيدة التي تريد الاستمرار في الحرب.
وأشار ترامب إلى أن على بايدن “ترك إسرائيل لتكمل مهمتها لكنه لا يريد أن يفعل ذلك”.
ووصف ترامب منافسه بايدن بأنه “أصبح (بايدن) كفلسطيني، لكنهم لا يحبونه، لأنه فلسطيني سيئ للغاية، إنه ضعيف”.
ورد ترامب سؤال “هل تؤيد إنشاء دولة فلسطينية مستقلة من أجل دعم السلام في المنطقة؟”
وكانت إجابته: “يجب أن أرى”، قبل أن ينتقل للحديث عن الاتفاقيات مع الدول الأوروبية.
اتهامات متبادلة
وقال بايدن خلال المناظرة إن ترامب لا يستحق أن يكون رئيساً، واصفاً إياه بأسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة. وأشار بايدن إلى أن حتى مايك بنس، نائب ترامب السابق، لم يؤيده. وانتقد بشدة دور ترامب في الحد من إمكانية الإجهاض، واصفاً إياه بالأمر الفظيع.
وفي سياق انتقاداته الحادة، قال بايدن لترامب: “أنت هو الأحمق.. أنت هو الفاشل. أنت تبالغ وتكذب بشأن الهجرة”. وختم هجومه بالقول: “أنت شخص مُدان”.
وشبه بايدن أخلاق منافسه بـ”قط الزقاق”، وقال: “الجرائم التي لا تزال متهمًا بارتكابها، فكر في جميع العقوبات المدنية المفروضة عليك. كم مليار دولار تدين بها كغرامات مدنية بسبب التحرش بامرأة في الأماكن العامة؟ والقيام بمجموعة كاملة من الأشياء… ممارسة الجنس مع نجمة إباحية في الليل – بينما كانت زوجتك حامل؟”.
والتفت بايدن إلى ترامب، وتابع: “لديك أخلاق قطة الزقاق”، بينما نفى ترامب ممارسة الجنس مع نجمة إباحية.
وخلال المناظرة، قال ترامب إنه يتقدم في جميع استطلاعات الرأي، مؤكداً أنه سيقبل نتيجة الانتخابات فقط إذا كانت عادلة. وأشار إلى أن التضخم يقتل البلاد، متهماً بايدن بترك الحدود مفتوحة لتدمير أمريكا. وأكد أن فوزه في الانتخابات سيكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ أمريكا من الوحل.
وأضاف ترامب أن حرب أوكرانيا لم تكن لتحدث لو كان لدى الولايات المتحدة قائد حقيقي. وألقى باللوم على بايدن في ارتفاع التضخم ومقتل المواطنين السود. كما حذر ترامب من اقتراب العالم من الحرب العالمية الثالثة بسبب سياسات بايدن، مشيراً إلى أن العالم يتجه نحو الانفجار بسبب قلة الاحترام لأمريكا في عهد بايدن.
استطلاع بعد المناظرة
وأظهر استطلاع نشرته سي إن إن، بعد إنتهاء المناظرة، أن نحو 8 من كل 10 ناخبين مسجلين شاهدوا المناظرة (81٪)، يقولون إنه لم يكن لها أي تأثير على اختيارهم للرئيس، وقال 14% آخرون إن ذلك جعلهم يعيدون النظر لكنهم لم يغيروا رأيهم، بينما قال 5% إنهم غيروا رأيهم بشأن من سيصوتون له.
وتراجعت آراء مراقبي المناظرة تجاه بايدن قليلاً بعد المناظرة: 31% فقط نظروا إليه بشكل إيجابي، مقارنة بـ 37% في استطلاع أجري على نفس الناخبين قبل المناظرة، على النقيض من ذلك، كان 43% من مراقبي المناظرة ينظرون إلى ترامب بشكل إيجابي، على غرار 40% من الذين لديهم آراء إيجابية عنه قبل ذلك.
ويقول 48% من مراقبي المناظرة إن ترامب عالج المخاوف بشأن قدرته على التعامل مع الرئاسة بشكل أفضل، بينما قال 23% إن بايدن قام بعمل أفضل و22% لم يفعلها أي من المرشحين. ويعتقد 7% آخرون أن كلا المرشحين قاما بعمل جيد بنفس القدر في تهدئة المخاوف.
من بين مراقبي المناظرة، قال 48% إنهم سيفكرون في التصويت لترامب فقط، و40% إنهم سيفكرون في التصويت لبايدن فقط، و2% إنهم يفكرون في كلا المرشحين، و11% لا يفكرون في التصويت لهما.
ردود فعل على المناظرة
قالت كلير مكاسكيل، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي السابق عن ولاية ميسوري: “كان لديه شيء واحد يجب عليه تحقيقه وهو طمأنة أمريكا بأنه كان على مستوى الوظيفة في مثل عمره، وقد فشل في ذلك الليلة”.
وأكد حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، وهو مؤيد مخلص لبايدن، قال إنه “لا ينبغي أن يكون هناك ذعر”. وقال: “لقد أدى هذا الرئيس أداءه. ونحن بحاجة إلى الوفاء بالالتزامات من أجله”.
من جهتها، وصفت مديرة الاتصالات السابقة في إدارة الرئيس بايدن كاتي بيدينغفيلد على قناة “سي إن إن” بعد المناظرة الرئاسية، أداء الرئيس بايدن بأنه “مخيب حقا للآمال”، فيما وصف السياسي الأمريكي فرانك لونتز المناظرة بـ”الزلزال السياسي” و بـ”الكارثة غير المسبوقة” للديمقراطيين.
وأما الرئيس بايدن نفسه، فقد أوقفه الصحفيون وهو في طريقه إلى مقهى بعد المناظرة، فقال: “أعتقد أننا قمنا بعمل جيد”.
من جهته، نشر رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، على حسابه في موقع إكس ، تأييداً قوياً للرئيس السابق دونالد ترامب، واصفًا إياه بأنه المرشح الوحيد “المؤهل والقادر” على تولي منصب الرئيس.
وأضاف جونسون: “هذا أكبر عدم تكافؤ في تاريخ المناظرات الرئاسية”، مشيرًا إلى تفوق ترامب في أدائه على منافسيه.