السعودية “شريان الحياة الوحيد” لإسرائيل بعد حرب غزة – جيروزاليم بوست
نبدأ جولتنا لقراءة الصحف بصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية ومقال رأي كتبه بريان بلوم بعنوان “السعودية شريان الحياة الوحيد لإسرائيل بعد الحرب” وفيه يستهل الكاتب مقاله مؤكدا أن “النصر الكامل” في قطاع غزة لن يحقق ببساطة، وأن على إسرائيل أن تفعل شيئا “يحفظ ماء وجهها”.
ويقول الكاتب إن “إسرائيل تخسر الحرب مع حماس في غزة، وهذا هو الاستنتاج الوحيد الذي يمكن استخلاصه بعد ثمانية أشهر من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ لا تزال كتائب حماس موجودة على الأرض، ولا يزال الرهائن محتجزين في ظروف غير إنسانية، ولا تزال حماس قادرة على إطلاق صواريخ حتى مسافة بعيدة قد تصل إلى تل أبيب.”
ويضيف الكاتب أن هذا هو ما يعتقده معظم الإسرائيليين حاليا، مستشهدا باستطلاع رأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي، قبل عملية 8 يونيو/حزيران في النصيرات، وهو استطلاع أظهر أن 34 في المئة فقط من الذي شملهم الاستطلاع يشعرون بتفاؤل حيال مستقبل الأمن القومي، كما رصد معهد سياسة الشعب اليهودي، في شهر مايو/أيار الماضي، أن 38 في المئة فقط من الإسرائيليين أعربوا عن “ثقة عالية” بإمكانية تحقيق النصر، بينما قال عدد أكبر، حوالي 41 في المئة، أن لديهم “ثقة قليلة” بتحقيق إسرائيل النصر.
ويطرح الكاتب تساؤلا عن كيفية تغيير الواقع في حالة عدم تحقيق نصر، أو إذا فقد عامة الناس ثقتهم؟ ويرى بلوم أن القضية تتطلب تفكيرا خارج الصندوق، مؤكدا أن الصندوق أصبح، من حسن الحظ، مطروحا على الطاولة لو تمتعت الحكومة الإسرائيلية بالشجاعة الكافية لفتحه، فالجواب يكمن في الشرق، في السعودية والإمارات.
ويقول الكاتب إن السعودية تشير على نطاق واسع إلى رغبتها في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، كما يتضح من عرض الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لوقف إطلاق النار الإسرائيلي على ثلاث مراحل واقتراح إطلاق سراح الرهائن، وفي ظل رغبة نتنياهو في عدم السماح بوجود موطىء قدم للسلطة الفلسطينية في غزة، فيمكن للسعوديين والإماراتيين القيام بهذه المهمة.
ويضيف أن السعودية لديها بعض المطالب الكبيرة من إسرائيل، بما في ذلك المسار الموثوق لإقامة دولة فلسطينية، وهو ما يعارضه العديد من الإسرائيليين والحكومة الحالية بشدة، إذ لا يمكن للجانب الإسرائيلي الاعتماد على حماس للموافقة على الخطة المقترحة، ولكن إذا لم تتمكن إسرائيل من كسب الحرب ضد حماس، فربما حان الوقت لاغتنام الفرصة نحو نهج مختلف.
ويرى الكاتب أن نتنياهو إذا تبنى التطبيع مع السعودية، فسوف يغير المنطقة برمتها، وهو ما يضمن مكانة إسرائيل في وسط التحالف العربي السني ضد إيران ووكلائها، فضلا عن إصلاح صورة نتنياهو المشوهة، بالفعل من المرجح أن ينهار ائتلافه، لكنه قد يتقاعد بعد إبرام صفقات لم يكن من الممكن تصورها في السابق مع خصوم عرب سابقين.
ويلفت الكاتب إلى أن إبرام صفقة مع السعودية وإنهاء الحرب في غزة يمكن أن يخففا من موقف محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية تجاه إسرائيل وقادتها، وقد يدفع ذلك القضاة الإسرائيليين الذين ينظرون في محاكمة نتنياهو بتهم الفساد والرشوة إلى التوصل إلى صفقة اعتراف أكثر ملاءمة، فبدون اتخاذ مثل هذه الخطوة، قد ينتهي الأمر بنتنياهو إلى السجن في إسرائيل أو خارجها إذا وطأت قدمه واحدة من 120 دولة تعهدت باحتجازه إذا قررت المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بشأنه.
ويختتم بريان بلوم مقاله مشيرا إلى أن إسرائيل يمكنها أن تغير قواعد اللعبة وتحسين وضعية البلد المنبوذ، في ظل حكومة جديدة لا تضم متطرفين يمينيين مثل بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير وهي خطوة يمكن أن تعيدها إلى الحكم الرشيد على حد وصف الكاتب.
“نتنياهو يحارب في جبهتين”
ننتقل إلى صحيفة “الغارديان” البريطانية ومقال رأي كتبه بيتر بيومونت بعنوان “نتنياهو يخوض حربا على جبهتين، ولا توجد نهاية في الأفق لأي منهما”، ويشير الكاتب في بداية مقاله إلى أن صراعات إسرائيل مع حماس في غزة وحزب الله في لبنان مقدر لها أن تستمر إلى أجل غير معلوم.
ويقول الكاتب إنه بعد تسعة أشهر من الحرب في غزة، التي أعقبت الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحارب إسرائيل في جبهتين في نفس الوقت، بيد أن الوعد بتحقيق “نصر سريع” أو “حاسم”، اتضح أنه مجرد وهم، على الرغم من استخدام قوة نيران مفرطة وما ترتب على ذلك من عواقب مدمرة على المدنيين في غزة.
ويضيف الكاتب أن ديناميكيات الحرب طويلة الأمد فرضت واقعها الخاص في ظل الضغوط الدولية بقيادة الولايات المتحدة لإجراء محادثات لوقف إطلاق النار واتفاق لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيلين مقابل السجناء الفلسطينيين، بدعم من صدور قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ويرى الكاتب أن التقارير التي أفادت وصف يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، الضحايا المدنيين الفلسطينيين بأنهم “تضحية ضرورية”، تشير إلى أن حماس ترى تقدم الصراع في ضوء مختلف تماما عما يراه المسؤولون الإسرائيليون، لا سيما بعد أن كشف الإخفاق المستمر في محادثات وقف إطلاق النار عن وجهات نظر متعارضة بين إسرائيل وحماس، ليس فيما يتعلق بما يمثله الصراع اليوم فحسب، بل أيضا فيما يتعلق بالمسار طويل الأمد.
ويلفت الكاتب إلى أن القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل اعتقدت على مدار سنوات أنها قادرة على إدارة صراعاتها، سواء مع الفلسطينيين أو مع حزب الله في الشمال، في حين تجاهلت العوامل السياسية التي تؤجج العنف، وخاصة المطالبة الفلسطينية بإقامة الدولة وتقرير المصير.
بيد أن حماس وحزب الله كانا ينظران منذ فترة طويلة إلى أفق أبعد، بحسب الكاتب، فبالنسبة لحماس على وجه الخصوص، لا يُنظر إلى الحرب الأخيرة باعتبارها واحدة من سلسلة صراعات عرضية، بل هي صراع أطول تؤمن بأنها ستنتصر فيه في نهاية المطاف، وإذ كان هناك نقطة ميدانية مشتركة بين إسرائيل وحماس، فهي الاعتقاد لديهما بأنه لا يوجد خيار سوى مواصلة القتال.
ويرى الكاتب أن الأمر لا يتعلق بمسألة الحرب في غزة نفسها فحسب، حيث يفرض الصراع ديناميكيته الخطيرة، بل في الصراع الموازي مع حزب الله، الذي بدأ دعمه لغزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ انكشفت نفس الافتراضات الإسرائيلية بشأن إدارة الصراع.
ويقول الكاتب إن تسعة أشهر من الهجمات المتبادلة يوميا والمكثفة تدريجيا أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص على جانبي الحدود اللبنانية، بل أصبح السيناريو الذي لم يكن من الممكن تصوره في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو سيناريو تورط إسرائيل في حرب حدودية ممتدة وغير حاسمة على نحو خطير مع حزب الله، قضية سياسية وسط تزايد مطالبات بشن هجوم موسع على نطاق واسع ضد حزب الله.
ويختتم الكاتب بيتر بيومونت مقاله بالتأكيد على أنه في الوقت الذي يصر فيه حزب الله على أنه لا يسعى إلى حرب شاملة لكنه مستعد لها إذا حدثت، فالأمر الذي لا يزال غير واضح هو كيف سينتهي القتال وبأي شروط، ويبدو أن الحرب الإسرائيلية على الجبهتين، بغض النظر عن الرعب الذي تتسم به، سوف تستمر في الوقت الراهن.
“الشيطان يكمن في التفاصيل”
نختتم جولتنا بصحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية ومقال رأي كتبه محمد الرميحي بعنوان “بين يوم الغضب ويوم التفكير”، ويستهله الكاتب بالإشارة إلى أنه مع صدور قرار مجلس الأمن، الإثنين الماضي، بوقف إطلاق النار والبدء بخريطة طريق، تكون الحرب في غزة قد دخلت مرحلة النهاية، والطريق قد يكون طويلا، حيث إن الشيطان يكمن في التفاصيل.
ويرى الكاتب أن الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، كل له سردية مطلقة، الفلسطيني يقول إنها أرضنا اغتُصبت تحت ظروف غير مواتية لنا، والإسرائيلي يرى أنها أرضه، ومن المستحيل أن يعود إلى أن يكون مطارداً ومنبوذاً في أوروبا غير الموثوقة، ويضيف الكاتب أننا سنكون على مشارف انتهاء الصراع عندما يقتنع الطرفان بالمشاركة في الأرض، إما من خلال حل الدولتين، أو من خلال دولة واحدة تتساوى فيها الحقوق والواجبات.
ويقول الكاتب إنه “بغض النظر عن دوافع وأسباب ومسارات حرب غزة الحالية، فإن ما بعدها بالتأكيد لن يكون مثل ما قبلها، فالطرفان، وليس بالضرورة القيادات القائمة الحالية، ولكن من يليها، سوف يصلان إلى نتيجة إما استمرار الصراع لأجيال قد تأكل الأخضر اليابس وتلحق الدم بالدم، أو وفاق شجعان، والأخير يتطلب التخلص من السرديات المعتمدة على الأساطير والخرافات، والاعتراف المتبادل بمطالب الأمن الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء.”
ويضيف الكاتب أن إعادة احتلال غزة تعني العودة إلى المربع الأول، وعودة حماس لحكم غزة أيضا تعني العودة إلى المربع الأول، صحيح أن ما حدث حتى الآن، بصرف النظر عن حساب التضحيات الهائلة، هو تعامل الفلسطينيين لأول مرة بندية مع إسرائيل، وهو جزئياً ما أقنع المجتمع الدولي بحل الدولتين، إلا أن هذا الحل يتطلب حكومة فلسطينية موحدة ومعترفا بها، يكفي حماس أنها تاريخيا قد فتحت الباب لذلك الاحتمال، إلا أن الأمور لا تسير نحو ذلك، فحماس تتوهم أنها تستطيع أن تقاتل، وأيضا تحتفظ بالسلطة، وهذا يعني على أقل تقدير المراوحة في المكان.
ويقول الكاتب إن حرب غزة أنهت مرحلة “تصفية القضية” من الجانب الإسرائيلي، كما أنهت فكرة “القضاء على إسرائيل”، واصفا الوضع الحالي بأنه في نهاية مرحلة “التفكير المغلق” إسرائيليا وفلسطينيا ، وهي مرحلة تنقل الجميع من الغضب إلى التفكير.
ويرى الكاتب أن الجانب الإسرائيلي – بعد صمت المدافع – سوف يشهد مراجعة شاملة للموقف، ودراسة المشهد العام وضرره التاريخي على الدولة، ليس المادي، ولكن أيضا المعنوي الذي جعل مؤسسات دولية تأخذ موقفا سلبيا من دولة إسرائيل، والتأكد من قصور القبضة النارية في ردع الفلسطينيين عن البحث عن مصالحهم الوطنية، وسوف تشهد إسرائيل تغيرات مهمة ومفصلية، وإن لم يحدث ذلك من الجانب الفلسطيني، فسوف يكون ذريعة لإسرائيل للبقاء في المكان.
ويختتم الكاتب محمد الرميحي مقاله مشيرا إلى أن الحراك الدولي يجب ألا يحمل بشعارات عاطفية، فالولايات المتحدة هي القوة الفاعلة الأساس، وشتمها من البعض، لا يقرب الحلول، وها هي تتحرك اليوم لفرض قرارٍ أممي لأسباب خاصة بها، ملزم بوقف النار من مجلس الأمن، كما أن الغمز واللمز، على قوى عربية داعمة خطأ سياسي، فخسارة تلك القوى إضعاف للقضية.