هل تنتشل نتائج امتحانات الباكالوريا أكاديمية العيون من “قاع الترتيب الوطني”؟
عاد تلامذة جهة العيون الساقية الحمراء، الاثنين، إلى “معركة” اجتياز اختبارات الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا، بعد أن طاب لأكاديمية الجهة المقام في ذيل الترتيب ضمن قائمة أكاديميات المملكة للتربية والتكوين لأزيد من عشر سنوات متتالية.
نتائج متدنية متتالية تكشف عنها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة كل سنة تعكس مستوى التعليم بالمنطقة، وتعري عجز تشخيص مكامن الخلل من لدن القائمين على القطاع بجهة العيون الساقية الحمراء لعقد من الزمن.
في هذا السياق، تُحاول الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة العيون الساقية الحمراء رفع التحدي لمعالجة مكامن القصور، بالتركيز على التلميذ من خلال تطوير مستواهم التعليمي والتثقيفي بالتوازي مع توجيه الأطر التربوية بالمؤسسات التعليمية، بغية تحقيق نتائج مرضية ومشرفة للجهة بحصد مراتب متقدمة على المستوى الوطني، بحسب ما عبر عنه حمدي كريطا، مدير الأكاديمية، في تصريح خص به جريدة هسبريس الإلكترونية.
انتشال التعليم من قاع الترتيب
تعليقا على إجراءات انتشال التعليم بالجهة من قاع التصنيف ونيل مراتب مشرفة تعكس مستوى الإمكانيات المرصودة من طرف الوزارة الوصية، قال مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة العيون الساقية الحمراء إن “الأكاديمية راهنت منذ 2018 على تجويد منظومة التربية والتكوين بالجهة، وحققت نتائج متميزة في الدورتين العادية والاستدراكية لامتحان نيل شهادة البكالوريا لسنة 2023، إذ بلغت نسبة النجاح بالنسبة للمتمدرسين %64 حيث تمكن 3996 مترشحة ومترشحا من المتمدرسين من النجاح في الامتحانات ونيل شهادة البكالوريا، فيما بلغ عدد الناجحين لدى فئة الأحرار 36،2 بنسبة نجاح %25.60”.
وأضاف المسؤول التربوي، في حديث مع هسبريس، أن “الأكاديمية الجهوية تعمل على تطبيق دفتر مساطر تنظيم امتحان نيل شهادة البكالوريا بشكل دقيق، بحيث تقوم الفرق الجهوية المتنقلة والفرق المحلية لرصد الغش بمهامها”، لافتا إلى أن “امتحانات سنة 2023 تم ضبط 812 حالة غش (217 حالة في صفوف المترشحين الرسميين و595 حالة في صفوف المترشحين الأحرار)، بانخفاض مقارنة مع سنة 2022 التي ضبطت خلالها 1372 حالة غش، ذلك أن تحقيق جوهر القانون الإطار 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، المتمثل في إرساء مدرسة جديدة مفتوحة أمام الجميع، الذي يتوخى تأهيل الرأسمال البشري بالاستناد إلى ركيزتي المساواة وتكافؤ الفرص من جهة، والجودة للجميع من جهة أخرى، بغية تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في الارتقاء بالفرد وتقدم المجتمع، لن يتم إلا بمحاربة كافة السلوكيات المشينة في الوسط المدرسي، وبخاصة محاربة ظاهرة الغش المدرسي”.
وفي سياق مبدأ تجويد المنظومة بالجهة، أوضح كريطا أن “عدد التلاميذ الحاصلين على شهادة البكالوريا بإحدى الميزات في الدورة العادية لامتحانات البكالوريا لسنة 2023 بلغ ما يقارب 1400 (137: حسن جدا، 404: حسن، 859: مستحسن) بنسبة 46.98%، وهو ما يؤهل العديد من التلاميذ المتميزين إلى ولوج المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المحدود، ليكون مجموع المتمدرسين الحاصلين على شهادة البكالوريا خلال الدورتين معا العادية والاستدراكية لسنة 2023 هو 1481 (139 حسن جدا، 414 حسن، 928 مستحسن).
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “جمعية الابتكار التربوي والتأهيل المهني بالعيون تعمل في إطار أهدافها، وبشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة العيون الساقية الحمراء، على التكوين الإعدادي لاجتياز مباريات بعض المعاهد والكليات ذات الاستقطاب المحدود”، مضيفا أن “نتائج امتحانات البكالوريا لسنة (2022) قد أسفرت مثلا عن نجاح 18 تلميذا(ة) بالجهة في مباراة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير E.N.C.G ، منهم 11 تلميذا(ة) تم تكوينهم من طرف الجمعية (بنسبة %61.11)، و75 تلميذا(ة) في مباراة كلية الطب والصيدلة وطب الأسنان، منهم 42 تلميذا(ة) مستفيدا(ة) من تكوين الجمعية (بنسبة %56)”، لافتا إلى أن “الأكاديمية تسعى خلال هذه السنة إلى إرساء أسس مدرسة الجودة تماشيا مع أهداف خارطة الطريق 2022-2026 وشعارها: “من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع”.
تعبئة الموارد البشرية لإنجاح محطة الامتحانات
في رده على سؤال الجهود المبذولة لتعبئة الموارد البشرية لإنجاح محطة الامتحانات، قال كريطا: “في إطار هذه المحطة الإشهادية الوطنية لسنة 2024، وفرت الأكاديمية 37 مركزا للإجراء، و05 مراكز للتصحيح بمختلف المديريات، وعبأت لذلك موارد بشرية مهمة للإشراف على هذه العملية، بلغ مجموعها 2063، موزعة ما بين معتكفين ومكلفين بالمراقبة ومراقبي جودة الإجراء والمكلفين بالمداومة، والمكلفين بالتصحيح ومراقبي التصحيح، والفرق الجهوية والإقليمية لتدبير هذه الامتحانات، يبلغ من هذا العدد الإجمالي السابق ذكره 605 مصححين ومصححات”.
وتابع: “تم أيضا عقد لقاءات تحضيرية جهوية وإقليمية مع مختلف الفاعلين والمتدخلين والشركاء في هذا الاستحقاق الوطني، وذلك في إطار المقاربة التشاركية والتعبئة لإنجاح هذا الحدث، وكذا مع مختلف الفاعلين من الموارد البشرية المعبأة لهذه العملية، حيث تم عرض مختلف الجوانب التنظيمية والمنهجية والتدبيرية لعملية الإجراء وعملية التصحيح، والاطلاع على الجدولة الزمنية لإجراء الاختبارات، مع التأكيد على مواقيت كل اختبار بالنسبة لكل شعبة وكل مسلك، وكذا تقاسم المرجعيات المؤطرة للامتحان الوطني، والمعطيات الإحصائية المتعلقة بالتنظيم المادي لهذه الامتحانات ومستجدات دفتر مساطر تنظيم امتحانات نيل شهادة البكالوريا-دورة 2024، فضلا عن تكييف امتحانات نيل شهادة البكالوريا لفائدة المترشحات والمترشحين في وضعية إعاقة بمراعاة أنواع الإعاقة ووفق المحددات الواردة في دفتر مساطر تنظيم الامتحان”.
إجراءات جديدة في محاربة الغش
وعن الاستعداد لإنجاح الاستحقاقات الجهوية والوطنية لسنة 2024، وخاصة الامتحانات الاشهادية منها، أكد المدير الجهوي أن “الأكاديمية عملت من خلال مصالحها الخارجية على إعداد وتفعيل خطة تواصلية، إعلامية إقليمية قبل بدء الامتحانات، طيلة شهري أبريل وماي 2024، تم فيها التنسيق بين المصالح الإدارية المتدخلة في العملية، من خلال عقد لقاءات تنسيقية مع رؤساء المؤسسات التعليمية، وجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ وكافة الشركاء، لاستعراض الخطة الأولية التواصلية/الإعلامية الخاصة، وتنقيحها بالتوصيات والملاحظات، والدعوة إلى ضرورة الانخراط بكثافة في حملات التوعية والتحسيس المنظمة إقليميا ومحليا للحد من ظاهرة الغش في الامتحانات الإشهادية”.
وبغية تخليق الحياة المدرسية ومحاربة الممارسات اللامدنية، أبرز المتحدث أن تعزيز آليات التصدي للغش “يمر أيضا عبر استثمار كل الوسائط التواصلية للتحسيس بالأفعال التي تعتبر غشا في الامتحانات الإشهادية، وكذا الاطلاع على النصوص القانونية والقرارات المتعلقة بالغش وبالعقوبات المترتبة عنه داخل مراكز إجراء الامتحانات، إلى جانب إعداد كبسولات وملصقات تحسيسية للحد من الظاهرة في الوسط المدرسي، بما يعزز قيم المواطنة والسلوك المدني والالتزام بمبادئ التنافس الشريف، ويضمن لهذه الامتحانات مصداقيتها على قاعدة الاستحقاق، ويدعم التلميذات والتلاميذ لاجتياز الامتحانات بنجاح والاستحقاق بدون غش”.
توجيه التلاميذ والتلميذات لمرحلة ما بعد الباكلوريا
تعقيبا على مسألة توجيه التلاميذ لمرحلة ما بعد الباكلوريا، أوضح حمدي كريطا أن “العملية تتم على مدار الموسم الدراسي، لكن كثافة الإجراءات تتم في النصف الثاني، أي بعد نهاية الأسدوس الأول، لتقديم الخدمات الإعلامية والاستشارية لتلامذة الجهة للمساعدة على اختيار مسارهم الدراسي والمهني بتعرفهم على مختلف المجالات والقطاعات الدراسية والتكوينية”.
“وفي هذا الإطار، يتم عقد ملتقيات جهوية وإقليمية من أجل تنوير التلميذات والتلاميذ بأفاق الدراسة بعد البكالوريا، ويتم التنسيق مع مختلف المؤسسات الجامعية والمعاهد والمدارس الوطنية العليا المتنوعة والمؤسسات المهنية التي تعتبر رافدا مستقطبا لتلامذة جهة العيون الساقية الحمراء، والسعي إلى تحقيق جملة من الأهداف لكسب رهانات التوجيه المدرسي والمهني”، يسجل المسؤول التربوي، قبل أن يذكر أن “من بين الأهداف، التنزيل الجهوي لبرنامج عمل الوزارة الملتزم به أمام الملك محمد السادس، والهادف إلى تحقيق الملاءمة بين التكوين والتشغيل، إلى جانب ترسيخ مقتضيات القانون الإطار وما تضمنته الرؤية الاستراتيجية الرامية إلى إرساء نظام ناجع للتوجيه المدرسي والمهني ومقتضيات النموذج التنموي الجديد، وخاصة ما يتعلق بتوطيد وتجويد العمل بالمشروع الشخصي للمتعلم، والارتقاء بالوظيفة التوجيهية لكافة المتدخلين في العملية التوجيهية ابتداء من المؤسسات التعليمية ومرورا بكافة البنيات الإدارية والمهنية المهيكلة للمسار الدراسي للتلميذ، بحيث يعتبر المشروع الشخصي للمتعلم محورا رئيسيا لعملية التوجيه”.
واسترسل المتحدث بأن “مستشاري التوجيه يعملون بصفة مهنية عالية وفق برنامج سنوي على زيارة المؤسسات التعليمية، وتحقيق مفهوم القرب من التلاميذ، وإجراء مقابلات للتوجيه لمرحلة ما بعد الباكلوريا، كما تتدخل الأكاديمية من خلال شراكاتها لدعم التلاميذ المتميزين للالتحاق بالمؤسسات ذات الاستقطاب المحدود كالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير E.N.C.G ، وكلية الطب والصيدلة وطب الأسنان”.
تأمين محطة الامتحانات
ومن أجل تأمين امتحانات البكالوريا لهذه الدورة العادية، أشار مدير الأكاديمية الجهوية إلى أنه “تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها تشكيل لجان جهوية على مستوى المديريات الإقليمية الأربع والتنسيق مع السلطات العمومية من خلال القيام بزيارات ميدانية تفقدية لجميع مراكز الإجراء، والوقوف على الوضعية الراهنة لهذه المراكز وعلى الحالة المادية لتجهيزاتها ومدى توفرها على الشروط الضرورية للإجراء، والوقوف على مدى توفر المتطلبات الخاصة بشروط الحفظ المؤمن للمواضيع وأوراق التصحيح والسلامة في تنظيم العمليات الامتحانية (أنظمة المراقبة الدائمة بالكاميرات، القاعات المحصنة، تجهيزات إطفاء الحريق…)”.
ونبه كريطا إلى تهيئة مجموعة من المرافق الضرورية (القاعات، الفضاءات المخصصة لتسلم الأظرفة وأوراق التحرير، مكتب رئيس المركز…)، عبر توفير العتاد المعلوماتي (الربط بشبكة الإنترنت والتجهيزات وتوفير المستلزمات المعلوماتية)، التجهيزات المكتبية (التجهيزات واللوازم المكتبية المتعلقة بالطبع، الاستنساخ…)، ولائحة إحصائية للموارد البشرية المكلفة بالامتحانات.
واستغل المسؤول الأول عن قطاع التعليم بالجهة المناسبة لدعوة الجميع، من خلال المنبر الإعلامي هسبريس، إلى التعاون، كل من موقعه ومسؤوليته، لتمر هذه الامتحانات في ظروف جيدة، كما نوه بـ “التعبئة الجماعية والانخراط اللامشروط في جميع مراحل الإعداد والتحضير لهذا الاستحقاق الوطني الهام”.