أخبار العالم

رغم الحملات الأمنية الكثيفة .. عصابات تواصل نهب جيوب الراغبين في الهجرة



بالرغم من الحملات الأمنية واسعة النطاق التي تشنها الأجهزة الأمنية، بتنسيق وثيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ورئاسة النيابة العامة، ضد شبكات الهجرة غير الشرعية على الصعيد الوطني، لا تزال هذه الظاهرة تشكل تحديا كبيرا، خاصة مع استمرار توافد الشباب على هذه الشبكات بحثا عن فرص عمل واعدة في الخارج، رغم مخاطرها الكبيرة.

ورغم الحملات المكثفة للأجهزة الأمنية لمكافحة شبكات الهجرة غير الشرعية، فإن هذه الشبكات الإجرامية لا تزال تحصد ضحايا جددا كل يوم، حيث ما زال الشباب يقعون فريسة لوعودها الكاذبة وممارساتها الاحتيالية.

وتستخدم شبكات الهجرة غير الشرعية مجموعة من الأساليب والطرق الاحتيالية والعنيفة لاستغلال المستضعفين الراغبين في الهجرة، حيث تقوم بخدعهم بوعود كاذبة مثل الحصول على فرص عمل وحياة كريمة بأوروبا، وبعد تأكدها من وقوع الضحايا في المصيدة تقوم بسلبهم مبالغ مالية كبيرة وتختفي عن الأنظار، وأحيانا تعرّض بعضهم للاعتداءات.

وعلاقة بالموضوع، تمكنت مصالح الأمن الوطني، بتنسيق وثيق مع مصالح الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني، من توقيف العشرات من الأشخاص المنتمين إلى شبكات الهجرة غير الشرعية بعدد من أقاليم جهة درعة تافيلالت، خاصة بتنغير وورزازات وزاكورة، منهم مواطنون عاديون ورجال أمن وعناصر من الدرك الملكي وأعوان للسلطة.

وحسب المعلومات التي وفرتها مصادر مسؤولة وقريبة من هذا الموضوع، فإن النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بتنغير أعطت تعليماتها للفرقة الجهوية للشرطة القضائية بورزازات بتعميق البحث في عدد من هذه القضايا، بتنسيق مع عناصر “الديستي”، وقد تم على إثر ذلك توقيف بعض المتورطين في شبكات الهجرة غير الشرعية، في انتظار الوصول إلى جميع المتورطين.

شهادات بعض ضحايا هذه الشبكات

خلال إعداد هذا التقرير الصحافي حول موضوع شبكات الهجرة غير الشرعية بالجنوب الشرقي للمغرب، تم التواصل مع عدد من ضحايا هذه الشبكة ممن سلبت منهم أموالهم غصبا بسبب وثوقهم بالوعود الكاذبة، ومنهم من تعرض للاعتداء الجسدي على يد هذه الشبكات في المغرب أو في حدود دول البلقان.

الشهادات المؤلمة تؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذه الظاهرة المأساوية، حيث إن الأجهزة الأمنية ورئاسة النيابة العامة مطالبتان بتكثيف الجهود لملاحقة شبكات الهجرة غير الشرعية على المستوى الوطني من أجل وضع حد لمثل هذه المشاكل التي تسبب آفات اجتماعية وإنسانية.

وأبرز عدد من ضحايا هذه الشبكات المشاكل التي تجعل الشباب يرغبون في الهجرة ويقعون ضحية الوعود الكاذبة لهذه العصابات، منها غياب فرص الشغل والفقر، ملتمسين معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية، من خلال تعزيز التنمية وخلق فرص الشغل لإنقاذ الشباب الذين يفكرون في الهجرة غير الشرعية من فخ العصابات والشبكات الإجرامية.

محمد تعرض قبل سنتين للنصب والاحتيال من طرف شبكة للهجرة غير الشرعية، حيث أكد أنه سلم لأحد سماسرة هذه الشبكة مبلغا ماليا يناهز 80 ألف درهم، فوعده بأنه سيتوصل بعقد عمل بكندا، لكن بعد شهور تم تغيير الأرقام الهاتفية، فتأكد محمد أنه سقط ضحية نصب واحتيال، فتقدم بشكاية مباشرة إلى النيابة العامة، التي أمرت الأمن بالبحث وتوقيف السمسار وباقي أعضاء الشبكة.

ضحية آخر يدعى حسن، قال: “كنت بدوري من ضحايا مثل هذه الشبكات، حيث سلمت قبل أشهر أحد الوسطاء مبلغا ماليا مهما مقابل أن يوفر لي عقد عمل بالخارج”، مضيفا “لكن بعد أيام سمعت أن الوسيط تم توقيفه رفقة آخرين، بتعليمات من وكيل الملك بمحكمة تنغير، فتقدمت بشكاية ضده”.

نعيمة أم لأحد الضحايا أكدت بدورها أنها تعيش وضعا اجتماعيا هشا، مضيقة “سمع ابني أن هناك شخصا موثوقا به يقوم بالتوسط للشباب لتوفير عقود عمل بالخارج بمقابل مالي، فقمت بجمع المبلغ المتفق عليه وتسليمه للوسيط على أساس أن يمكن ابني من عقد عمل في غضون شهرين، لكن عرفنا مصير أموالنا ولم نعرف الطريق الذي سلكه النصاب إلى أن سقط في قبضة الأمن، فقمنا بدورنا بوضع شكاية”. وتساءلت: بِم ستنفع الشكاية الضحايا؟، داعية الشباب إلى عدم تسليم أموالهم لأي أحد يعدهم بعقود عمل بالخارج، مؤكدة أن ذلك فخ ومحاولة للنصب والاحتيال.

الجانب القانوني

الحسين الغربي، الباحث المهتم بمجال الهجرة غير الشرعية بمراكش، قال إن “مكافحة هذه الظاهرة تتطلب جهودا متضافرة على الصعيدين الأمني والإنساني”، مضيفا “يجب تعزيز التنسيق الدولي لضبط هذه الشبكات وتفكيكها، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية مثل الفقر والبطالة”.

وأشار المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن حماية حقوق هؤلاء الضحايا هي مسؤولية مشتركة، بدءا بتوفير بدائل أفضل لهم في بلدهم الأصلي من شأنها أن تسهم في الحد من استغلال هؤلاء الضعفاء من قبل عصابات التهريب، مبرزا أن القضاء على هذه الآفة يتطلب التكامل بين الجهود الأمنية والإنسانية بما يحفظ كرامة هؤلاء الضحايا ويحميهم من براثن عصابات الإجرام المنظم.

وفي هذا الصدد دعا الغربي المشرع المغربي إلى ضرورة إجراء تعديلات في القانون الجنائي، خاصة ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، مضيفا أن أعضاء الشبكة والوسطاء وكل من له علاقة بالقضية لا يجب متابعتهم بجنح فقط، بل بجناية الاتجار بالبشر لكونهم يستغلون ضعف الضحايا ويسلبون أموالهم مقابل وعود وهمية.

وسجل أن عددا من المعتقلين على خلفيات شبكات الهجرة غير الشرعية تمت متابعتهم مؤخرا بالنصب والاحتيال والمشاركة في ذلك، ملتمسا تحريك فصول متابعة جنائية أو على الأقل إصدار أحكام قضائية قصوى من أجل جعلهم عبرة لمن يعتبر، مؤكدا على ضرورة مراجعة بعض القوانين الحالية، وجعلها أكثر صرامة لمواجهة مثل هذه العصابات والشبكات الإجرامية.

مستجدات القضية

مصادر مطلعة كشفت لهسبريس أن النيابة العامة بمحكمة تنغير قررت فتح مجموعة من الملفات المتعلقة بالهجرة غير الشرعية، حيث سلمت بعض الملفات للمصالح الأمنية المختصة، خاصة الفرقة الجهوية للشرطة القضائية، بتنسيق مع عناصر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قصد توقيف جميع المتورطين والمشتبه بهم في قضية تتعلق بالهجرة غير الشرعية والمشاركة فيها.

وكشفت المصادر ذاتها أن الفرقة الجهوية للشرطة القضائية تستمع حاليا إلى عنصرين من الأمن الوطني بمدينة ورزازات للاشتباه بعلاقتهما بأحد المتهمين الرئيسيين في القضية، بالإضافة إلى استماع الوكيل العام للملك بورزازات إلى عنصرين من جهاز الدرك الملكي بسكورة (لكونهما من ذوي الصفة الضبطية)، إضافة إلى اعتقال عنصرين من الأمن الوطني وإيداعهما السجن المحلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى