تربويون يعددون أسباب وانعكاسات الإقبال على الشعب العلمية في “الباك”

كشف شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، مطلع الأسبوع الجاري في مجلس النواب، أن 73 في المائة من المترشحات والمترشحين لاجتياز امتحانات نيل شهادة الباكالوريا المتمدرسين برسم هذا الموسم، يتابعون دراستهم بالشعب العلمية والتقنية، بينما 26 في المائة فقط بالشعب الأدبية والأصيلة، و1 في المائة بالشعب المهنية.
يطرح هذا التفاوت، وفق الخبراء التربويين، أسئلة عدة بشأن أسباب إقبال تلاميذ هذا المستوى التعليمي على الشعب العلمية والتقنية مقابل تراجع عدد المهتمين بالشعب الأدبية، فضلا عن انعكاسات هذا التفاوت إيجابا وسلباً في المستقبل.
يرى لحسن مادي، أستاذ التعليم العالي متخصص في علوم التربية، أن هذه الأرقام “تؤشر على تحول كبير في مجال التربية والتعليم وتكوين كفاءات المستقبل، موازاة مع مسير العالم نحو الاهتمام بالشعب العلمية والتقنية التي تستجيب لمتطلبات العصر”.
وأضاف مادي، ضمن تصريح لهسبريس، أن توجيه الآباء والأولياء يعد “أهم سبب لاختيار التلاميذ الشعب العلمية والتقنية التي تسمح لهم بولوج مدارس الطب والهندسة في المرحلة الجامعية”، مشددا على أن هذه الشعب تمكّن خريجيها من الإلمام بكيفية التعامل مع التكنولوجيات الحديثة، لا سيما تطبيقات الذكاء الاصطناعي، قبل أن يستدرك بأن “هذا لا يعني أن خريجي الشعب الأدبية لا يمكنهم الاشتغال في هذا المجال”.
وبعد أن نبّه إلى أن من بين أسباب تراجع الإقبال على الشعب الأدبية، “عدم الترحيب بخريجيها في سوق الشغل والمجال المقاولاتي”، أشار الخبير التربوي ذاته إلى أن هذا الأمر “سيطرح إشكالا في المستقبل يتعلّق بقلة الكتاب والأدباء المغاربة والمحاضرين باللغات العربية والأمازيغية والأجنبية”.
من جانبه، ذكر عبد الناصر ناجي، خبير تربوي رئيس مؤسسة “أماكن” لجودة التربية والتكوين، أن من بين أسباب هذا التفاوت الملحوظ، “ما أقره الميثاق الوطني للتربية والتكوين بشأن توجيه ثلثي التلامذة إلى الشعب العلمية والتقنية، الشيء الذي أدى إلى تغيير مسار منظومة التوجيه نحو هذا الاتجاه”.
من بين الأسباب أيضا، تطرق ناجي، في حديث لهسبريس، إلى “الربط المبالغ فيه للتعليم بسوق الشغل، مما يدفع التلامذة بضغط من أسرهم غالبا إلى الابتعاد عن الشعب الأدبية ظنا منهم أنها تفضي إلى البطالة”.
ولهذا التفاوت انعكاسات عدة، سلبية وايجبابية، أبرزها، وفق الخبير التربوي ذاته، “إحداث طبقية بين الشعب في المنظومة التربوية وما يترتب عنه من إحساس بالدونية من طرف المنتسبين إلى الشعب الأدبية، فضلا عن إنتاج-على المدى البعيد-طبقة تكنوقراطية تتحكم في الاقتصاد والسياسة على حساب إنتاج أهل الفكر والثقافة”.
أما الانعكاس الإيجابي المحتمل، حسب رئيس مؤسسة “أماكن” لجودة التربية والتكوين، فهو “تقوية النسيج الاقتصادي المبني على العلوم والتكنولوجيا”.