قصة مارسيلين لوو التي قرّرت البقاء في السودان
- Author, سماح دعقور
- Role, بي بي سي إكسترا
بعد مرور أكثر من عام على الحرب الدائرة في السودان، بين قوات الدعم السريع من جهة والجيش السوداني من جهة أخرى، تتواصل عزلة السودانيين عن العالم.
انقطاع الانترنت وشبكات الاتصال في أجزاء واسعة من البلاد، فاقمت من صعوبات السودانيين، وباتت تشكّل عائقاً أمام الراغبين في التواصل معهم.
في كل مرة كنت أتواصل فيها مع سودانيين في الداخل، كنت ألمس هذه المعاناة.
إجراء المكالمات الهاتفية يتطلب محاولات عدة، أما اتصالات الفيديو فمن المهام الأصعب، وتنتهي معظم الأحيان بالفشل. ذلك ما عقّد عملي في كثير من الأحيان، ويعقّد عمل أغلبية الصحافيين الذين يحاولون الحصول على معلومات عمّا يحدث داخل السودان.
تعرّفتُ على أمل بكري المعروفة بمارسيلين لوو، خلال بحثي عن قصص لشباب وشابات من السودان، للحديث معهم عن أوضاعهم الصعبة وتحدياتهم، بعد مرور أكثر من عام على الحرب.
محاولاتنا لتسجيل مقابلة مصورة عبر الانترنت باءت بالفشل مرات عدة. وكان الحل الوحيد أن تسجّل مارسيلين إجاباتها على أسئلتي بنفسها، وترسلها لي فيما بعد.
تحتوي هذه الصفحة على محتوى من موقع Google YouTube. موافقتكم مطلوبة قبل عرض أي مواد لأنها قد تتضمن ملفات ارتباط (كوكيز) وغيرها من الأدوات التقنية. قد تفضلون الاطلاع على سياسة ملفات الارتباط الخاصة بموقع Google YouTube وسياسة الخصوصية قبل الموافقة. لعرض المحتوى، اختر “موافقة وإكمال”
تحذير: بي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية المحتوى في موقع YouTube قد يتضمن إعلانات
نهاية YouTube مشاركة
تبلغ مارسيلين لوو من العمر خمسة وعشرين عاماً، وهي فنانة تشيكيلة وناشطة في المجتمع المدني.
بهذه العبارة افتتحت مارسيلين حديثها: “عملي هو وسيلتي للهروب من الحرب”.
تقول مارسيلين إنها تمضي معظم الوقت في العمل إذ يبعث فيها الأمل. مع بداية الحرب، عملت مارسيلين على مشروع لصالح إحدى المؤسسات الثقافية. اختارت المؤسسة 6 حكواتيات من 3 مدن مختلفة هي الدمازين والروصيرص وأقدي. ونظمت جلسات سرد في مدارس في المدن المختارة، حشدت الأمهات والأطفال للاستماع والمشاركة في هذه الجلسات.
عملت المؤسسة أيضاً على تحويل حكايا الجدات إلى قصص مصورة. كان الهدف من المشروع حفظ التراث الشعبي والميثولوجيا وتفعيل دور النساء في فترة الحرب المنهكة نفسياً، كما تصفها مارسيلين.
الحرب حاضرة في رسومات مارسيلين. “كفنانة تشكيلية عملت في الفترة الأخيرة على نشر ثقافة السلام”، تخبرنا.
وتسأل في إحدى رسوماتها عن الأكل والأمن والتعليم، أبسط الحقوق التي يفتقدها السودانيون اليوم. في وسط اللوحة عبارة بخط اليد تقول Stop War In Sudan” – أوقفوا الحرب في السودان”.
في رسمة أخرى تتحدث مارسيلين عن جرائم الاغتصاب التي تطال النساء في الحرب. تظهر شابة بفم مكمم من دون تفاصيل الوجه. ومكان العينين والأنف خطوط باردة. هاشتاغ #warcrimesagainstwomen أو جرائم الحرب ضد النساء يظهر في أسفل الرسمة.
في لوحة أخرى، يظهر شاب سوداني مقيداً بجنازير حديدية.
تقول مارسيلين إن هذا الشاب يمثل الشباب السودانيين الذين يعانون من الحرب وويلاتها. اللون الأصفر يرمز إلى النار التي تحرق البلاد ومعها تحترق أحلام الشباب ومستقبلهم. إلى جانب الشاب، هاتف محمول، نقرأ على الشاشة “لا خدمة/ السودان/ طرق آمنة للهجرة/ إلى أجل غير مسمى”، في إشارة إلى صعوبة الاتصال والتواصل إضافة إلى الهجرة والنزوح.
“كل قطعة مرايا مكسورة تجسد حياة فرد في حياة هذا الشاب”، توضح مارسيلين. أما العلم في أسفل اللوحة وعلى الرغم من أنه ممزق إلا أنه ما زال يرفرف، تقول لنا.
تركّز مارسيلين على تحديات النساء في الحرب من خلال عملها مع “وعي” وهي مبادرة نسوية تهدف للتوعية بالقضايا المجتمعية والسياسية والثقافية والحقوقية، في أوساط النساء والفتيات.
“وجدنا صعوبة في الوصول إلى أماكن تواجد بعض النساء، ووجدنا صعوبة أيضاً في التواصل معهنّ”، تقول مارسيلين.
“تفتقد النساء اليوم إلى موارد أساسية كالمأوى والمأكل والمشرب إضافة إلى فقدان العلاج والرعاية الطبية”، تخبرنا. “معظم النساء فقدن أوراقهن الثبوتية أثناء فرارهم من مكان إلى آخر خلا الحرب”، تضيف.
وتشير إلى توقف المراكز والخدمات التعليمية في البلد إضافة إلى انعدام الاستقرار ورداءة الوضع الأمني وتوقف المصارف عن العمل.
مارسيلين التي فكرت مع بداية الحرب بمغادرة السودان، لم تعد تفكر بذلك اليوم. “لا أفكر بالخروج من السودان سأبقى وسأواصل نشاطي وعملي”.