سياسة المغرب تجاه إفريقيا تزعج الجزائر .. وأوروبا تعزز الثقة في الرباط

في أبرز أوراقها السياسية التي تخص منطقة المغرب الكبير كشفت مؤسسة “فريديريش نومان ستايفتونغ” الألمانية أن “جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية جعلتا المغرب أقوى على المستوى الاقتصادي والدبلوماسي، بعدما بات من أبرز الاقتصادات الإفريقية إلى جانب حضوره على مستوى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بالقارة”.
وأورد تقرير المؤسسة الألمانية أن “الحرب الروسية الأوكرانية مكنت المغرب من ترسيخ نفسه كفاعل رئيسي في السلة الغذائية العالمية، في وقت يتوفر على 70 في المائة من الاحتياطي العالمي من الفوسفاط، إذ ظل في السابق محاولا تلبية الطلب العالمي على هذه المادة التي ارتفعت صادراته منها سنة 2021 بنسبة 59 في المائة”.
وأبرزت الوثيقة الفصلية التي رصدت بشكل شامل التنافس المغربي الجزائري بالمنطقة الإفريقية سياسيا واقتصاديا أن “المغرب تمكن من تجاوز التداعيات الاقتصادية للنزاع الروسي الأوكراني، إذ ظلت أسعار المواد الأساسية محاطة بالدعم العمومي، في وقت ظل حريصا على ضمان الأمن الغذائي الإفريقي ككل بانخراطه في حملة من الاستثمارات الموجهة جنوبا”.
كما لفت المصدر ذاته الانتباه إلى أنه “رغم تراجع الشراكات التقليدية مازال المغرب محافظا على مكانته بالمنطقة كأكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي الذي يظل بدوره أكبر مستثمر عالمي بالرباط، من خلال دعمه المتواصل والسخي لمشاريع التحول الطاقي التي انخرطت فيها المملكة؛ الأمر الذي تعزز بالتعاون مع واشنطن على المستوى السياسي”.
وعللت المنظمة الواقفة وراء إصدار هذا التقرير الثقة الأوروبية في المملكة بـ”استقرارها السياسي وميلها نحو الإصلاح، وتمكنها من اكتساب ثقل جيوسياسي بالمنطقة ساهم في غدوها شريكا لأوروبا في مجال الهجرة والأمن بدول جنوب البحر الأبيض المتوسط، حيث مازالت منخرطة في توفير ظروف إنسانية للاجئين القادمين من دول الجنوب”.
وفي وقت خصصت حيزا آخر لبسط الوضعية الاقتصادية للجزائر، عادت الوثيقة ذاتها إلى الإشارة إلى أن “المغرب بات يتجه صوب العمق الإفريقي بمزيج من المبادرات التنموية والاقتصادية والسياسية والدينية في ظل عودته إلى الاتحاد الإفريقي منذ سنة 2016، وتشبثه لعقود بدبلوماسيته الدينية مع الجنوب وتمسكه بالنموذج المغربي في التدين”.
وفي هذا الصدد أشار المصدر ذاته إلى أن “السياسة الخارجية المغربية تجاه إفريقيا باتت تقابَلُ بنوع من الريبة والعجز من طرف الجزائر التي أدركت أن نفوذها بإفريقيا بات مستمرا في طريق التآكل رغم تخلفه في الأساس”، مبينا أن “المملكة اقتحمت في إطار انفتاحها على العمق الإفريقي مجالات حيوية، بما فيها الزراعة عبر شراكات مع البنك الدولي واستثمارات مهمة يتم تنفيذها بالجنوب”.
كما أورد التقرير في ما يتعلق بالتحالفات والشراكات المغربية مع الخارج أن “الرباط رغم ميْلِها نحو الغرب إلا أنها حاولت تنويع شراكاتها وتوطيدها مع آسيا، بما فيها الصين، في وقت مازالت العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، خصوصا بعد دعمها للأقاليم الجنوبية للمملكة، واستمرارها في الشراكة مع واشنطن عسكريا، بما فيها مناورات الأسد الأفريقي وبروز دعوات لنقل مركز ‘أفريكوم’ من ألمانيا نحو المغرب”.