ما هي استراتيجية إيران للسيطرة على الشرق الأوسط؟ – يديعوت أحرونوت
على الرغم من أن الحرب الإسرائيلية على غزة لا تزال تتصدر عناوين الصحف العالمية، إلا الصحف الصادرة ناقشت موضوعات متفرقة أخرى في المنطقة والعالم. والبداية من صحيفة يديعوت أحرنوت ومقال رأي كتبه المحلل الاستراتيجي أفيغدور هاسيلكورن بعنوان “الكشف عن استراتيجية إيران للسيطرة على الشرق الأوسط”.
يستهل أفيغدور، المتخصص في قضايا الأمن القومي، مقاله بالقول إن إيران تنفق مليارات الدولارات لدعم حلفائها في المنطقة وذلك لتنفيذ رؤية مثمرة للغاية، ومدونة أيضاً في الدستور الإيراني لاستعراض قوتها في الشرق الأوسط على حساب إسرائيل والولايات المتحدة.
ويضيف أن نتائج هذه الرؤية، التي وضعت منذ سنوات للسيطرة على الشرق الأوسط، تظهر الآن بشكل واضح. كما أن الهدف منها ذو شقين – تشكيل منطقة نفوذ لحماية النظام الشيعي من الدول المحيطة التي يهيمن عليها السنة، وتصدير الثورة الإيرانية الإسلامية بما يتماشى مع أيديولوجية مؤسسها روح الله الخميني، وهي “نشر الكفاح ضد المستكبرين في جميع أنحاء العالم”.
وبحسب الكاتب تستخدم الرؤية استراتيجية من أربع عناصر:
الحرب بالوكالة: على الرغم من الجذور التاريخية لهذه الفكرة إلا أن الابتكار الإيراني يتمثل إضافة إلى تطوير قوات متعددة بالوكالة ( في غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن ) منتشرة على مساحة جغرافية كبيرة، في بذل جهود مكثفة للتنسيق فيما بينها حتى تتمكن من التعاون عملياً أثناء الصراع.
الميزة الاستراتيجية: فاستخدام الوكلاء ليس فقط لغرض حماية إيران من الانتقام المحتمل، بل يسمح لها بالتباهي بالالتزام بقواعد الحرب مع التنصل من المسؤولية لأن أولئك الذين يخوضون القتال الفعلي هم مجموعات مسلحة “مستقلة” وغير نظامية. فالدول، وخاصة تلك الموقعة على اتفاقيات جنيف لعام 1949، تتبع قواعد الحرب حتى عند قتال “الجيوش الإرهابية” على الرغم من أن هذه الأخيرة ليست ملزمة بمثل هذا الالتزام.
الحرب البدائية: بينما تنفق إسرائيل المليارات على اقتناء وتطوير أسلحة فائقة التقنية للحفاظ على “التفوق النوعي” للجيش الإسرائيلي، فإن إيران، التي تعمل في ظل عقوبات دولية صارمة، سلكت الاتجاه المعاكس، لقد اختارت الانخراط في حرب منخفضة التقنية من حيث التكتيكات والأسلحة. وفي واقع الأمر فإن ما يجري حالياً في الشرق الأوسط يشكل اختبارا حقيقيا للتنافس المألوف بين الكمية والجودة.
استعراض القوة: تُظهر استراتيجية استعراض القوة الإيرانية تقديرا عميقا للبعد النفسي للقتال سواء من حيث “القوات” الخاصة وقدرة العدو على التحمل. وبالتالي، فإن الهجمات التي تشنها إيران بالوكالة تسعى إلى تحقيق أهداف مختلفة تماما عن الأهداف العسكرية التي تسعى إليها إسرائيل. وبينما يهدف الجيش الإسرائيلي والجيوش الحديثة بشكل عام إلى تدمير قدرة العدو على القتال، فإن “الإسلاميين” يقاتلون لتقويض إرادة الإسرائيليين في القتال.
ويخلص الكاتب إلى أنه لا بد من الاعتراف بأن إيران طورت استراتيجية ناجحة لتقسيم منطقة نفوذ موسعة لنفسها في الشرق الأوسط بعد أن استولت على أربع دول ــ لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن ــ ومع ذلك، ربما يواجه مخططها الإقليمي الآن، بحسب المقال، أول اختبار حقيقي له في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
مضيفا أن إسرائيل تهدد فعلياً، من خلال حروبها ضد حماس وحزب الله، بعرقلة وربما دحر التصميم الجيوسياسي الإيراني برمته. وتعمل حالياً على تفكيك استراتيجية استعراض القوة الإيرانية. وللفوز في الصراع، بدلا من الفوز في الحرب ضد إيران، لا بد من مواجهة البعد الديني الإيديولوجي للصراع أيضا.
“اعتداء منظم وممنهج”
وإلى صحيفة الفاينانشال تايمز وتقرير أعده، أندريس شيباني، رئيس مكتب الشرق الأوسط وأفريقيا بعنوان “المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يسعى للحصول على معلومات حول جرائم حرب محتملة في الصراع السوداني”.
يقول الكاتب إن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أطلق حملة لجمع معلومات حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المحتملة التي ارتكبت خلال الحرب الأهلية المدمرة في السودان.
وأضاف أن كريم خان أعرب في بيان مصور عن قلقه “إزاء الطبيعة ذات الدوافع العرقية” للهجمات على السكان المدنيين، وخاصة في منطقة دارفور الغربية”، وناشد الناس لتقديم أي أدلة يمتلكونها حتى تتمكن المحكمة الجنائية الدولية من إجراء المزيد من التحقيقات.
وأكد المدعي العام “يبدو أن المعلومات التي يجمعها مكتبي بشكل يومي من دارفور تكشف عن اعتداء منظم وممنهج وفضيع على كرامة الإنسان”.
وبحسب المقال فقد قدرت الولايات المتحدة أن عدد القتلى في الحرب، التي دخلت عامها الثاني بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية التابعة للجنرال محمد حمدان دقلو، وصل إلى 150 ألف شخص.
ويأتي نداء المحكمة الجنائية الدولية بعد أيام من تصريح مستشار الأمم المتحدة الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية، أليس وايريمو نديريتو، بأنه “لا شك” في وجود مؤشرات على “جرائم الإبادة الجماعية” في الحرب الأهلية في السودان.
وينقل التقرير عن المدعي العام الأممي قوله إنه “من المثير للغضب أن نسمح للتاريخ بأن يعيد نفسه مرة أخرى في دارفور، لا يمكننا ولا يجب علينا أن نسمح بأن تصبح دارفور مرة أخرى منطقة الفظائع المنسية في العالم”.
“استفتاء على الحكومات الغربية”
ونختم جولتنا في صحيفة واشنطن بوست ومقال رأي كتبه كاتب عمود الشؤون الأوروبية، لي هوكستادر، بعنوان “لماذا ستُسْعد الاضطرابات السياسية الجديدة في أوروبا بوتين؟”.
يتخيل الكاتب ابتسامة الذئب التي تعلو وجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بسبب الاضطرابات الأخيرة التي تهز أوروبا. إذ يمر البلدان الواقعان في نقطة ارتكاز القوة الأوروبية، فرنسا وألمانيا، بمرحلة متأخرة من الانهيار السياسي ــ انتصار ساحق حققه اليمين المتطرف الفرنسي المؤيد لروسيا في انتخابات البرلمان الأوروبي. وفي ألمانيا، حصل اليمين المتطرف الأكثر ميلا إلى روسيا على أصوات أكثر من حزب المستشار أولاف شولتس.
ويشير الكاتب إلى أن الانتخابات الأوروبية هي في الأساس استفتاء على حكومات كل دولة، فلم يتمكن أي من الحزبين من الفوز ولو بنسبة 15 في المئة من الأصوات في انتخابات يوم الأحد. وفي صراعهما من أجل حياتهما السياسية، لا يستطيع أي منهما أن يقود القارة بمصداقية في مواجهة التهديد الروسي.
ويوضح أن ماكرون الذي كان يحاول حشد تحالف من الحلفاء الأوروبيين لإرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا الأسبوع الماضي، ها هو هذا الأسبوع، يحاول، دون جدوى حتى الآن، حشد تحالف معتدل لإنقاذ رقبته السياسية.
كما أن شولتز، الذي فشل في إدارة ائتلاف حاكم من ثلاثة أحزاب، لا يتمتع بسلطة قوية في برلين، إذ يسخر المستثمرون الأجانب من حكومته ويصفونها بالـ”غبية”، الأمر الذي قد يقلص ثالث اقتصاد في العالم.
في حين يبدو بوتين، من وجهة نظر الكاتب، أكثر تصميما على تخويف وإرباك وتشتيت التحالف الغربي الذي يتصارع بالفعل مع الانقسامات الداخلية وتفكك الإجماع السياسي عبر حدوده. ما دفع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، للتحذير من حملة الكرملين التي قال إنها لا تشمل الهجمات السيبرانية فحسب، بل “إشعال النار وتخريب مستودعات الإمدادات” و”تجاهل الحدود البحرية وترسيم الحدود في منطقة البلطيق”.