نقطة حوار – لماذا يتحرك الشارع الغربي لوقف حرب غزة ويبقى العربي ساكنا؟
شهدت العديد من العواصم الغربية، السبت 8 من يونيو/حزيران، مظاهرات مطالبة بوقف الحرب الدائرة في غزة.
وتظاهر آلاف الأمريكيين أمام البيت الأبيض، في العاصمة واشنطن، لمطالبة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بوقف دعم إسرائيل. وردد المتظاهرون شعارات مؤيدة للفلسطينيين، مع وصف ما يجري في غزة بـ “الإبادة الجماعية”.
كذلك شهدت العاصمة البريطانية، لندن، مظاهرة ضخمة طالبت الحكومة البريطانية بوقف تسليح إسرائيل، وبالوقف الفوري للحرب الدائرة في غزة. كذلك، رفع المتظاهرات لافتات تصف ما يجري في غزة بـ “الإبادة الجماعية”.
ولم يختلف الوضع كثيرا في العاصمة الفرنسية، باريس، والألمانية، بارين، حيث نُظمت مظاهرات منددة باستمرار الحرب في قطاع غزة.
أسبوعا بعد أسبوع، تمتلئ شوارع العواصم الغربية بآلاف المتظاهرين، الرافضين لاستمرار الحرب في غزة، ويبدو هؤلاء وكأن اليأس لم يجد إلى أنفسهم سبيلا، فهم في هتافاتهم وإصرارهم على الحضور، لم يتغيروا منذ بدأوا حملتهم مع بداية الحرب، لكن مشهد الشارع الغربي، يأتي في وقت يبدو فيه الشارع العربي هادئا، لا يعرف الاحتجاج إليه سبيلا، رغم أنه يفترض أن يكون الأقرب وجدانيا وجغرافيا لغزة، وما يحدث فيها.
وعلى نفس النسق، يمكن المقارنة في جانب آخر، فحركات الاحتجاج ضد استمرار الحرب في غزة، والتي تشهدها الجامعات الأمريكية، لم تعرف الهدوء منذ بدأت، وفي الوقت الذي سرت فيه فكرتها وأدواتها، إلى جامعات أوربية عديدة، فإنها على ما يبدو لم تجد سبيلا للجامعات العربية، التي لا يزال الهدوء فيها سيد الموقف، رغم الغضب الذي يظهره الناس على فضاء التواصل الاجتماعي.
سؤال وإجابات
سؤال كبير تطرحه المقارنة بين الحالتين، وهو لماذا يبدو المشهدان على طرفي النقيض؟ أو بصورة أدق، لماذا يبدو الشارع العربي مستكينا هادئا؟ رغم أن قضية الحرب في غزة، هي الأقرب إليه من حيث الجغرافيا، ومن حيث الانتماء.
الإجابة البديهية، التي قد تتوارد لذهن أي مواطن عربي، على هذا السؤال الرئيسي، هي أن القمع الذي تمارسه السلطات العربية، هو السبب الأساسي في إحجام أي مواطن عربي، سواء كان على مستوى الطلاب أو العمال، أو غيرهم عن الخروج أو الاحتجاج، ويعتبر كثيرون من مؤيدي هذا الطرح، أن التاريخ الطويل من قمع الأجهزة الأمنية للمواطنين العرب، حول الشعوب إلى شعوب مسلوبة الإرادة لا تستطيع الدفاع عن قضاياها.
غير أن دارسين مختصين، يرون أنه ورغم عدم نفي الوجود القوي والمؤثر للقمع، في منع المواطنين العرب، سواء كانوا طلابا أو غير طلاب من الاحتجاج، فإن هناك عوامل أخرى، لا يمكن إغفالها، عند المقارنة بين الشارعين الغربي والعربي، فيما يتعلق بالحراك ضد الحرب في غزة، ويعتبر هؤلاء، أن هناك اختلافات أساسية فيما يتعلق بالبنية الديمقراطية، بين المجتمعين الغربي والعربي.
فالمواطن الغربي برأيهم، تربى على اعتناق قيم كونية كبرى، منها الدفاع عن الحرية والمساواة، وهو وفقا لما تلقاه من تربية وقيم، مستعد لدفع أثمان حتى وإن كانت باهظة، في مجال الدفاع عنها، وقد بدا واضحا في صدارة مشهد الاحتجاج الغربي، ذلك الحراك المستميت لطلاب الجامعات الأمريكية، الذين ورغم أنهم دفعوا ويدفعون، أثمانا باهظة مقابل مواقفهم، المطالبة بوقف الحرب في غزة، فإنهم لا يزالون يصرون بكل الطرق على مواصلة التحرك.
بجانب ذلك يعتبر مراقبون، أن المجتمعات العربية، تعرضت وما تزال تتعرض، لعمليات غسيل مخ متواصل، من قبل الأنظمة الرسمية العربية، اُستخدمت فيها وسائل الإعلام، لإقناع الناس بالانكفاء على مصلحتهم الشخصية الداخلية، وبأن الخروج للمطالبة بوقف الحرب في غزة لن يفيدهم، بجانب تصوير الخروج إلى الشارع من أجل التظاهر والاحتجاج، على أنه يقترب من كونه جريمة في حق الوطن، وقد استخدم الدين بنظر هؤلاء على مدار سنين طويلة لإقناع الناس بإطاعة ولي الأمر وعدم الخروج عما يقول.
مخاوف على الداخل
وعلى مدار سنوات طويلة، نجحت الأنظمة العربية، في استغلال القضية الفلسطينية وتداعياتها، في التنفيس عن مواطنيها من احتقان داخلي، لكنها كانت دوما تهندس ذلك بصورة محكمة، بحيث لا يخرج الأمر عن السيطرة، وكما يقول مراقبون فإن الخشية الدائمة، لدى تلك الأنظمة، هي أن تأخذ أية احتجاجات تتعلق بالقضية الفلسطينية منحى آخر، في ظل ظروف داخلية متردية لتنقلب إلى احتجاجات ضد النظام.
وكانت موجة الاحتجاجات الداعمة لغزة، والتي شهدتها بعض البلدان العربية مع بداية حرب غزة الحالية، قد ذكرت كثيرين بموجة احتجاجات الربيع العربي، ودفعت البعض إلى التنبؤ بتكرار السيناريو، في حالة استمرت تلك الاحتجاجات، غير أن الأنظمة العربية على ما يبدو، فطنت إلى ذلك جيدا، وعملت قدر جهدها على محاصرة أي تظاهرات مؤيدة لغزة، ووضعها في أضيق نطاق.
وكانت الحكومة المصرية قد سمحت، في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023، بتنظيم مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، لكن وفق شروط صارمة جدا، وفي أماكن قامت بتحديدها مسبقا، متخلية بذلك عن حظر تفرضه بصورة دائمة على أي نوع من المظاهرات.
وقد حظيت تلك المظاهرات في ذلك الوقت، بقدر كبير من التندر، إذ أشار البعض إلى أنها تمت برعاية الدولة، كما تحدثوا عن نقل المتظاهرين، على متن حافلات، وأنهم طلب منهم ترديد هتافات مؤيدة لغزة، ومؤيدة للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في الوقت نفسه.
ولم تكن مصر هي البلد الوحيد الذي سُمح فيه بتنظيم “مظاهرات مرتبة” للتضامن مع غزة مع بداية الحرب الحالية، فقد شهدت دول عربية أخرى نفس السيناريو، مثل البحرين وتونس.
وتمثل الحالة التونسية وفق بعض المراقبين أيضا نموذجا لكيفية استغلال الموضوع الفلسطيني للتنفيس عن المواطنين في قضايا داخلية. ففي ظل وضع اقتصادي متأزم ومناخ حريات أكثر تأزما، يعتبر مراقبون أن الرئيس التونسي، قيس سعيد، سمح بالمظاهرات المتضامنة مع غزة ليصرف التونسيين عن قضاياهم الداخلية وليعزز شعبيته كرئيس صاحب مواقف قومية.
- لماذا يموج الشارع الغربي بالاحتجاجات المطالبة بوقف حرب غزة بينما يبدو الشارع العربي ساكنا؟
- كيف تقارنون بين الشارعين الغربي والعربي فيما يتعلق بالموقف من الحرب في غزة؟
- هل ترون أن القمع هو السبب الوحيد في إحجام الناس في العواصم العربية عن التظاهر من أجل غزة؟
- هل تتفقون مع من يقول بأن الأنظمة العربية تخشى من أن تتحول احتجاجات من أجل غزة إلى احتجاجات ضدها؟
- ما السبب الرئيسي بنظركم في عدم وجود حراك في الجامعات العربية من أجل غزة؟
- كيف ترون تمجيد وسائل إعلام عربية لحركة التظاهرات والاحتجاجات في المجتمعات الغربية بينما تمنع الأنظمة العربية التظاهر في بلدانها؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الإثنين 10 يونيو/ حزيران.
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar
يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
https://www.youtube.com/@bbcnewsarabic