بالتزامن مع عيد الأضحى.. عروض السحر والشعوذة تجتاح مواقع التواصل بالمغرب
تزامنا مع عيد الأضحى ويوم عرفة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب عروض ممارسات “السحر والشعوذة”، وخدمات تهم أساسا “الشق العاطفي”، مازالت فئة من المجتمع تطمح إليها خلال المناسبات الدينية.
وبعدما وجدوا في وسائل التواصل الاجتماعي “منفذا جديدا” لتقديم خدماتهم، بدأ “المشعوذون الرقميون” كما يصطلح عليهم تقديم عروضهم بغزارة عبر تطبيق “فايسبوك”؛ منها “جلب الحبيب، ورد المطلّقة، وإلغاء سحر الانتقام، وسحر ‘لتعكيس’ كل شيء في الحياة…”.
وتزامنا مع هذه العروض ظهرت ممارسات سحر وشعوذة تخص أساسا عيد الأضحى، وفق المصادر عينها، من خلال استعمال “عظمة اللوح” (عظمة الكتف) الخاصة بالأضاحي، التي يقال إنها “حاسمة في كتابة الطلاسم”.
وقد رافقت عروض “عظمة الكتف” تحذيرات نشطاء وجهوها للجزارين بـ”كسرها من الوسط” حتى لا يفلح المشعوذون في استعمالها في أعمالهم، وفق تعبيرهم.
وترِد روايات كثيرة بشأن استعمال “عظمة الكتف” في السحر، علما أنها تبقى مجرد أقاويل بحسب التحذيرات التي يبثها النشطاء سالفو الذكر، ومنها أنها “تحمل كتابة طلاسم السحر السفلي، ويصعُب فكّها من المعالجين من الرقاة، وتؤدي إلى موت الشخص المستهدف ببطء”.
وظهور الشعوذة والسحر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليس بالأمر الجديد، فمع التحول الرقمي الذي عرفه العالم لجأ المشعوذون إلى هذا الفضاء لكسب الزبائن، كما تقول خلود السباعي، أستاذة جامعية لعلم النفس الاجتماعي.
وأضافت السباعي لهسبريس أن الشعوذة والسحر من المظاهر المجتمعية التي “لا يمكن محاربتها” في الوقت الحالي، فهي متوارثة، وتوجد منذ القدم في المغرب، والعديد من الدول الأخرى.
وشدد المتحدثة عينها على أن “لجوء فئة من المجتمع إلى هذه الخدمات لا يمكن أن نربطه بمسألة العلاج النفسي، فهي حاجيات عاطفية مجتمعية ترتبط بالأساس بالعلاقات مع الناس”، موضحة أن “هذه الحاجيات ليست بمرض نفسي”.
واعتبرت أستاذة علم النفس الاجتماعي أن “وسائل التواصل الاجتماعي تلعب في الواقع دورا إيجابيا من أجل تقريع هذه الظاهرة، ورفع الصمت عنها، وتبيانها للمجتمع”.
وأكدت المتحدثة أن “ممارسات السحر والشعوذة معروف أنها تنتعش في العديد من الدول، ومن بينها المغرب، خلال المناسبات الدينية، وبالأساس في عيد الأضحى”، موردة أنها “من الفرص التي يستغلها المشعوذ من جهة، وأيضا طالب الخدمة من جهة أخرى”.
وتشمل العروض التي انتعشت في العيد، وفق المصادر سالفة الذكر، ما تسمى “خواتم روحانية”، يقول عارضوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي إنها “تقي من العين، والحسد، وتحصّن رجال الأعمال، وتمكّن من استخراج الكنوز وإزالة الرصد فور الحضور في المكان”.
ورفض مصطفى السعليتي، أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة القاضي عياض بمراكش، الحديث عن “عدم وجود طرق لمحاربة ووقف أعمال السحر والشعوذة”.
وأضاف السعليتي لهسبريس أن “معالجة هذه الظاهرة المجتمعية تبدأ عبر التنشئة والتوعية لفائدة الجيل الجديد من المغاربة، وتنبيههم إلى المخاطر المحدقة بالمجتمع بسببها”.
وأورد المتحدث عينه أن “المقاربة الأمنية هي أيضا جزء من الحل لمواجهة هذه الممارسات”، لكنها وفق تعبيره “غير كافية، وتتطلب في الأصل وجود نية للدولة لمحاربة السحر والشعوذة”.
وتابع أستاذ علم النفس الاجتماعي: “لا يمكن أن نقول بعد منشورات المشعوذين الرقميين خلال هذه الأيام إن المغاربة مازالوا يؤمنون بهذه الظواهر، لأن ذلك يتطلب دراسة علمية محكمة”.
وشدد السعليتي على أن “توفير هذه الدراسة يمكن أن يحدد النسبة الأدق من المغاربة المؤمنين بالسحر والشعوذة، وخاصة الفئات العمرية، وهل هي في الوسط القروي أم الحضري”.