“طقوس خرافية” في إحياء عيد الأضحى .. مناسبة دينية تمتزج بالثقافة الشعبية

يبدو أن شريحة واسعة من المغاربة مازالت تتشبث بعدد من الموروثات عن الأسلاف خلال إحياء شعيرة عيد الأضحى، رغم أنها تظل حسب الباحثين في العلوم الشرعية “مخالفة لتعاليم الشرع ومسيئة لجوهر هذه العبادة التي يجب أن يتم إحياؤها بعيدا عن الطقوس التي لها علاقة بالأزمنة الغابرة”.
ورغم تراجع منسوبها خلال العقود الأخيرة إلا أن هذه الطقوس مازالت حاضرة لدى قاطني مناطق واسعة بالمملكة؛ ونجد من بينها مسح الوجوه على باطن جلد الماعز والخروف، فضلا عن وضع نقطة من دماء الأضحية على جبين الرضع والأطفال الصغار “رغبة في البركة والرزق وحفظا من العين”، حسب ما يعتقده ممارسوها.
ومازال البعد الخرافي حاضرا لدى عدد من هؤلاء، وهو ما تتدارسه الأنثروبولوجيا على أنه اختلاط للديني بالثقافي والعقائدي، بما يُنتج مناسبة دينية يتم الاحتفاء بها عبر اتباع منظومة من الموروثات عن الأجداد والأجيال السابقة، تستحضر العيد كمناسبة لـ”تحقيق المكاسب الاجتماعية وجلب البركة والرزق وتجاوز الأقدار”.
عبد الله عسيري، رئيس مركز الحكمة للدراسات الدينية وحوار الثقافات، اعتبر أن “إحياء عيد الأضحى يرتبط أساسا بجانبين؛ أول يرتبط بما تعلمه الفرد من أجداده ووالديه وما وجده كممارسات وواقع، في حين أن الجانب الثاني يرتبط في أصله بالعلم والمعرفة وأصول الدين”.
وأضاف عسيري، مُصرّحاَ لهسبريس، أن “هذه المفارقة تؤثر سلبا على رمزية هذه المناسبة الدينية وتؤثر كذلك على إحياء الأفراد لها؛ فالدين على العموم يرفض كل الأنماط التي لا علاقة بثقافة الجاهلية، لأنه يسعى إلى تحرير الفرد من ثقافة الأجداد والآباء في إطار ممارسة الشعائر الدينية التي تفترض وجود قاعدة علمية لدى الفرد، لأن الله يعبد بالعلم وليس بالجهل”.
وكشف المتحدث ذاته أن “الأصل في العيد ألا يخضع للثقافة الشعبية وشوائبها التي يمكن أن تؤثر عليه وعلى رمزيته، إذ إنه حتى هذه الثقافات والممارسات يمكن إن تعمقنا فيها أن نجدها وافدة على المجتمع ودخيلة عليه”، مبرزا أن “هناك للأسف من يحتفل بعيد الأضحى وهو مشبع بترسبات الثقافة الشعبية والتصور الاجتماعي لهذه المناسبة السنوية”.
وعاد الأكاديمي ذاته ليورد أن “هذه الموروثات التي مازالت واقعا إلى يومنا هذا تؤثر على المجتمع كنسق بشري من خلال الإضرار بتماسك الأسر وجمالية البناء المجتمعي، كما تؤثر على جوهر العبادات وروحها ومقاصدها”، ذاكرا أنه “ما دام الوعي بسلبية هذه الموروثات غير موجود فمن الصعب جدا أن يتم التخلي عنها بما يحقق التطور”.
من جهته قال فؤاد بلمير، باحث سوسيولوجي، إن “لكل قطرٍ من أقطار الدنيا في الأصل طقوسه في إحياء المناسبات الدينية”، مشارا إلى “وجود فرق إلى حدود الساعة في طريقة التعامل ضمن العالم الإسلامي الواحد، حيث يعرف المغرب بدوره معتقدات ترسخت في أذهان أجيال من مقيمي شعيرة عيد الأضحى”.
وأرود بلمير، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الموروثات التي مازال البعض منها حاضرا كانت كثيرة خلال الفترة ما بين الستينيات والثمانينيات، غير أنه مع تقدم السنوات وتراجع منسوب الأمية انخفضت حدة هذه الموروثات التي تخص عيد الأضحى”.
وأكد المتحدث ذاته أن “هذه السلوكيات التي تتصل في شق كبير منها بالشعوذة والخرافة لم تعد فارضة نفسها، بالنظر إلى اختلاف العقليات بين الأجيال؛ ففي السابق كنا نجد لكل جهة بالمغرب مجموعة كبيرة من التصورات والعادات التي تهم عيد الأضحى، إلا أن حدتها تراجعت اليوم، وهو ما يُعزى إلى تطور معيش الفرد المغربي ومحيطه”.