أخبار العالم

الانتخابات الأوروبية .. قضايا الهجرة والاندماج تحسم أصوات المغاربة المُجنسين



تحظى انتخابات البرلمان الأوروبي، التي انطلقت أمس الخميس بهولندا وتستمر إلى غاية التاسع من الشهر الجاري لتشمل باقي الدول الأوروبية، باهتمام كبير من الناخبين الأوروبيين الذين يتوقع أن يتوجه حوالي 360 مليونا منهم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 720 نائبا في البرلمان الذي يتخذ من ستراسبورغ مقرا له، خاصة في ظل الملفات الكبرى المطروحة اليوم على الساحة الأوروبية وسط توقعات باكتساح اليمين المتطرف لهذه الانتخابات.

وتحظى هذه الانتخابات أيضا باهتمام من طرف الجاليات المسلمة في أوروبا والحاملة لجنسيات أوروبية، على غرار الجالية المغربية التي تتنافس الأحزاب السياسية في استمالتها إيمانا بقدرتها على حسم العشرات من المقاعد البرلمانية لصالح هذا التنظيم السياسي أو ذاك، فيما يظل السلوك الانتخابي لمغاربة أوروبا المؤهلين للتصويت محكوما، حسب مهتمين، بمجموعة من المحددات؛ أبرزها مواقف الأحزاب المرشحة من قضايا ذات أهمية كبرى بالنسبة لهم، على غرار الهجرة وإدماج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية.

مواقف معتدلة

البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، قال إن “انتخابات البرلمان الأوروبي تنظم في ظل وضع جيو-سياسي قاري ودولي مأزوم مرتبط بتصاعد المخاطر المؤثرة على الأمن الأوروبي الجماعي نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وتصاعد موجات الهجرة، والأزمات المرتبطة بذلك، إضافة إلى تنامي الخطاب اليميني المتطرف وتراجع معدلات النمو الاقتصادي والتهديدات المناخية”.

وأضاف البراق، في تصريح لهسبريس، أن “كل هذه العوامل مجتمعة تدفع الناخب الأوروبي إلى المراهنة على التوجه اليميني المتطرف الذي يدعو إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في العديد من الملفات الخلافية، كملف الهجرة واللجوء، ومدى نجاعة الإجراءات الاقتصادية التي تنعكس على المعيش اليومي داخل الفضاء الأوروبي”.

وتابع بأن “الجالية المغربية المستقرة داخل الاتحاد الأوروبي، من المتوقع أن تساهم في الانتخابات الأوروبية نظرًا لحضورها الكبير في المشهد السياسي، إذ من المرجح أن تتبنى مواقف أكثر اعتدالاً وقربًا من الأحزاب السياسية الأوروبية التي تنتهج سياسات وسطية وإيجابية في قضايا عديدة على جدول أعمال صانع القرار السياسي الأوروبي، وبشكل خاص ملفات الهجرة وضبط الحدود وسياسات الإدماج الاجتماعي”.

وأشار الخبير في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر إلى أن “مغاربة أوروبا سيدعمون السياسات الأكثر إنسانية وشمولية في معالجة قضايا الهجرة والاندماج كبديل عن السياسات المتشددة في مراقبة الحدود، حيث إن السلوك الانتخابي للجالية المغربية سيكون أكثر قربا إلى الأحزاب ذات السياسات التي تركز على تيسير عمليات الهجرة القانونية، وتعزيز برامج الدمج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين، والانفتاح أكثر في العلاقات الخارجية مع دول جنوب المتوسط”.

وسجل البراق أن “ربط علاقات متميزة مع الجالية المغربية المقيمة في أوروبا من خلال الانفتاح المباشر بين مؤسسات الحكامة الوطنية والجمعيات المدنية، يُعد المدخل الأساسي لتوجيه هذه الجالية انتخابياً بما يضمن حماية المصالح والقضايا الوطنية المغربية في الفضاء الأوروبي”.

قضايا هامة

جواد القسمي، باحث في الشؤون السياسية والدولية، قال إن “الانتخابات الأوروبية لهذه السنة تثير الكثير من الجدل، خاصة في ظل ارتفاع أسهم أحزاب اليمين المتطرف في الكثير من استطلاعات الرأي، مع احتمال نيل غالبية المقاعد في البرلمان الأوروبي، الذي إن حدث سيكون سابقة في تاريخ المؤسسة التشريعية الأوروبية”.

وأوضح القسمي، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “اهتمام التيارات اليمينية غير المسبوق بالبرلمان الأوروبي في كل أرجاء أوروبا، راجع بالأساس إلى دوره في تشكيل المفوضية الأوروبية، وصلاحياته التشريعية في قضايا مثل الهجرة والبيئة وغيرها من القضايا المهمة”، مسجلا أن “اليمين معروف بمواقفه المتطرفة من قضايا الهجرة والمهاجرين”.

وحول نوايا تصويت مغاربة أوروبا في هذه الاستحقاقات الأوروبية، توقع المتحدث أن “يكون هناك تصويت كثيف للمهاجرين بأوروبا، ومنهم المغاربة من مزدوجي الجنسية، لصالح الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية، لمحاولة سد الطريق عن اليمين الذي تظهر استطلاعات الرأي تقدمه في كل من فرنسا وإيطاليا والنمسا ودول أخرى، مما قد يؤثر على سياسة الاتحاد الأوروبي في قضية الهجرة والمناخ، كما سيؤثر على اختيار رئيس المفوضية الأوروبية الجديد”.

وزاد: “بالنسبة للمهاجرين عموما، ومنهم المغاربة، تبقى سياسات الهجرة وارتفاع تكاليف المعيشة والإقصاء الاجتماعي والصحة العامة والفقر وغيرها، قضايا هامة تحكم اختيارهم لهذا الحزب أو ذلك”، غير أنه من المتوقع أيضا أن “تواصل الأحزاب اليمينية التقدم في انتخابات البرلمان الأوروبي بنسب متفاوتة من دولة لأخرى، بالنظر إلى المشهد العام الذي يسود الشارع الأوروبي، ووفق استطلاعات الرأي التي زكت سلطة الأحزاب اليمينية في البرلمان الأوروبي، مما سيمنحها تأثيرا أكبر في وضع التشريعات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى