مدن المغرب تتحول إلى أسواق للأضاحي
مع حلول شهر ذي الحجة، الذي يمثل العاشر منه موعد عيد الأضحى المبارك، تنخرط غالبية الأسر المغربية في الاستعداد المكثف لإحياء هذه الشعيرة الدينية، وسط تحديات كبيرة يفرضها غلاء أسعار الأضاحي هذا العام.
وتصبح الأسواق الأسبوعية والفضاءات المخصصة لبيع الأضاحي في مختلف مدن المملكة، سوقا مفتوحة إلى ليلة العيد، وذلك من أجل تمكين المواطنين من شراء الأضاحي في الوقت المناسب لهم.
وأمام الوضع الموسوم بالغلاء طيلة الأيام والأسابيع الماضية، لا تبدو أي مؤشرات على إمكانية تراجع الأسعار كما يتمنى غالبية المغاربة، حيث يصر “الكسابة” و”الشناقة” على الاحتفاظ بالأسعار المرتفعة، إن لم يستغلوا الإقبال المتزايد على شراء الأضاحي في الأيام المقبلة للرفع منها أكثر.
وأظهرت نتائج بحث ميداني أنجزته وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات حول عيد الأضحى الماضي، أن 49 في المائة من المواطنين يقتنون الأضحية خلال فترة تتراوح بين 3 و7 أيام قبل عيد الأضحى، فيما يقتني 24 في المائة الأضحية قبل يوم أو يومين، و27 في المائة يقتنونها قبل أكثر من أسبوع، وهو المعطى الذي يعزز تنبؤات ارتفاع الإقبال على السوق في الأيام المقبلة.
رشيد بلعربي، واحد من الفلاحين بمنطقة الغرب يمتهن تربية الغنم، يواصل بجد منح العلف اللازم للقطيع الذي يستعد لعرضه للبيع في الأيام المقبلة، وكله أمل أن يحقق دخلا محترما يعوضه عن أشهر طويلة من التعب والمعاناة من أجل تأمين العلف.
بلعربي قال في اتصال مع هسبريس: “لدي 25 رأسا سأدخلها إلى السوق على دفعات في الأيام المقبلة”، وأضاف: “نتأسف للمواطنين على الغلاء، لكن الله يْحسنْ العونْ للجميع، حتى حْنا الفلاحة مضْرورينْ بالجفاف”.
وتابع الكساب ذاته موضحا: “كل شيء ارتفع ثمنه، العلف والتبن والفصة وغيرها، معاناة كبيرة عشناها من أجل أن نصل بالقطيع إلى هذه المرحلة من السنة والجودة اللازمة”، معتبرا أن الدعم الذي خصصته الحكومة لـ”استيراد الأغنام من الخارج نحن أولى به، والله يْهدي عْلينا المسؤولين”.
رغم الغلاء والحديث المتزايد بشأنه، هناك من المغاربة من يختار التريث وانتظار اليومين الأخيرين لشراء الأضحية، مراهنين على إمكانية انهيار الأسعار بسبب وفرة العرض وعدم رغبة “الكسابة” والفلاحين بالاحتفاظ بالرؤوس إلى ما بعد العيد.
سعيد الخاوة، واحد من المغاربة الذين التقت بهم هسبريس وسط مدينة القنيطرة وسألته عن موعده المفضل لاقتناء أضحية العيد، فرد: “لا أشتري الأضحية إلا قبل يوم أو يومين من العيد”، معتبرا أن هذا الأمر فيه نوع من المغامرة، إلا أنه يفضلها.
وقال الرجل الخمسيني: “إما أشتري بسعر أعلى بـ500 درهم أو أقل بمثلها”، مؤكدا أنه دأب على هذه الحال منذ سنوات ورغم الكلام الكثير عن الغلاء “لن أغير عادتي”، معتبرا أن المغاربة يواجهون صعوبة في تأمين الأضحية بسبب الأسعار الملتهبة.
وأشار الخاوة إلى أن عيد الأضحى “سنة مؤكدة، لي معنْدوشْ مخصوشْ يْكلفْ على راسو لشرائها، لكن مع الأسف تغيرت الأمور وأصبحت العادات والمظاهر هي التي تحكم المجتمع وتفرض المعاناة على الكثير من الأسر في هذه المناسبة السعيدة”، وفق رأيه.