عروض فيسبوكية للهجرة السرية خلال العيد تطلق تحذيرات من عمليات النصب
انتشرت عروض للهجرة السرية قبل وبعد موعد عيد الأضحى انطلاقا من المغرب نحو إسبانيا عبر مجموعات فيسبوكية، وهو ما أطلق تحذيرات خبراء في مجال الهجرة من “الوقوع في عمليات للنصب”.
وعاينت هسبريس منشورات تقدم عروضا للهجرة السرية، أغلبها في الأيام التي تأتي بعد موعد عيد الأضحى، دون تحديد للمبلغ، في وقت يؤكد أصحابها أنها “جد مضمونة”.
وبحسب المصادر عينها، فقد رافقت عروض رحلات الهجرة السرية صور قوارب مائية، وأخرى لـ”جيت سكي” ( دراجات مائية)، في وقت حذرت تعليقات نشطاء من “الوقوع في عمليات النصب”.
وعلّق أحد النشطاء على هذه العروض قائلا: “كيف يمكن لعصابات الهجرة السرية أن تنشر عروضها في مواقع التواصل الاجتماعي وتعرّض نفسها لخطر المتابعة من قبل السلطات الأمنية؟ أعتقد أن هذه عملية نصب واضحة”.
وتتضمن بعض العروض أرقام خطوط هاتفية، وأخرى تقدم طرقا مبتكرة للهجرة عبر رحلات العبور “ليسكال” والهروب أو تقديم طلبات اللجوء في مطارات إسبانيا.
وظاهرة تقديم عروض الهجرة السرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليست بالموضوع الجديد في المغرب، إذ تعرف مجموعات فيسبوكية هذا النشاط بشكل مستمر في السنوات الأخيرة.
تحذيرات من الوقوع ضحية للنصب
حذر خالد مونا، خبير في قضايا الهجرة، من هذه العروض الفيسبوكية، إذ قال: “هي عمليات نصب واضحة، وتحويل صريح للهجرة السرية إلى سلعة مثل باقي السلع التي تباع في المناسبات”.
وتحدث مونا، في تصريح لهسبريس، عن وجود “مخيال مجتمعي” بأن الهجرة في أوقات الأعياد سهلة، غير أن الواقع يؤكد “جاهزية السلطات لصد ذلك، لأنها تعلمّت من الدروس السابقة، آخرها عيد رأس السنة”.
وأضاف أن الحديث عن تصاعد الهجرة في أوقات الأعياد “يجب أن ترافقه إحصائيات رسمية، وهي غائبة تماما، لا تؤكد ولا تنفي الظاهرة”.
ولفت مونا إلى أن الهجرة السرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، أصبحت بمنطق “استعراضي”، مبينا أن “هناك منشورات تدّعي القيام بعمليات للهجرة وتعتبر ذلك فخرا، وهي فقط تبيع الوهم للمتابعين”.
وفي يناير المنصرم، أعلنت وزارة الداخلية أن المغرب تمكن من إحباط 75.184 محاولة للهجرة غير الشرعية خلال سنة 2023، بارتفاع بنسبة 6 في المائة مقارنة بسنة 2022.
وأكد المصدر ذاته أن عمل شبكات الاتجار بالبشر لم يشهد أي تراجع؛ إذ تم تفكيك أكثر من 419 شبكة، بزيادة 44 في المائة مقارنة بسنة 2022، لافتا إلى أن هذه الشبكات تعمل باستمرار على تطوير استراتيجياتها وتجميع خدماتها وأنشطتها الإجرامية.
وفي يوم عيد الفطر المنصرم، أحبطت القوات العمومية على مستوى منطقة الخلوط القريبة من مدينة الفنيدق، عملية هجرة سرية نحو سبتة المحتلة قامت بها مجموعة مكونة من 200 مهاجر غير نظامي ينحدرون من دول جنوب الصحراء.
وحذّر أيضا عبد الحميد جمور، باحث متخصص في الهجرة والتنمية جنوب-جنوب، من هذه العروض الفيسبوكية، قائلا: “هي عمليات نصب لا غبار عليها”.
وأضاف جمور، في تصريح لهسبريس، أن “تقنيات المعلوميّات والاتصالات الجديدة ووسائل التواصل الاجتماعي وسّعت من هامش مناورات هذه الشبكات وصارت تغذي هجرة غير نظامية نحو السواحل الإسبانية”.
وأورد المتحدث أن العروض التي يمكن أن تطالع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي تنقسم إلى قسمين؛ فقد تكون “عمليات نصب بأسماء وهمية تهدف لاستدراج ضحايا في عمليات نصب مالية، ويمكن أن تكون فعلا توظيفا من قبل هذه الشبكات لتوسيع رقعة بحثها عن زبائن يريدون الهجرة سرا، من خلال نشاط الشبكات الإجرامية عبر الإنترنت والثغرات التكنولوجية التي تجد في مواقع التواصل الاجتماعي هذه”.
وأردف الخبير في مجال الهجرة بأن “أثر مثل هذه العروض أشد خطرا من المقاربة الكلاسيكية التي كانت تنهجها شبكات الهجرة غير النظامية، لكونها تدخل في نطاق الاستمرارية مادامت مواقع التواصل الاجتماعي لم تتدخل لحجب مثل هذه التدوينات والفيديوهات”.
وشدد جمور على أنه “يجب على السلطات المعنية أن تتحرك لكون مثل هذه الممارسات تمس فئات هشة، وكذا الأطفال والنساء، مما يعني شريحة تعاني الهشاشة والضعف اجتمعت فيها الشروط لتكون ضحية لشبكات الهجرة غير النظامية ويمكن أن تقع أيضا في شراك شبكات خطيرة للاتجار بالبشر”.